عاجل

إعلان بابل عاصمة صناعية للعراق.. خطوة للتنمية أم مجرد لقب؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

يشير الإعلان عن بابل كـ"عاصمة العراق الصناعية" إلى خطوة إستراتيجية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال إبراز الإمكانات الصناعية في المحافظة. وفي حين يرى البعض أن هذه الخطوة تمثل إنجازا مهما يسهم في تنمية بابل، يقلل آخرون من أهميتها، معتبرين أنها قد تكون مجرد لفتة رمزية لا أكثر.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الاثنين 22 سبتمبر/أيلول الجاري، اعتماد محافظة بابل عاصمة العراق الصناعية، مؤكدا أن هذا الاختيار جاء نتيجة ميزات المحافظة كمركز رئيسي لخطوط النقل، وقدرتها على تعزيز التكامل بين القطاعين الزراعي والصناعي.

قاعدة العراق الصناعية الكبرى

وأكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن إعلان محافظة بابل عاصمة العراق الصناعية يمثل تحولا إستراتيجيا في دعم القطاع الصناعي الوطني.
وأوضح صالح في حديثه للجزيرة نت أن هذا القرار يأتي في إطار سعي الحكومة إلى تنشيط الاقتصاد عبر تطوير البنية التحتية الصناعية في المحافظات.

السوداني يعلن مدينة بابل عاصمة العراق الصناعية (المصدر @IraqiGovt)
الحكومة الاتحادية تركز على القطاع الخاص وتهمش القطاع الحكومي بحسب مراقبين (مواقع التواصل)

وأشار إلى أن بابل تضم بالفعل قاعدة صناعية واسعة تحتوي على أكثر من 2000 مصنع عامل، مما يجعلها مركزا طبيعيا لهذا التحول. وبيّن أن هذه الخبرة الصناعية، إلى جانب الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمحافظة بوصفها حلقة وصل بين شمال العراق وجنوبه، وقربها من العاصمة بغداد، أمور تسهّل عمليات النقل والتبادل التجاري.

وأضاف صالح أن إعلان بابل عاصمة صناعية جاء بعد توجيهات لتعزيز بنيتها التحتية، بما يشمل شبكات الصرف الصحي والمياه، لتكون قادرة على استقبال استثمارات صناعية كبرى. وأكد أن هذا التوجه سيساعد على تقليل المركزية الصناعية في بغداد، ويسهم في تحقيق توزيع جغرافي أكثر توازنا للنمو الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية العراق التنموية 2050.

حبر على ورق

في المقابل، انتقد عضو مجلس محافظة بابل، محمد المنصوري، الإعلان، واصفا إياه بأنه "حبر على ورق" لا يخدم المحافظة التي تعاني من تهالك بنيتها التحتية وتهميشها من قبل الحكومة الاتحادية.

إعلان

وقال المنصوري للجزيرة نت: إن الإعلان لن يحل مشاكل بابل الجوهرية، مشددا على أن المحافظة بحاجة ماسة إلى دعم مالي وإعمار شامل قبل التفكير في مشاريع اقتصادية متخصصة.

وأضاف أن المشكلة الأساسية تكمن في تركيز الحكومة الاتحادية على القطاع الخاص وإهمالها الواضح للقطاع الحكومي، على عكس ما هو معمول به في الدول الكبرى التي تعتمد على القطاعين معا، وتمنح الأولوية للاستثمار الحكومي.

السوداني يضع حجر الأساس للشركة المتحدة لإنتاج الحبيبات البلاستيكية في بابل (المصدر @IraqiGovt)
السوداني يضع حجر الأساس للشركة المتحدة لإنتاج الحبيبات البلاستيكية في بابل (مواقع التواصل)

وتابع رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس المحافظة أن بابل عايشت العديد من التجارب السابقة مع الوعود الحكومية التي لم تُنفذ، مستشهدا بمشروع مطار بابل الدولي الذي أُعلن عنه عام 2016 ولم يُنجز حتى الآن، مما يجعل من اختيار بابل عاصمة اقتصادية مجرد "دعاية انتخابية".

وشدد المنصوري على أن جميع المشاريع المقترحة في بابل تحتاج إلى سيولة مالية ودعم مباشر من الحكومة المركزية. وقال "المحافظة لا تحصل إلا على 20% فقط من عائداتها المالية، في حين تذهب النسبة المتبقية إلى خزينة الدولة، رغم مطالباتنا المستمرة برفع حصتنا إلى 75%".

وأوضح أن تجاهل الحكومة لمطالب بابل هو السبب الرئيسي وراء عدم نهوضها، مؤكدا أن "المحافظة مهمشة ولم تحصل على أي دعم يُذكر، وهذا الإعلان لن يغيّر شيئا وسيبقى مجرد إعلان إعلامي لا يحل مشاكلها".

تحديات على الطريق

من جهته، أكد الباحث في الشأن الاقتصادي، حيدر الشيخ، أن إعلان بابل "عاصمة العراق الصناعية" قد لا يتجاوز كونه مجرد لقب، نظرا للتحديات الكبيرة التي قد تحول دون ترجمته إلى واقع ملموس.

وقال الشيخ للجزيرة نت إن هذه الخطوة، رغم أهميتها الإستراتيجية في تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط وإسهامها المحتمل في خلق فرص عمل واسعة، تواجه عقبات ومخاوف حقيقية يمكن تلخيصها في نقاط رئيسية:

البنية التحتية في بابل، وخاصة شبكات الكهرباء والمياه والطرق، ضعيفة وغير مهيأة لاستيعاب مشاريع صناعية كبرى، مما قد يعيق تقدمها ويرفع من تكاليفها. نقص الميزانيات المخصصة وتأخر التمويل، إضافة إلى البيروقراطية والفساد، قد يؤثر سلبا في جذب الاستثمارات وضمان نجاح المشاريع. منح هذا اللقب لبابل قد يهمّش محافظات أخرى ذات إمكانات اقتصادية كبيرة مثل البصرة أو محافظات زراعية وصناعية أخرى، مما قد يخلق تنافسا غير صحي في غياب إستراتيجية وطنية واضحة لتوزيع الأدوار الاقتصادية. المشاريع الصناعية قد تلقي بظلالها السلبية على المواقع الأثرية والتاريخية في بابل إذا لم تُرسم خطط لحمايتها، مما قد يهدد تراث المحافظة العريق.

حاجة لتشريعات قانونية

بدوره، أكد الخبير المالي نبيل جبار التميمي أن إعلان بابل "عاصمة العراق الصناعية" لم يُدعَم بقرارات رسمية من مجلس الوزراء، مما يحول دون توفير الغطاء القانوني اللازم للمخصصات المالية وتطبيق المشروع بفعالية.

الشركة المتحدة لإنتاج الحبيبات البلاستيكية في بابل (المصدر @IraqiGovt)
الشركة المتحدة لإنتاج الحبيبات البلاستيكية في بابل (مواقع التواصل)

وقال التميمي للجزيرة نت إن فكرة تحويل بابل إلى عاصمة صناعية تبدو وكأنها مبادرة شخصية من المحافظ عدنان فيحان، الذي يسعى إلى جعل المحافظة مركزا للصناعات والمعامل بهدف تعزيز إيراداتها، خاصة أنها ليست محافظة حدودية ولا تمتلك امتيازات خاصة تخوّلها الحصول على حصص أو منافع إضافية من الحكومة المركزية.

إعلان

وأضاف أن خطة الإدارة الجديدة للمحافظة بالتركيز على جذب الاستثمارات في قطاع الصناعة والتحويلات الصناعية تمثل خطوة إيجابية لتطوير بابل وتنمية قدراتها الاقتصادية والمالية، إلى جانب المساهمة في امتصاص البطالة.

وأشار التميمي إلى أن الإعلان ما يزال مجرد خطوة تسويقية مبكرة لجذب المستثمرين، مؤكدا أنه يفتقر إلى سند قانوني رسمي يمنح المحافظة امتيازات مالية واقتصادية خاصة، مثل توسيع الإنفاق على البنية التحتية، وتطوير قطاع الطاقة الكهربائية، وتحسين شبكات الطرق، أو حتى سن قوانين خاصة تمنح تسهيلات ضريبية وتتيح إنشاء مناطق حرة وصناعية.

0 تعليق