لم يكن مجرد حريق في منطقة حرجية نائية بمحافظة جرش، بل كان ستارة دخان لجريمة بشعة خطط لها قاتل بدم بارد ليتخلص من دين مالي.
فخلف النيران المشتعلة، كشفت الأجهزة الأمنية الأردنية عن لغز جثة محروقة، لتصل في تحقيق سريع إلى المشتبه به الذي اعترف بأنه قتل الشاب حمزة القادري، وأحرق جثته في محاولة يائسة لطمس معالم جريمته.
خلف ستار الدخان.. جثة في حفرة
بدأت القصة يوم الخميس الماضي، 18 سبتمبر، عندما تلقت مديرية شرطة جرش بلاغاً عن حريق في إحدى الغابات. وبعد أن أخمدت كوادر الدفاع المدني النيران، كانت المفاجأة الصادمة: العثور على جثة متفحمة داخل حفرة بعمق مترين.
وعلى الفور، شُكّل فريق تحقيقي خاص من البحث الجنائي وشرطة جرش. وجاءت الضربة الأولى من الطب الشرعي، حيث أكد تقرير التشريح أن الوفاة لم تكن بسبب الحريق، بل نتيجة الإصابة بعيار ناري، وأن الحرق كان محاولة لاحقة لإخفاء هوية الضحية وسبب الوفاة، مما حول القضية إلى تحقيق جنائي معقد.
آخر مهمة للمغدور.. خيط الجريمة
كان التحدي الأول أمام المحققين هو تحديد هوية الجثة. وبعد جهود حثيثة، تم التعرف على المغدور، وهو الشاب حمزة القادري.
وبدأ الفريق بتتبع آخر خطواته، وكشفت التحقيقات وجمع المعلومات أن حمزة كان قد ذهب في يوم اختفائه إلى شخص مدين بمبلغ مالي لصاحب العمل الذي يعمل لديه المغدور، وذلك بهدف تحصيل الدين، كان هذا هو الخيط الذي قاد مباشرة إلى المشتبه به.
الانهيار والاعتراف: قتل وحرق وخطة شيطانية
بعد إلقاء القبض على المشتبه به، انهار خلال التحقيق واعترف بكامل تفاصيل الجريمة، وأفاد بأنه، بهدف التهرب من سداد الدين، استدرج المغدور حمزة وقام بإطلاق النار عليه وقتله.
وفي محاولة لطمس جريمته، قام بنقل الجثة إلى منطقة حرجية نائية، ووضعها في حفرة، وأشعل فيها النار. كما اعترف بأنه كان قد أعد خطة شيطانية لإبعاد الشبهات، حيث كان ينوي إخبار صاحب العمل بأنه قام بتسديد الدين للمغدور، وأن الأخير غادر ولا يعلم وجهته.
وبناءً على اعترافاته، تم ضبط السلاح الناري المستخدم في الجريمة. وقرر مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى توقيف المتهم لمدة 15 يوماً قابلة للتجديد، موجهاً له تهمة القتل العمد.
موقف مشرف.. عائلة القادري تختار دولة القانون
وفي خضم مصابهم الجلل، أصدرت عائلة المغدور حمزة القادري بياناً حظي بتقدير واحترام واسعين في الأوساط الشعبية. وأشادت العائلة بكفاءة الأجهزة الأمنية في كشف الجريمة، مؤكدة "ثقتها المطلقة بالقضاء الأردني العادل والنزيه" ومطالبة بإنزال أشد العقوبات بحق القاتل.
والأهم من ذلك، شددت العائلة على أن القضية أصبحت في يد الدولة، معلنةً رفضها ونبذها القاطع لأي أعمال ثأر أو انتقام خارج إطار القانون، في موقف مشرف يعزز سيادة القانون ويمنع انزلاق المجتمع إلى دوامات العنف.
0 تعليق