متحدثون للجزيرة نت يقترحون خطوات لمواجهة التهجير في غزة - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل حرب الإبادة المستمرة في غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، تتصاعد الضغوط على الفلسطينيين المهجرين أصلا من منازلهم لتهجيرهم خارج الحدود وتحقيق حلم اليمين الإسرائيلي الحاكم بغزة خالية من أهلها.

تصطدم المخططات الإسرائيلية بصمود الأهالي وإصرار الدول العربية المجاورة على رفض تهجير الفلسطينيين أو استقبالهم داخل أراضيها، إلا أن الضغوط الإسرائيلية لتحقيق هذا الهدف ما زالت متواصلة وفي تصاعد مستمر باستخدام وسائل وأدوات عديدة، مما يجعل سيناريو التهجير خطرا ماثلا وتتطلب مواجهته أكثر من صمود الأهالي.

صورة عامة - كيف يواجه سكان شمالي غزة محاولات تهجيرهم
سكان شمالي غزة يواجهون محاولات تهجيرهم بالتنقل بين الأحياء والامتناع عن التوجه جنوبا (الجزيرة)

خطط إسرائيلية معلنة

وكشفت تصريحات وزراء في حكومة الاحتلال نية صريحة لاقتلاع سكان غزة وفتح الباب أمام تهجيرهم الجماعي. ففي 21 يناير/كانون الثاني 2025 دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى "تشجيع الهجرة الجماعية من غزة"، مؤكدا أن من يرفض العيش تحت حكم إسرائيل "يمكنه أن يغادر إلى دول أخرى".

وفي السادس من مايو/أيار 2025، هدّد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأن "غزة ستُدمَّر تماما في غضون أشهر"، مشددا على أن "لا أمن مع بقاء أكثر من مليوني عربي هناك".

ولم يبتعد وزير الطاقة إيلي كوهين عن هذا الخط، إذ صرّح في 12 مايو/أيار 2025 بأن "خطة طرد الفلسطينيين من غزة ما زالت مطروحة على الطاولة" وأن مقترح "الهجرة الطوعية" الذي طرحه ترامب "يجري متابعته".

وتترجم هذه التصريحات إلى قصف وتدمير يطرد الناس من بيوتهم مرة بعد أخرى، ويذكر تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" الصادر في 13 سبتمبر/أيلول الجاري أن عدد النازحين خلال الفترة من 31 أغسطس/آب إلى 13 سبتمبر/أيلول فقط بلغ 70 ألفا من شمال غزة نحو الجنوب، بما في ذلك مدينة غزة نفسها.

تأهب مصري

وفي تصريح رسمي يجدد تأكيد القاهرة رفضها لتهجير الغزيين إلى الأراضي المصرية، علق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في 16 سبتمبر/أيلول الجاري على سيناريو التهجير بالقول "ماذا لو حصل ضغط على المواطنين الفلسطينيين ودُفعوا إلى الحدود؟ بالتأكيد الدولة المصرية لديها الخطط للتعامل مع هذا الأمر".

إعلان

وأضاف "أؤكد لكم أن بالفعل هناك خططا واضحة عملت وتعمل عليها الدولة المصرية خلال هذه الفترة لمواجهة ومجابهة كل هذه الإجراءات. الشيء المهم جدا أن نستطيع تدبير أي احتياجات إنسانية لأشقائنا الفلسطينيين، وهناك خطط طوارئ موضوعة من كل الوزارات".

أما واقع النزوح والتهجير الحاصل داخل قطاع غزة، فيوثق تقرير سابق لهيومن رايتس ووتش أن "إسرائيل تستخدم وسائل قذرة لصناعة النزوح: القصف العشوائي، تدمير شامل للمستشفيات والمدارس، قطع المياه والكهرباء، ومنع المساعدات والتجويع. كل ذلك لكسر إرادة المدنيين ودفعهم للرحيل".

وأكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووكالة الأونروا في بيان أن أوامر الإخلاء العسكرية والقصف العنيف هما السبب المباشر للنزوح، كما تستخدم إسرائيل الجانب الإغاثي بأسوأ طريقة للمساهمة في إنجاح التهجير.

واستطلعت الجزيرة نت آراء عدد من المحللين والخبراء والنواب حول سيناريو التهجير الشامل في غزة، وكيفية مواجهته.

صناعة النزوح والتهجير

يرى النائب السابق في البرلمان المصري عادل راشد أن التمهيد للتهجير يتم بضغط نفسي وميداني شديد على غزة، "ليصبح مقبولا مقارنة بالإبادة، ومع المناورات السياسية سيُقدَّم التهجير كأنه رحمة للناس، وهكذا يظهر على أنه خيار إنساني يُجنّب الناس الإبادة بينما هو جزء من مخطط مُعدّ مسبقا".

من جهته، يقول الباحث الأكاديمي والناشط في العمل الإنساني عثمان الصمادي إن المشهد الإغاثي على قلته يظهر من خلال "مؤسسة غزة الإنسانية" التي تنشط فقط جنوب الوادي، وتقوم آليات الاحتلال باستهداف الأهالي المتجمعين حول نقاط توزيع المساعدات التي تشرف عليها المؤسسة، مما يؤدي إلى استشهاد العديد منهم وجرح آخرين.

ولفت الصمادي إلى رحيل عدد كبير من المنظمات الدولية من الشمال باتجاه الجنوب، ومنع المساعدات الطبية والخيام منذ 7 أشهر من الدخول.

وقام جيش الاحتلال بفتح شارع الرشيد وتدمير كل ما سواه لدفع الناس باتجاه الجنوب، مع محاولة تنفيذ فكرة "مدينة غزة الإنسانية" في رفح التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكل ذلك لجلب الناس إلى الجنوب وإفراغ الشمال، بحسب الباحث والناشط الإغاثي.

أردنيون يرددون هتافات ترفض خطة ترامب تهجير أهل غزة .. الجزيرة نت
رفض رسمي وشعبي في مصر والأردن لخطط تهجير أهل غزة (الجزيرة)

 إضعاف مخطط التهجير

يقول المحلل السياسي أحمد الحيلة إن إسرائيل تستخدم القصف المكثّف وقطع الخدمات و"هندسة التجويع" كأدوات لفرض التهجير الجماعي على سكان غزة، بهدف دفعهم نحو مصر. لكن الفلسطينيين يواجهون ذلك بصمود استثنائي وتمسّك بالأرض، رغم القتل والدمار، متنقّلين بين الأحياء بدل النزوح جنوبا.

وبحسب الحيلة، فإن الموقف المصري والعربي والدولي الرافض للتهجير، مع تنامي عزلة إسرائيل السياسية والاقتصادية، يضعف فرص نجاح هذه المخططات. كما أن استمرار المقاومة بتحويل المعركة إلى حرب استنزاف يضاعف خسائر الاحتلال البشرية والاقتصادية، ويجعل مشروع التهجير أكثر فشلا.

ويتابع "مع رفض مصر والأردن استقبال المهجرين، يبقى الرهان على صمود الناس ورفض الإقليم لإفشال مشروع التهجير، لكن شهادات النازحين أنفسهم تبقى الدليل الأبلغ على حجم الجريمة المستمرة".

Displaced Palestinians flee northern Gaza Strip, by foot and in vehicles, carrying their belongings along the coastal road, near Wadi Gaza, Saturday, Sept. 20, 2025. (AP Photo/Abdel Kareem Hana)
أبو رزق: التهجير القسري يتدحرج جيلا بعد جيل فيما يكتفي العالم بالفرجة (أسوشيتد برس)

صمود أسطوري

وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في 17 سبتمبر/أيلول الجاري، أن "أكثر من مليون فلسطيني يواصلون الصمود في غزة وشمالها رافضين النزوح القسري جنوبا، مقابل نزوح نحو 190 ألفا آخرين تحت وطأة مخططات إسرائيل للتهجير الدائم".

إعلان

ويعلق الكاتب المختص بشؤون غزة، علي أبو رزق، حول المطلوب لتغيير واقع التهجير بالقول "مثل هذه الحرب المجنونة لا يمكن وقفها إلا بضغط سياسي وشعبي حقيقي ومتزامن، ضغط واحتجاجات تؤثر على عمل السفارات الغربية الداعمة للإبادة وتشّل اقتصادات الدول".

وأشار إلى تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو الأول من نوعه منذ عامين، قال فيه إن بلاده بدأت تشعر بعزلة اقتصادية حقيقية. وعقب أبو رزق على ذلك بالقول "ستتوقف الإبادة إذا شعر نتنياهو وحلفاؤه بعزلة سياسية واقتصادية حقيقية".

وتابع أبو رزق أن غزة اليوم تُباد علنا، والتهجير القسري يتدحرج جيلا بعد جيل، في حين يكتفي العالم بالفرجة، مضيفا أن الإنقاذ الحقيقي يبدأ بفرض وقف العدوان وفك الحصار وفتح المعابر فورا، لا بمساعدات مشروطة تُستخدم أداة للتركيع. داعيا الشعوب أن تُحوِّل غضبها إلى ضغط سياسي وقانوني وميداني يجبر حكوماتها على اتخاذ موقف.

تفعيل المواجهة القانونية والمقاطعة

ويرى النائب في البرلمان الأردني ينال فريحات أن الرفض الرسمي والشعبي غير كاف، ووجّه رسالته للداخل الأردني قائلا "في ظل رفض الأردن وفي ظل رفض أهل غزة للتهجير، وفي ظل القصف العنيف، لا بد من إجراءات أردنية حازمة لردع الاحتلال، تبدأ بتقوية الجبهة الداخلية وتوحيد الصفوف الشعبية استعدادا للتضحية والصمود".

ودعا كذلك إلى "تعزيز قدرات الجيش الأردني وتنويع مصادر السلاح، وبناء اقتصاد مستقل يتيح إلغاء اتفاقيات الطاقة والمياه مع الكيان الإسرائيلي. أما خارجيا، فيبرز الدور الأردني بكسر الحصار عن غزة، وتفعيل الوصاية على المقدسات، ودعم صمود الضفة، وحشد موقف عربي ودولي رافض لمخططات التهجير".

ويرى خبراء أن الجانب القانوني لا ينبغي أن يغيب عن جهود مواجهة التهجير على المستوى الدولي. وأكد الخبير في القانون الدولي، أنيس قاسم، أن إسرائيل اعتمدت منذ اليوم الأول مبدأ الإبادة الجماعية وقررت استخدام التهجير كأداة بلا تردد أو تراجع، وهذا ينطبق على الفقرة الثالثة من المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية التي قالت إن "خلق ظروف تؤدي إلى تدمير المجموعة السكانية تدميرا كليا أو جزئيا هو أيضا إبادة".

وحول آليات العمل المطلوبة من النخب القانونية والسياسية الدولية، قال قاسم "المطلوب من النخب القانونية والسياسية في مختلف دول العالم أن تحمل قياداتها السياسية والحكومات على أن تبدأ حملة لمقاطعة إسرائيل إلى أن تمتثل".

وقال "نحن نريد إجراءات تلجم إسرائيل وتقطع يدها عن هذه الإبادة، وبإمكاننا أن نقول أيضا إن الدول العربية ملزمة باتخاذ إجراءات مناسبة لقطع العلاقات مع إسرائيل ومحاصرتها، إلا أننا ندرك أن الدول العربية وهذا ظاهر في الاجتماع الأخير للقمة العربية الإسلامية أن 57 دولة عربية وإسلامية عاجزة عن تقديم حفنة ماء لأهلنا في غزة مما يدل على أن هذه الدول أصبحت مرتهنة للاستعمار الأميركي".

0 تعليق