أمجد ناصر.. طريق الشعر والنثر والسفر! - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتبت بديعة زيدان: 

 

تحت عنوان "أمجد ناصر: طريق الشعر والنثر والسفر"، نظمت مؤسسة عبد الحميد شومان في مقرها بالعاصمة الأردنية عمّان، أول من أمس، سلسلة جلسات في قرابة الخمس ساعات، لاستذكار الشاعر والكاتب الراحل أمجد ناصر، وكان رائداً في مجال الشعر والنثر العربي، وامتدت إسهاماته الفريدة في الشعر النثري العربي لأكثر من أربعة عقود. 
وقدمت الأوراق والمداخلات المقدمة تحليلات نقدية عميقة لتطور ناصر الشعري، وتجربته في الشعر النثري، وتأثيره على الأجيال اللاحقة من الكتاب العرب، مبرزة دوره في الربط بين الأشكال الشعرية العربية التقليدية والحريات التعبيرية الحديثة، مع تناول مواضيع الذاكرة والهوية والمنفى، كما حللت تطور ناصر من الصحافة السياسية الحادة إلى أسلوب نثري شخصي وشعري، واضعةً أعماله في سياقها الاجتماعي والسياسي والثقافي الأوسع، دون إغفال دوره في الثورة الفلسطينية، وخصوصية فلسطين وقضيها بالنسبة له إنساناً مناضلاً ومبدعاً، فيما سلطت الشهادات من معاصريه وأصدقائه وعائلته الضوء على رؤيته الثاقبة، وإرثه الأدبي، وتأثيره الثقافي الدائم في خضم الصراعات الإقليمية المستمرة.
في الجلسة الأولى قدّم الناقد السوري صبحي حديدي ورقة أكاديمية مفصلة سلطت الضوء على ثلاث "مغامرات" أو مخاطر رئيسية في شعر ناصر النثري: لتحرر من قواعد الشعر النثري اللبناني، وإحياء الموضوعات التاريخية الملحمية، ودمج السرد القصصي في الشعر، مُناقِشاً الصور الشعرية المعقدة والبنية التجريبية التي تميز لغة ناصر الشعرية، معتبراً أن هذه الابتكارات تمثل إنجازات مهمة في الشعر العربي الحديث.
واستكشف الأكاديمي د. زياد الزعبي مفهوم "الصورة" في شعر ناصر، الذي تجاوز الأساليب الأدبية التقليدية، لينتقل إلى فحص الذاكرة كموضوع أساسي، كاشفاً أيضاً عن تأرجح ناصر بين ماضيه البدوي وحاضره الحضري، مازجًا بين الذكريات الشخصية والجماعية.
وناقش الأكاديمي د. جمال مقابلة الأبعاد الميتاشعرية والوجودية في أعمال ناصر، مسلطاً الضوء على تأمله النقدي للذات في الشعر واللغة، في حين تحدث الدكتورة مها العتوم بالتفصيل عن مفهوم ناصر المتطور للشعر النثري، وتميزه عن شعر التفعيلة، مؤكدة على إسهاماته المبتكرة.
افتتحت الجلسة الثانية بتحليل الناقد فخري صالح لمجموعة ناصر الشعرية الأخيرة "مملكة آدم"، مستخدماً إطار مفهوم "الأسلوب الأخير" لإدوارد سعيد، حيث ربط بين تفسير سعيد للإبداع الفني في أواخر العمر وبين صوت ناصر الشعري الناضج، مسلطاً الضوء على التعقيد الأسلوبي والموضوعي الذي يميز أعماله الأخيرة.
وتناولت الأكاديمية  د. ليديا راشد تقنيات أمجد ناصر السردية ومواضيعه في النثر، خاصة في روايته "حيث لا تسقط الأمطار، مشيرة إلى استكشاف ناصر المعقد للهوية والمنفى والذاكرة الثقافية من خلال بنية سردية مجزأة والمزج بين أنواع أدبية متعددة، مثل السيرة الذاتية وأدب الرحلات والمذكرات، مشيرة إلى حالة التمرد لدى ناصر، الذي تخلى عن اسمه الحقيقي "يحيى عوض"، وهو ما ينسحب على الشخصية المحورية في الرواية.
وقدمت الأكاديمية د. قاطمة محسين دراسة علمية لإسهامات أمجد ناصر في أدب الرحلات والشعرية الثقافية، خاصة في كتابه "رحلة إلى بلاد ماركيز"، كما تناولت مزجه المبتكر بين الشعر والنثر والنقد، فيما تعمق الأكاديمي د. ليث الرواجفة  في الأبعاد الثقافية والأيديولوجية في شعر أمجد ناصر، مسلطاً الضوء على نقده متعدد الطبقات لهياكل السلطة، بما في ذلك الحداثة، والقومية، والسلطة الأبوية، والسلطة السياسية.
وفي الجلسة الثالثة قدّم الشاعر حسين جلعاد، ورقة حول جمالية المقال الصحفي عند أمجد ناصر، ما بين الشعر والموقف، فمقالاته فيها الكثير من خيارات الشعر الفنيّة في كتابته للمقال، وانحيازه للشخصي في كتابته عن العام، لاسيما عند حديثه عن تجربته في الثوررة الفلسطينية.
أما الروائي يحيى القيسي فتعمق في الجوانب الموضوعية والأسلوبية لأعمال ناصر، مع التركيز على هويته الفلسطينية، ومواقفه السياسية، وأشكاله الأدبية الهجينة التي تمزج بين الشعر والنثر والسرد، مبرزاً تناوله للقضايا السياسية العربية الكبرى، مثل فلسطين وسوريا، وتأملاته الشخصية في المرض والفناء. 
واتفق كل من جلعاد والقيسي على التقنية السردية التي استخدمها ناصر في مقالاته، وتدمج أنواعاً وأصواتاً متعددة، وعلى نثره الشعري الذي يقاوم الحدود التقليدية، ما يجعل أعماله مادة غنية للبحث الأكاديمي.
 وذهب الناقد والباحث د. محمد عبيد الله إلى الحديث عن تقنيات أمجد ناصر السردية والروائية، لاسيما "مظلة الذات"، لافتاً إلى أن هذا الشكل التصنيفي يصبغ مجمل كتابات أمجد ناصر السردية، لافتاً إلى أن ناصر، وفيما كتبه من أعمال نثرية ومن بينها كتابات الرحلة، مزج بين التخييل والواقع معاً، مدللاً على ذلك بعمله "خذ هذا الخاتم".
وانطلقت الجلسة الرابعة والأخيرة، بورقة للقاصة والأكاديمية د. أماني سليمان، ركزت فيها على تقنيات أمجد ناصر السردية والروائية، خاصة مفهومه عن السرد الشعري في رواية "هنا الوردة، مُبرزة كيف يمزج ناصر بين اللغة الشعرية والسرد الروائي، ليخلق شكلاً أدبياً فريداً يوازن بين الجمال الغنائي والتماسك السردي.
وقدم الأكاديمي د.عماد الضمور تحليلاً نقدياً للمواضيع التي تناولها أمجد ناصر، وهي الحرية، والمنفى، والهوية، وخاصة في أدب الرحلات وروايته السياسية، مؤكداً على استكشافه لخيبة أمل المثقف اليساري العربي وتشتت الذات في المنفى، والتي صورها في سرديات غنية بالتفاصيل.
بدورها قدمت الأكاديمية د. ليندا عبيد، ورقة حول الرؤية والتقنية الفنيّة في رواية ناصر الأولى "حيث لا تسقط المطار"، لافتة إلى أنه يدمج فيها بين السرد والتكثيف، وأن الشاعر داخله يتفلت فيها بأكثر من موقع، مقدماً ما يُوهم أنها سيرة ذاتية، لكنها تتكئ على ما أسماه بـ"القناع الروائي".
واختتمت الجلسة بمداخلة للأكاديمية د. نداء مشعل حول رواية "هنا الوردة"، اعتبارها استعارة سياسية وفلسفية للغياب والحضور، متناولة جدلية الثورة والجمود في العالم العربي.

 

0 تعليق