الذكاء الاصطناعي يجتاز الامتحانات الصعبة - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

أظهرت دراسة حديثة أن نماذج الذكاء الاصطناعي الاحتكارية الرائدة تستطيع الآن اجتياز امتحان المستوى الثالث من شهادة CFA بالكامل، بما في ذلك أسئلة قسم المقالات Essay questions، وهو المستوى الذي يُوصف امتحانه بأنه أحد أصعب الامتحانات المهنية في صناعة التمويل.

وكانت دراسة أجراها قسم أبحاث الذكاء الاصطناعي في جي. بي. مورغان وجامعة كوينز في 2024 قد أكدت أن نماذج الذكاء الاصطناعي الاحتكارية الرائدة يمكنها اجتياز الامتحانات التجريبية للمستويين: الأول والثاني من امتحان CFA، لكنها واجهت صعوبات في قسم المقالات لامتحان المستوى الثالث.

وأُجريت الدراسة الجديدة بواسطة كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك ومنصة Goodfin، وهي منصة ذكاء اصطناعي للثروات تركز على الاستثمارات الحصرية في الأسواق الخاصة، بهدف تقييم قدرات نماذج اللغة الكبيرة في المجالات المتخصصة مثل التمويل.

وقارنت الدراسة الجديدة بين 23 نموذجا رائدا من نماذج الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك GPT-4 من أوبن إيه آي، وGemini 2.5 من غوغل، وClaude Opus 4 من Anthropic، وذلك باستخدام الامتحان التجريبي لمستوى CFA الثالث. وتُعد نماذج اللغة الكبيرة فرعا من الذكاء الاصطناعي التوليدي يختص بمهام معالجة اللغة.

ووجدت الدراسة أن نموذج o4-mini من أوبن إيه آي حقق معدل نقاط مركّبا بلغ 79.1%، بينما سجل نموذج 2.5 Flash من جيميني 77.3%. وبينما حققت معظم النماذج أداء جيدا في أسئلة الاختيار من متعدد، تميّز القليل فقط في قسم المقالات الذي يتطلب التحليل والتركيب والتفكير الإستراتيجي.

وقال البروفيسور سريكانث جاجاباتولا من جامعة نيويورك إن نماذج اللغة الكبيرة المعتمدة على التفكير الاستدلالي أظهرت قدرات هائلة مؤخرا في أداء المهام التي تتطلب الكثير من التفكير الكمي والنقدي، مثل قسم المقالات، حيث أصبح لدى النماذج القدرة على التفكير في المشكلة وتقديم منطق للإجابة.

إعلان

ولتصحيح قسم المقالات، استخدم جاجاباتولا نموذج لغة كبيرا آخر ليكون بمثابة الحكم، حيث زوّد النموذج بإجابة المقال، والإجابة الصحيحة، وسياق السؤال، ومعايير التصحيح، كما تم تصحيح نفس الإجابات من قبل مصحح بشري معتمد.

ووجد أن النموذج الآلي كان في الواقع أكثر صرامة من المصحح البشري، حيث منح نقاطا أقل لنفس السؤال. وقال جاجاباتولا: "كنا نظن أنه سيكون أكثر تساهلا في منح الدرجات، لكننا وجدنا في هذه الحالة على الأقل أن العكس هو الصحيح".

كما وجدت الدراسة أن طريقة توجيه الأسئلة أو المطالبات (prompting) للنماذج حسّنت الأداء في قسم المقالات، حيث تم استخدام أسلوب chain-of-thought prompting، الذي يتضمن مطالبة النموذج بالتفكير في الإجابة وتقديم تفسير منطقي لها، وأدى هذا إلى تقديم إجابات أفضل مقارنة بالإجابات المباشرة، الأمر الذي زاد من دقة المقالات بنسبة 15 نقطة مئوية.

وشهدت نماذج الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة قفزات نوعية في مجالات التمويل والاستثمار، إذ لم يعد دورها يقتصر على تحليل البيانات المالية التقليدية، بل باتت تتفوق في إدارة المحافظ الاستثمارية، وتحليل المخاطر، واكتشاف الفرص المتاحة في الأسواق العالمية.

وبفضل قدرتها على معالجة كميات هائلة من البيانات في ثوانٍ معدودة، أصبحت هذه النماذج قادرة على رصد أنماط معقدة في الأسواق لا يمكن للعقل البشري اكتشافها بسهولة.

وعلى سبيل المثال، تمكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من تطوير إستراتيجيات تداول آلية عالية الكفاءة، قادرة على التنبؤ بتحركات الأسعار في الأجلين القصير والمتوسط، مما ساعد المؤسسات المالية على تحسين عوائدها وتقليل تعرضها للتقلبات الحادة.

وأصبح لهذه النماذج دور متزايد في تخصيص الأصول وفقا لمستويات المخاطر المختلفة، الأمر الذي منح المستثمرين قرارات أكثر دقة، وقلل من الاعتماد على التقديرات البشرية التي قد يشوبها التحيز أو الخطأ.

ولم تتوقف إنجازات الذكاء الاصطناعي عند حدود إدارة الاستثمار، إذ امتدت إلى مجالات حيوية مثل الاكتتابات العامة، وإدارة الديون السيادية، وتقييم الجدارة الائتمانية للشركات والدول.

وتبنت شركات التكنولوجيا المالية هذه النماذج لتقديم حلول مبتكرة في مجالات الإقراض الرقمي، والتأمين الذكي، وإدارة الثروات للأفراد ذوي الملاءة المالية العالية، ما جعل الخدمات المالية أكثر شمولا ومرونة من أي وقت مضى.

ومن خلال الدمج بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوك تشين، ظهرت تطبيقات جديدة في مجالات التمويل اللامركزي، الأمر الذي أعاد، وما زال، رسم المشهد المالي العالمي بطريقة غير مسبوقة.

وفي مجالات أخرى بعيدة عن التمويل، تحقق نماذج الذكاء الاصطناعي قفزات مدهشة في الرعاية الصحية، حيث باتت قادرة على تحليل الصور الطبية بدقة تضاهي الأطباء المتخصصين، والتنبؤ بانتشار الأوبئة، وتصميم أدوية جديدة في زمن قياسي مقارنة بالطرق التقليدية.

وفي ميدان التعليم، ظهرت منصات تعليمية مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي تقدم محتوى مخصصا لكل طالب وفق مستواه واهتماماته، مما أحدث تحولا جذريا في طرق التدريس والتعلم.

إعلان

أما في قطاع الصناعة، فقد لعبت الروبوتات الذكية وأنظمة الصيانة التنبُّئِية دورا محوريا في رفع الإنتاجية وتقليل الأعطال، وتحسين معايير السلامة والجودة.

وفي الوقت الذي توحي به هذه التطورات المتسارعة في مجالات التمويل والاستثمار وغيرها بأن المستقبل سيشهد اندماجا أعمق بين الذكاء الاصطناعي والبنية الاقتصادية والاجتماعية العالمية، يبدو القلق من تسبب هذه التقنيات في سحب الوظائف من البشر مشابها تماما لمخاوف ظهرت في الماضي مع ابتكارات مثل الكهرباء والحاسب الآلي والإنترنت، حين ظن كثيرون أن هذه الاختراعات ستؤدي إلى بطالة جماعية، قبل أن تفتح في الواقع أبوابا لقطاعات جديدة وفرص عمل لم تكن موجودة من قبل.

سيؤدي انتشار الأتمتة الذكية والتحليلات التنبئِية إلى خلق وظائف ومهارات جديدة في مجالات البرمجة، وإدارة البيانات، والأمن السيبراني، والابتكار الصناعي، مما سيجعل الإنسان في قلب هذه التحولات، ليس كمنافس للآلة، بل كشريك يبتكر ويطوّر ويقود عالما أكثر تقدما وتنوعا في فرصه الاقتصادية والمهنية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

0 تعليق