تُعد التهابات المسالك البولية (UTI) من أكثر المشكلات الصحية إزعاجاً وألماً، لكن بالنسبة لربع النساء اللاتي يصبن بها، لا تكون تجربة عابرة، بل بداية لدائرة مرهقة من الالتهابات المتكررة. فلماذا تعود هذه الالتهابات؟ وما هي أحدث التوصيات العلمية والطبية للوقاية منها وعلاجها؟ يسلط هذا التقرير الضوء على الأسباب الخفية ويقدم دليلاً شاملاً لحماية صحتك.
"المتكررة" و"المزمنة": ما الفرق؟
من المهم التمييز بين حالتين رئيسيتين:
الالتهابات المتكررة: تُعرّف طبياً بأنها الإصابة بالتهاب المسالك البولية مرتين على الأقل خلال ستة أشهر، أو ثلاث مرات خلال عام واحد.
الالتهابات المزمنة: وهي حالة يتزايد الوعي بها، حيث يعاني المصابون من أعراض التهاب المسالك البولية بشكل يومي ومستمر، حتى لو أظهرت الفحوصات التقليدية نتائج سلبية أحياناً.
لماذا تعود الالتهابات؟ السر في "الأغشية الحيوية"
أظهرت الأبحاث الحديثة أن البكتيريا المسببة للالتهاب قد تكون أذكى مما كنا نعتقد. ففي بعض الحالات، تتمكن البكتيريا من غزو بطانة المثانة والاختباء داخل خلايا الجسم.
والأخطر من ذلك، أنها تستطيع أن تلتصق بجدار المثانة وتشكل طبقة لزجة واقية حول نفسها تُعرف باسم "الغشاء الحيوي" (Biofilm). هذا الغشاء يعمل كدرع يحمي البكتيريا من جهاز المناعة في الجسم ومن المضادات الحيوية، مما يسمح لها بالبقاء كامنة ثم معاودة النشاط والتسبب في التهاب جديد.
دليل الوقاية: 7 نصائح أساسية من هيئة الصحة البريطانية (NHS)
تؤكد هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) أن اتباع عادات يومية بسيطة يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالالتهابات. وتشمل أهم النصائح:
التنشيف من الأمام إلى الخلف عند استخدام المرحاض لمنع انتقال البكتيريا.
الحفاظ على نظافة وجفاف المنطقة التناسلية.
شرب كميات كبيرة من السوائل، وخاصة الماء، لضمان التبول بانتظام وطرد البكتيريا.
غسل الجلد المحيط بالمهبل بالماء قبل وبعد ممارسة الجنس.
التبول في أسرع وقت ممكن بعد ممارسة الجنس.
تغيير الحفاضات أو فوط سلس البول المتسخة فوراً.
ارتداء ملابس داخلية قطنية تسمح بتهوية المنطقة.
أما بالنسبة لعصير التوت البري، فتشير الدراسات إلى وجود أدلة متباينة حول فعاليته، حيث أظهرت بعض الأبحاث فائدة محتملة في الوقاية، بينما لم تجد دراسات أخرى أي تأثير يُذكر.
عندما لا تكفي الوقاية: خيارات العلاج الطبي
بالنسبة للنساء اللاتي يعانين من التهابات متكررة، يوصي المعهد الوطني للتميز في الصحة والرعاية (NICE) في إنجلترا بعدة خيارات وقائية طبية، منها:
جرعات منخفضة من المضادات الحيوية يتم تناولها يومياً لفترة طويلة.
هرمون الإستروجين المهبلي (خاصة للنساء بعد انقطاع الطمث).
دواء ميثينامين هيبورات (وهو مطهر للبول وليس مضاداً حيوياً).
فجوة بحثية في صحة المرأة
وتؤكد الدكتورة "راجفيندر خاسريا"، وهي باحثة رائدة في هذا المجال، أن هناك حاجة ماسة لمزيد من الأبحاث. وتقول: "نعتقد أن هناك الكثير من المعلومات المفقودة بسبب نقص الأبحاث حول التهابات المسالك البولية. كما لا توجد أبحاث كافية حول صحة المرأة بشكل عام"، مما يترك الكثير من النساء يعانين في صمت.
0 تعليق