تعرض سوق العملات المشفرة لأعنف موجة بيع منذ أشهر، ما أدى إلى تبخر ما يقارب 300 مليار دولار من قيمته السوقية هذا الأسبوع.
جاء هذا الانهيار مدفوعاً بعمليات تصفية ضخمة للرهانات القائمة على الاقتراض، الأمر الذي ألقى بظلال من الشك حول استمرارية السوق الصاعد ودفع معنويات المستثمرين إلى أدنى مستوياتها منذ بداية الصيف.
تصفية مليارية تهوي بالأسعار
كانت عمليات التصفية الواسعة للمراكز الشرائية هي الشرارة التي أشعلت هذه الموجة الهبوطية. فوفقاً لبيانات منصة "كوين غلاس" (Coinglass)، تمت تصفية مراكز بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار عبر منصات التداول، ما أدى إلى تسارع وتيرة الانخفاض.
وقد حذر محللون من أن حجم الاقتراض الحقيقي في النظام قد يكون أكبر من الأرقام المعلنة، نظراً لعدم شفافية جميع المنصات في الكشف عن بياناتها الكاملة.
"إيثر" تحت الضغط و"بتكوين" تفقد دعماً رئيسياً
قادت عملة "إيثر" (ETH)، ثاني أكبر عملة مشفرة، موجة الخسائر متكبدةً أكبر تراجع أسبوعي لها منذ شهر حزيران / يونيو. حيث هوى سعرها بنسبة 12%، ليكسر حاجز الدعم النفسي الهام عند مستوى 4,000 دولار.
ولم تكن "بتكوين" (BTC)، العملة الرقمية الأبرز، بمنأى عن هذا التراجع، حيث سجلت انخفاضاً أسبوعياً بنسبة 5%، وهو أكبر تراجع لها منذ مارس. أدى هذا الهبوط إلى وصول سعرها للحد الأدنى من النطاق السعري الذي استقرت فيه مؤخراً، ما أثار قلق المتداولين بشأن المرحلة التالية.
تباطؤ شهية الشركات وصناديق المؤشرات تسجل تدفقات خارجة
أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في الضغط على السوق هو التباطؤ الملحوظ في وتيرة شراء الشركات للعملات المشفرة. فبعد أن كانت هذه المشتريات محركاً رئيسياً للارتفاعات القياسية في الأشهر الماضية، أظهرت بيانات "كريبتو كوانت" (CryptoQuant) انخفاضاً بنسبة 76% في مشتريات الشركات المدرجة منذ ذروتها في أوائل الصيف.
وفي سياق متصل، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة للبتكوين والإيثر المدرجة في الولايات المتحدة ضغوطاً بيعية كبيرة، حيث سجلت تدفقات خارجة صافية تجاوزت 500 مليون دولار في يوم واحد، مما يعكس تراجع ثقة المستثمرين المؤسسيين على المدى القصير.
تصحيح صحي أم بداية تباطؤ؟ الخبراء يحللون
يرى بعض الخبراء، مثل بول هاورد، المدير الأول لدى صانع السوق "وينسنت"، أن هذا التراجع يمثل "تصحيحاً صحياً" للسوق بعد فترة من النمو المحموم، مشيراً إلى غياب مؤشرات الذعر حتى الآن. ومع ذلك، حذر من أن الضغوط قصيرة الأجل قد تدفع الأسعار نحو مزيد من الانخفاض، خاصة مع تزايد ارتباط أداء الأصول الرقمية بالمناخ الاقتصادي الكلي.
على الجانب الآخر، يعتقد خبراء آخرون أن الزخم الإيجابي بدأ يتلاشى بالفعل. وأشار آرثر أزيسوف، مؤسس "بي تو فنتشرز"، إلى أن كسر "بتكوين" لمستويات دعم فنية هامة هو إشارة إلى أن السوق كان محموماً ويتجه الآن نحو مرحلة من التباطؤ. وأضاف هاورد قائلاً: "للمرة الأولى في عام 2025، أشكك في قدرتنا على العودة إلى المستويات القياسية هذا العام".
0 تعليق