فيديو.. إضراب عام يشل الحياة بإيطاليا انتصارا لغزة - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تورينو- شهدت مدن إيطالية، أمس الاثنين، إضرابا عاما وطنيا رافقته احتجاجات وفعاليات عدة طيلة 24 ساعة متواصلة، تضامنا مع الفلسطينيين في غزة، بدعوة من نقابات قاعدية وبمشاركة واسعة من الطلاب والحركات الشبابية والجامعية، ومنظمات غير حكومية، وجمعيات ناشطة في مجال التضامن الدولي.

وقالت إحدى المتظاهرات "نحن هنا في إضراب عام لنقف إلى جانب الحق، ولنجعل صوتنا مسموعا، حتى وإن بدا خافتا دائما، غير مشتعل بالقدر اللازم لينير ظلمة غزة، لكننا نؤكد أننا مع الشعب الفلسطيني".

هكذا تحدثت المتظاهرة آنّا للجزيرة نت، بحماس وإقدام، وكانت رفقة صديقتها ليّا في إحدى أكبر وأبرز التجمعات الاحتجاجية بإيطاليا، لمساندة فلسطينيي غزة ضد العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عامين.

وتأتي هذه التعبئة في اليوم الذي من المقرر أن تعترف فيه فرنسا ودول أخرى بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، بعد اعتراف المملكة المتحدة وأستراليا وكندا بها الأحد، لكن إيطاليا ما زالت متريثة.

وتقول حكومة جورجا ميلوني المحافظة المتشددة والمقربة أيديولوجياً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنها لا ترغب في الاعتراف بدولة فلسطين "في الوقت الحالي"، وتتردد في قبول العقوبات التجارية التي اقترحها الاتحاد الأوروبي.

جمع المتظاهرين في بياتسا كاستيلّو بتورينو
متظاهرون في تورينو خرجوا للتضامن مع الشعب الفلسطيني والمطالبة بوقف حرب الإبادة بغزة (الجزيرة)

مشاركات واسعة ومنظمة

وقالت ليّا للجزيرة نت "نقف مع الفلسطينيين ضد هذه الإبادة الجماعية التي ليست وليدة العامين الأخيرين فقط، كما نعلم جميعا. تلك هي فلسطين، وليست (دولة إسرائيلية)، القلب يبكي عندما يرى الواقع، وأقول فقط: الحرية، الحرية لفلسطين".

ونظمت الإضراب العام نقابات قاعدية عديدة مثل "يو إس بي" و"كوباس" و"يونيكوباس"، وانضمت إليها حركات طلابية وجامعية في أكثر من 50 مدينة، إضافة إلى لجان محلية داعمة لفلسطين، وجمعيات سلمية ومنظمات مشاركة في أسطول الصمود العالمي.

إعلان

ورافق هذه الدعوات تحركات واسعة تمثَّلت في مسيرات واعتصامات، ونصب خيم احتجاجية، وإغلاق طرق سريعة وخطوط سكك حديدية، واعتصامات أمام موانئ كبرى مثل جنوى وليفورنو ومارغيرا.

وتقول كريستينا، إحدى الناشطات والمنظمات البارزات للتظاهر من أجل فلسطين، للجزيرة نت "اليوم كانت هناك مشاركات مميزة في الإضرابات العديدة بجميع أنحاء إيطاليا، من الشمال إلى الجنوب، احتجاجات وتظاهرات واعتصامات".

وخرج عشرات آلاف المتظاهرين في مختلف المدن الإيطالية، خاصة في العاصمة روما، حيث شارك أكثر من 50 ألفا بمسيرات ضخمة انطلقت من الجامعة وصولا إلى محطة تيرميني، مع إغلاق بعض الطرق الرئيسية.

والعدد ذاته -وفق المنظمين- خرج في بولونيا، ووصلت المسيرات هناك إلى الطريق السريع "إيه 14″، مما أدى لتوقف حركة السير، أما في ميلانو، فقد خرجت مسيرات حاشدة دعا إليها الطلاب ونقابة "يو إس بي"، وتخللتها صدامات في محطة القطار المركزية "ميلانو سنترالي" بين المتظاهرين وقوات الشرطة.

كريستينا، ناشطة حقوقية مهتمة بالقضية الفلسطينية
الناشطة كريستينا: المظاهرات كانت مميزة بجميع أنحاء إيطاليا (الجزيرة)

وشهدت مدينتا نابولي وتورينو مشاركة آلاف المتظاهرين بدعم من الطلاب والنقابات، وأقدم البعض على إغلاق سكك الحديد في محطة بورتا نوفا. وفي باليرمو جنوبا تظاهر نحو 20 ألفا، بينما شهدت فلورانسا إغلاق مدخل الطريق السريع "إيه 1" عند كالينزانو.

وفي حين ذكرت المصادر الرسمية أن المشاركين في تورينو (شمال)، المدينة العمالية المكتظة بالمهاجرين، خاصة من ذوي الأصول المشرقية والمغاربية، وصل إلى 10 آلاف، يُضاعف المنظمون الرقم بأكثر من ذلك، وهو ما عاينته الجزيرة نت أيضا.

وشهدت هذه المدينة فعاليات احتجاجية وتضامنية مع الفلسطينيين بمواقع متفرقة، منذ الصباح حتى منتصف الليل، اختتمت بشل حركة السير على الطريق.

وفي الشمال الشرقي، احتشد نحو 20 ألف متظاهر في مارغيرا قرب البندقية، بمشاركة واسعة من عمال الموانئ والطلاب، في حين تراوحت أعداد المشاركين في ترييستي بين 3 آلاف و7 آلاف شخص.

مطالب المحتجين

ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بوقف الإبادة في غزة، وإنهاء أي تعاون اقتصادي أو عسكري مع إسرائيل، وأطلقوا دعوات للضغط على الحكومة الإيطالية والحكومات الأوروبية، لاتخاذ موقف واضح ضد الحرب على الفلسطينيين.

تقول الناشطة كريستينا "أساند القضية الفلسطينية منذ حوالي 20 عاما. درستها في كتب المدرسة، لأن الوضع -للأسف- بدأ منذ 1948، وإن عدنا أبعد قليلا فإلى نهاية الدولة العثمانية، كما ورد في كتب التاريخ. لذلك، بالنسبة لي، من المهم أن يكون الشعب موحّدا ومتماسكا حول هذه القضية، بغضّ النظر عن الانتماء السياسي أو الأيديولوجيات المختلفة".

وتذكر كريستينا أنه حينما يسألونها: ما الفائدة من هذه التظاهرات؟ ترد بالقول: هي للتوعية وإيقاظ الضمير.

ألبيرتو، ناشط حقوقي
ألبيرتو ناشط إيطالي خرج للتظاهر ضد ما يجري في غزة ورفضا للإبادة (الجزيرة)

أما ألبيرتو، شاب ثلاثيني، لم يتردد بإجابته للجزيرة نت حول ماهية النزول بهذا التوقيت بكثافة لمساندة فلسطين وغزة، قائلا "بالنسبة لي، لا يمكن تجاهل حقيقة أنني أملك امتيازا هائلا، نشأتُ في عائلة مستقرة، وفي الجهة المريحة من العالم، حيث لم أتعرض يوميا للقنابل، ولهذا أشعر أن عليّ أن أرد هذا الامتياز للآخرين، لأن من المهم بهذا العالم أن نمنح كل التعاطف الذي لدينا، وأن نعيد توظيفه بأقصى قدراتنا من أجل إحداث تغيير".

إعلان

وأضاف ألبيرتو "أنا محظوظ بأن لدي 4 رفاق في منزل مشترك، نحن عائلة منخرطة سياسيا في القضية الفلسطينية، ومعهم أحاول أن أناضل في محيطي كلما سنحت الفرصة، منخرطون جدا بنشر رسالة إيجابية، ورسالة نضال في عالم ينهار أكثر فأكثر. صحيح أننا نريد أن نكون إيجابيين، لكننا في الوقت نفسه واقعيون جدا، ولهذا السبب ننزل اليوم إلى الساحات، ونحاول أكثر فأكثر أن نترك أثرا إيجابيا".

حضور طلابي وازن في مدينة تورينو خلال التظاهرات لأجل فلسطين في الشوارع الكبرى
حضور طلابي كبير في مدينة تورينو خلال المظاهرات لأجل فلسطين (الجزيرة)

حراك الجامعات

وظلت مقرات الجامعات الإيطالية مشعلا لكثير من الفعاليات والمبادرات التضامنية مع القضية الفلسطينية، ومحركا لتعبئتها كما هو شأن الإضراب العام في إيطاليا.

ليوناردو، شاب عشريني، يقول للجزيرة نت، بثقة واندفاع، من وسط بهو جامعة جنوى، حيث نصب رفقة زملائه خيام الاعتصام "انطلقنا منذ البداية من هنا، نحن في الجامعة دائما كنّا حاضرين في ميدان التضامن مع فلسطين، عبر التعبئة والمشاركة. دائما، وحتى بعد 7 أكتوبر، كنا حاضرين منذ اللحظة الأولى، ننسق مع عمال ميناء جنوى والاتحاد النقابي الأساسي".

وأوضح ليوناردو "حتى في الصيف، حين كانت الجامعات مغلقة، تحرّك الطلاب فورا، ذهبنا للمساعدة في جمع التبرعات من السوبرماركت، وإعداد الطرود الغذائية لإرسالها، وهكذا كنا نشطين منذ البداية".

أما الطالبة مرغيريتا من جامعة جنوى، التي ظهرت رفقة ليوناردو بالجامعة، فقالت للجزيرة نت "من المهم أن نحمل عنصر الإضراب والاعتصام حتى إلى أماكن دراستنا".

وأضافت "نرى أنه من المهم أن يُركّز الاهتمام على ما هو جوهري فعلا، ليس فقط على القضايا الفردية الخاصة، مثل مسار الدراسة الشخصي أو المسيرة المهنية الفردية، لأن المسألة الفلسطينية أكبر منا جميعا، فهي قضية تخصّ الجميع، لا فقط من هم تحت القنابل مباشرة".

0 تعليق