هل تشعل قاعدة باغرام صراعا جديدا بين أميركا وأفغانستان؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حين كتب المؤرخ والدبلوماسي البريطاني أرنولد توينبي ذات يوم "ضع نفسك في العراق، وسيتبين لك بوضوح أن نصف طرق العالم القديم تؤدي إلى حلب، والنصف الآخر يؤدي إلى باغرام"، لخص ببراعة موقع أفغانستان في قلب العالم القديم.

وبعد عقود من كلماته، أعاد الرئيس الأميركي ترامب استدعاء هذه الرمزية حين أعلن أن واشنطن تسعى لاستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

ففي مؤتمر صحفي رفقة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لندن يوم 18 سبتمبر/أيلول، قدّم ترامب حجته: باغرام تبعد ساعة واحدة فقط عن مصانع الصواريخ والأسلحة النووية في الصين، قاصدا بذلك موقع تجارب نووية في "لوب نور" بإقليم شنغيانغ قرب الحدود الصينية الأفغانية.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يطالب فيها ترامب باستعادة القاعدة، ففي مارس/آذار 2025، كرر طلبه متهِمًا إدارة سلفه بايدن بالتخلي عن أفغانستان وتسليم باغرام إلى الصين.

لم يقتصر الحديث عن باغرام على تصريحات ترامب وحده. فوزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث ركز بدوره على تجربة الانسحاب من كابل في عام 2021 باعتبارها اللحظة التي تحولت فيها أفغانستان إلى مرادف للإهانة والتراجع الأميركي.

" frameborder="0">

وفي كتابه "الحرب على المحاربين"، شدد على أن الولايات المتحدة فقدت 9 قواعد عسكرية، منها باغرام، وتركت وراءها مخزونًا عسكريًا هائلًا وقع في أيدي طالبان، وشمل 40 ألف مركبة عسكرية، بما فيها 12 ألف عربة همفي، 42 ألف قطعة من أجهزة الرؤية الليلية والمراقبة والقياسات الحيوية وتحديد المواقع، 300 ألف سلاح فردي، وعشرات الطائرات المروحية، 10 آلاف قنبلة جو-أرض.

وألقى هيغسيث باللوم على الجنرالات الذين يعملون بعد تقاعدهم في شركات صناعة الأسلحة، وزعم أنهم سيحصلون على مكافآت مالية مقابل تزويد الجيش الأميركي بأسلحة جديدة بدلا من التي فقدها بأفغانستان.

إعلان

وبهذا المعنى، تبرز باغرام في خطاب هيغسيث كرمز للهزيمة الميدانية، ودليل على انفصال المؤسسة العسكرية عن غاياتها التقليدية المتمثلة في القتال وسحق الأعداء.

أهمية القواعد العسكرية

يشدد "توينبي" على دور القواعد العسكرية في ترسيخ السيادة الإمبراطورية، ويعزو تدشين أولاها إلى روما التي اعتمدت على القلاع كمحطات إمداد لوجيستي وحفظ أمن طرق التجارة وإبراز القوة في مواجهة الخصوم.

وتوضح دراسة صادرة عن مركز أبحاث الكونغرس في عام 2024 بعنوان "القواعد الأميركية في الخارج" أن الولايات المتحدة بدأت مبكرًا في بناء شبكة من قواعد الدعم عابرة للحدود.

فمنذ أواخر القرن التاسع عشر استأجرت البحرية الأميركية محطات للتزود بالفحم في المكسيك 1869، وساموا 1878، وهاواي 1887، قبل أن تؤسس قواعد دائمة في الفلبين وجوام وخليج جوانتانامو عقب الحرب الإسبانية الأميركية عام 1898.

لاحقًا، جاء إنشاء قواعد في بنما لضمان أمن القناة الجديدة، ولكن لم تلعب القواعد العسكرية في الخارج دورًا رئيسيًا في الإستراتيجية الأميركية سوى بعد الحرب العالمية الثانية. يشير ديفيد فاين في كتابه "أمة القاعدة: كيف تُلحق القواعد العسكرية الأميركية في الخارج الضرر بأميركا والعالم؟" إلى لحظة مفصلية كثيرًا ما تُعامل كحدث ثانوي في تاريخ الحرب العالمية الثانية، بينما مثّلت بداية التحول الأميركي إلى قوة عسكرية عالمية.

U.S. President Donald Trump delivers remarks to U.S. troops in an unannounced visit to Bagram Air Base, Afghanistan, November 28, 2019. REUTERS/Tom Brenner
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء إلقاء كلمة أمام الجنود الأميركيين خلال زيارة مفاجئة إلى قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، في 28 نوفمبر/تشرين 2019 (رويترز)

ففي الثاني من سبتمبر/أيلول 1940، أبرم الرئيس فرانكلين روزفلت اتفاقًا مع بريطانيا، حصلت بموجبه لندن على خمسين مدمرة أميركية قديمة في مقابل منح واشنطن حق السيطرة على سلسلة من القواعد الجوية والبحرية في مستعمراتها الكاريبية.

وعُرف الاتفاق لاحقًا باسم "المدمرات مقابل القواعد"، ومنح الولايات المتحدة عقود إيجار تصل إلى 99 عامًا في جزر البهاما وجامايكا وسانت لوسيا وترينيداد وجويانا البريطانية وغيرها. وعكست مدة عقود الإيجار طموحات ترسيخ القوة العالمية للولايات المتحدة لقرنٍ قادم على الأقل.

مع اندلاع الحرب الباردة، توسّع الوجود الأميركي في أوروبا وشرق آسيا، وقام التفوق العسكري الأميركي على ما يسميه الإستراتيجيون "القدرة على الوصول" أي إبراز القوة بسرعة ودون عوائق عبر مساحات شاسعة وحيوية من العالم. هذه القدرة استندت إلى حجم وقوة الأسطول البحري ونوعية السلاح، وشبكة القواعد الممتدة خارج الأراضي الأميركية.

ففي هذه القواعد تُخزَّن المعدات العسكرية وتجري لها عمليات الصيانة في زمن السلم أو الحرب، وتتمركز القوات، ويتشكل الوعي بالنطاق الجغرافي الذي تغطيه القواعد العسكرية عبر شبكة الرادارات ومنظومات الإنذار المبكر، فضلا عن دورها في التصدي للتهديدات بواسطة أنظمة الدفاع الصاروخي، وتسهيل الاستجابة السريعة للأزمات أو حالات الطوارئ المفاجئة.

كما تشكل منطلقا للتدريب والتمارين المشتركة مع الحلفاء بما يعزز قابلية التشغيل البيني، ويقوي صورة التزام واشنطن بالدفاع عن حلفائها، ويمنع منافسي الولايات المتحدة من الوصول إلى مواقع ذات أهمية حيوية، ما يجعل تلك القواعد جزءًا من حسابات الردع الإستراتيجي.

إعلان

يُعرّف البنتاغون القاعدة بأنها أي أرض أو منشآت مملوكة أو مؤجّرة بأيّ شكل لفرع عسكريّ أو أيّ جهة أخرى تابعة لوزارة الحرب.

وبهذا المفهوم، تحظى القواعد بأحجام وأشكال متنوعة، من مواقع ضخمة في ألمانيا واليابان إلى منشآت رادار صغيرة في بورتوريكو. وتشمل موانئ ومطارات ومرافق إصلاح، ومناطق تدريب، ومنشآت أسلحة نووية، ومرافق اختبار صواريخ، وترسانات، ومستودعات، وثكنات، ومراكز تنصت واتصالات، وقواعد طائرات بدون طيار.

قاعدة باغرام

مع انهيار الاتحاد السوفياتي بدا أن القواعد العسكرية الأميركية في الخارج ستدخل مرحلة انكماش. فقد غابت القوة العظمى المنافسة، واعتبر صانعو القرار في واشنطن أن بصمة عسكرية أصغر تكفي لحماية البلاد، فأغلقوا عشرات القواعد من شمال الأطلسي إلى جنوب شرقي آسيا.

" frameborder="0">

لكن هذا الانكماش لم يدم طويلًا. فمع عودة روسيا إلى المشهد بعد غزوها شبه جزيرة القرم في عام 2014 ثم أوكرانيا 2022، تحركت واشنطن لإعادة تفعيل قواعدها القديمة في آيسلندا، ونشرت قوات في مواقع جديدة مثل بولندا.

وفي آسيا، أدى صعود الصين إلى إعادة صياغة الأولويات الأميركية، فتوسعت شبكة الوصول الأميركي إلى قواعد في أستراليا والفلبين وبابوا غينيا الجديدة، وتكثف الاستثمار في البنية التحتية العسكرية القائمة، وعادت القواعد العسكرية في الخارج من جديد لتصبح محورًا في إستراتيجية المنافسة بين القوى العظمى. وهنا يطل اسم قاعدة باغرام ضمن نقاش يتعلق بإعادة التموضع الأميركي في مواجهة بكين وموسكو.

تقع قاعدة باغرام الجوية في ولاية بروان الأفغانية، على مسافة تقارب خمسين كيلومترًا شمال العاصمة كابل. وبُنيت في خمسينيات القرن الماضي بالتعاون بين الحكومة الأفغانية والاتحاد السوفياتي، قبل أن تتحول خلال الغزو السوفياتي (1979–1989) إلى مركز رئيسي لعمليات الجيش الأحمر.

ومع دخول القوات الأميركية أفغانستان بعد 2001، أعيد توظيف القاعدة بوصفها القلب النابض للحرب ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة.

وفي مطلع 2005، أشار السيناتور جون ماكين خلال زيارة لكابل إلى أن إقامة قواعد أميركية دائمة سيصب في مصلحة واشنطن وأفغانستان معًا. وبعد أشهر قليلة، وقّع الرئيس جورج بوش الابن ونظيره الأفغاني حامد كرزاي إعلان الشراكة الإستراتيجية في مايو/أيار، مانحين القوات الأميركية حق الوصول المستمر إلى قاعدة باغرام الجوية ومرافقها، بالإضافة إلى مواقع أخرى تُحدد بالتفاهم بين الطرفين.

وبحلول 2007، رسخت باغرام دورها كأكبر قاعدة أميركية في أفغانستان، تتمركز فيها آلاف القوات الأميركية وقوات الناتو، إضافة إلى مئات الطائرات.

ورغم أن الناتو تولى مسؤولية العمليات في شرق أفغانستان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2006، فقد بقيت باغرام تحت القيادة الأميركية المباشرة، لتصبح مركزًا لوجيستيًا رئيسيًا للحرب. وإلى جانب دورها العملياتي، استُخدمت القاعدة أيضًا كمرفق احتجاز للمشتبه بانتمائهم إلى طالبان والقاعدة، ما أضاف إليها بعدًا أمنيًا وسياسيًا حساسًا.

شهدت باغرام استثمارات ضخمة من البنتاغون، شملت بناء مدرج جديد بطول 12 ألف قدم، قادر على استقبال الطائرات الثقيلة مثل "بوينغ 747".

BAGRAM, AFGHANISTAN - SEPTEMBER 5: An American F-16 fighter jet taxis down a runway at Bagram Air Field on September 5, 2017 in Bagram, Afghanistan. Currently the United States has about 11,000 troops in the deployed in Afghanistan, with a reported 4,000 more expected to arrive in the coming weeks. Last month, President Donald Trump announced his plan for Afghanistan which called for an increase in troop numbers and a new conditions-based approach to the war, getting rid of a timetable for the withdrawal of American forces in the country. (Photo by Andrew Renneisen/Getty Images)
طائرة مقاتلة أميركية من طراز إف-16 تقلع من مدرج مطار باغرام، في 5 سبتمبر/أيلول 2017 (غيتي)

وكانت حركة الطيران كثيفة إلى حد أن القاعدة سُجلت كأكثر المطارات ازدحامًا في أفغانستان، مع أكثر من 700 عملية يوميًا، أي ما يفوق 333 ألف إقلاع وهبوط سنويًا. وتوسعت مساحتها لتبلغ 30 ميلا مربعا، وضمت مطاعم ومرافق ترفيهية للجنود، ما جعلها أقرب إلى مدينة عسكرية متكاملة.

على مدى عشرين عامًا مثّلت باغرام مركزًا رئيسيًا لعمليات الناتو والولايات المتحدة، فانطلقت منها الطائرات المقاتلة وطائرات النقل والطائرات المسيّرة، ومنها جرى تنسيق الدعم الجوي للقوات البرية الأجنبية والأفغانية المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد. كما استُخدمت كمستودع ضخم للذخائر والمعدات، وجسر لوجيستي يصل أفغانستان بالقواعد الأميركية في الخليج وآسيا الوسطى.

إعلان

وارتبطت بها أيضًا رمزية خاصة لدى الجنود الأميركيين، إذ كانت أول ما يرونه عند الوصول، وآخر ما يغادرونه عند العودة، وفيها أُقيمت مراسم وداع قتلى الحرب قبل إعادتهم إلى الوطن.

وحين قررت واشنطن الانسحاب من أفغانستان، جاءت نهاية الوجود الأميركي في باغرام على نحو صامت ومربك. ففي ليلة 2 يوليو/تموز 2021، غادرت آخر القوات الأميركية القاعدة دون إبلاغ القادة الأفغان، تاركة وراءها القاعدة مظلمة بعد أن قُطعت عنها الكهرباء. وتسلل اللصوص إلى الداخل لبضع ساعات قبل أن تستعيدها القوات المحلية. وبذلك انتهت باغرام كأحد أهم رموز الحرب الأميركية بمشهد ارتجالي حمل في طياته دلالة الهزيمة أكثر من الانسحاب المنظم.

معضلة السيادة

غالبًا ما تُقدَّم القواعد الأميركية في الخارج باعتبارها ثمرة تفاهمات دبلوماسية ثنائية، حيث تمنح الدولة المضيفة حقوقًا تشغيلية واسعة لواشنطن، تمتد من التحكم في الدخول والخروج إلى إعفاء القاعدة من الولاية القضائية المحلية، ما يجعل القاعدة أقرب إلى مساحة سيادية أميركية على أرض أجنبية.

" frameborder="0">

لكن المفارقة تبرز عند المقارنة: ما الذي كان سيحدث لو بنت إيران أو الصين قاعدة عسكرية في المكسيك أو كندا؟ هنا يتضح أن ما يُقدَّم كأمر طبيعي وربما كحق مكتسب في السياسة الأميركية، يُقرأ كتهديد وجودي حين يُعكس المشهد، وتبرز أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 كمثال جلي على هذه الحساسية حيث رفضت واشنطن وجود صواريخ نووية سوفياتية على بُعد نحو تسعين ميلاً من الحدود الأميركية، وكاد غضبها أن يؤدي إلى حرب مع السوفياتيين.

ورغم أن وزارة الحرب الأميركية تدير اليوم ما لا يقل عن 128 قاعدة عسكرية خارجية في 51 دولة بحسب مركز أبحاث الكونغرس، فإن الرئيس ترامب يصرّ على المطالبة باستعادة قاعدة باغرام الجوية، وملوّحًا بالتهديد بأن "أمورًا سيئة ستحدث إذا لم تُعد أفغانستان القاعدة إلى من بنوها"، ومضيفا "لقد منحناهم إياها بلا مقابل، ونحن نحاول استعادتها لأنهم يحتاجون منا إلى أشياء".

ويقصد ترامب بذلك حاجة حكومة طالبان للاعتراف الدولي، وتطلعها إلى استعادة مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة الذي لا يزال بيد الحكومة السابقة، فضلا عن الإفراج عن نحو 7 مليارات دولار من الأصول الأفغانية المجمّدة في الولايات المتحدة، وهو مبلغ ضخم يحتاجه الاقتصاد الأفغاني المحاصر.

تعكس عودة باغرام إلى واجهة الخطاب السياسي الأميركي، أن واشنطن لا تزال ترى في أفغانستان موقعًا حاسمًا ضمن معادلة الأمن والنقل في أوراسيا، في وقت تتسع فيه دوائر نفوذ قوى أخرى.

فقد اعترفت روسيا رسميًا بإمارة أفغانستان الإسلامية في يوليو/تموز 2025، وتبادلت مع كابل السفراء، بينما تتحرك الصين لإدراج أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق وتأمين المعادن الأفغانية بالتنسيق مع باكستان، وهو ما يهدد بتراجع الدور الأميركي في منطقة حساسة إستراتيجيًا.

تزداد أهمية باغرام إذا ما نُظر إليها من زاوية جغرافية، فهي على تماس مباشر مع آسيا الوسطى وممر واخان المؤدي إلى الصين. وهذا الموقع يجعلها نقطة ارتكاز لمراقبة إيران وباكستان والصين، فضلًا عن جمهوريات آسيا الوسطى، وهو ما يفسر إصرار واشنطن على إبقائها في دائرة اهتمامها.

فبفضل قربها من الحدود الصينية والباكستانية وبعدها ساعة واحدة فقط عن العاصمة الأفغانية، تشكل باغرام موقعًا مثاليًا لدعم العمليات العسكرية، وإدارة الإمدادات اللوجيستية، وتأمين الاستجابة السريعة لأي أزمة إقليمية.

وفي مواجهة تصريحات ترامب وتهديداته، سارعت كابل إلى تبني موقف حاسم. فقد أكد "فطرت الله فصيح" قائد أركان الجيش الأفغاني أن أي مساومة على قاعدة باغرام مرفوضة تمامًا، مضيفًا أن "أولئك الذين جلبوا الأجانب، ورغبوا في أن يحكموا تحت رعايتهم، جبناء. نحن لا نخاف من أي متغطرس أو بلطجي، وقد أثبتنا ذلك لأميركا وحلفائها".

وهذا الخطاب مثلما يرد على واشنطن، فهو يخاطب الداخل الأفغاني أيضًا، ليُطمئن القاعدة الشعبية بأن الحكومة الأفغانية الحالية لن تسمح بتكرار تجربة الوجود الأجنبي العسكري، ولن تفرط في استقلال البلاد.

من جهته، ذهب وزير الخارجية أمير خان متقي أبعد من ذلك، حيث أعلن أن حتى الاعتراف الأميركي الكامل بإمارة أفغانستان الإسلامية، وإعادة بناء البلاد بأكملها، لن يكونا ثمنًا كافيًا للتنازل عن باغرام أو عن شبر واحد من الأراضي الأفغانية.

إعلان

تدرك طالبان أن أي تنازل أمام ضغوط ترامب لن يكون نهاية المطاف، بل بداية لمطالب أخرى أشد وطأة، فالتجربة مع الولايات المتحدة أثبتت أن من يفتح باب المساومة على الأرض سرعان ما يجد نفسه في مواجهة سلسلة لا تنتهي من الشروط.

لذلك تصر كابل على أن ما انتُزع بالقوة والسلاح لا يمكن التفريط فيه بالسياسة، وأن قاعدة باغرام التي مثّلت عنوانًا للاحتلال، تحولت اليوم إلى رمز للنصر والسيادة، والتخلي عنها يعني التخلي عن شرعيتها أمام جمهورها في الداخل، وتنازلها عن مكتسب إخراج القوات الأجنبية من البلاد بعد عقدين من الاحتلال.

0 تعليق