لماذا يخشى الصحفيون في غزة من ارتداء السترات الواقية؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

حذر مدير الأخبار العالمية في وكالة فرانس برس، فيل تشيتويند، من أن التهديدات التي وصفها بغير المسبوقة ضد الصحفيين لهذا العام، تقوض أساس التغطية الصحفية القائمة على إظهار الحقائق.

وبين في مقال له على موقع "جورناليزم" المتخصص بمواكبة تطورات مهنة الصحافة، أن المهمة الصحفية الأساسية المتمثلة في جمع الحقائق والتحقق منها، تزداد صعوبة وخطورة، يوما بعد يوم.

اقرأ أيضا

list of 4 items end of list

وأشار الكاتب إلى مقتلة الصحفيين في قطاع غزة، كنموذج صارخ على هذا التحول ضد الصحافة، كاشفا عن أن بعض الصحفيين الذين يعملون لصالح "فرانس برس" في غزة لم يعودوا يرتدون سترات واقية، خشية أن تجعلهم هدفا لإسرائيل، ولأنهم أصبحوا أهدافا بالفعل، صار الناس يتحاشون الاقتراب منهم.

وحتى اليوم سجل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة استشهاد 251 صحفيا فلسطينيا، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية قبل نحو عامين، نتيجة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للصحفيين.

 

 

وقال تشيتويند، إن الأوضاع التي واجهها الصحفيون في النصف الأول من العام الحالي ساءت على نحو غير مشهود منذ عقود، مما يعكس تصعيدا منسقا للعنف والترهيب والرقابة.

وبيّن خطورة ما يجري وأثره على تمزق نسيج المجتمعات، بسبب ما أسماها حملات متعمدة ومدروسة لتقويض الحقائق، التي تشكل أساس الواقع المشترك، مضيفا "لا داعي لإثبات عدم صحة الأمور، ما عليك سوى التشهير بلا هوادة وزرع الشكوك وترويج المؤامرات، وغالبا ما تقوم خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي بالباقي".

وسجلت وكالة فرانس برس الدولية 25 حادثة خطيرة شملت صحفيين يعملون لديها في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، وهذا يفوق ما سجلته في العام الماضي بأكمله.

إعلان

وحذر الكاتب من أن حوادث القتل والاعتداءات والاعتقالات والطرد للصحفيين، لا تشير إلا إلى الهجوم العالمي على حق الجمهور في الحصول على المعلومات.

لطالما عرف الصحفيون أنفسهم في الاحتجاجات والفعاليات العامة، معتقدين أن هذه الهوية توفر لهم شكلا من أشكال الحماية والشرعية، لكن هذه العلامات المميزة لهم أصبحت أهدافا

بواسطة فيل تشيتويند - مدير الأخبار العالمية في وكالة فرانس برس

كما بين أن الانتشار الجغرافي للعنف والترهيب آخذ في الاتساع، بسبب تصاعد الممارسات الاستبدادية والخطاب الشعبوي الذي يستهدف الصحافة بشكل صريح.

وقد أدى تزايد إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب إلى جعل الاعتداءات الجسدية على الصحفيين أمرا شائعا، وفق الكاتب، لافتا إلى أن هذه الظاهرة ليست محصورة فيما يُسمى بالأنظمة غير المستقرة، بل إنها تظهر في الديمقراطيات الراسخة والبلدان التي لها تقاليد عريقة في حرية الصحافة، مما يشير إلى تحول خطير في المعايير العالمية.

وقال تشيتويند، إن الصحفيين لطالما عرّفوا أنفسهم في الاحتجاجات والفعاليات العامة، معتقدين أن هذه الهوية توفر لهم شكلا من أشكال الحماية والشرعية، لكن هذه العلامات المميزة أصبحت أهدافا.

وبحسب الكاتب، تعرض صحفيون خلال العام الماضي، لأشكال مختلفة من العنف خلال احتجاجات في بلدان متنوعة مثل تركيا والأرجنتين والولايات المتحدة، وجميعهم مقتنعون بأنهم استُهدفوا لأنهم صحفيون.

Global News Director of Agence France-Presse (AFP) Phil Chetwynd stands during a minute's silence held in tribute to killed AFP video journalist Arman Soldin, at AFP headquarters in central Paris, on May 11, 2023. Arman was killed by a rocket strike as he reported with AFP colleagues from Ukrainian positions in Chasiv Yar on May 9, 2023. Arman, who was 32 and born in Bosnia, began his career as an AFP intern in the Rome bureau before moving to London in 2015. He was formally appointed as Ukraine video. Martin Bureau/Pool via REUTERS
فيل تشيتويند: أدى تزايد إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب إلى جعل الاعتداءات الجسدية على الصحفيين أمرا شائعا (رويترز)

ونوه إلى أن الترهيب والتهديد أصبحا واقعا لا يمكن السيطرة عليه، وأضاف "رأينا صحفيين يعملون لدينا يضطرون إلى الفرار من منطقة الساحل في غرب أفريقيا وأيضا من مناطق في أميركا الوسطى مثل نيكاراغوا والسلفادور، في حين يواجه مدققو الحقائق لدينا في أجزاء من أوروبا الشرقية والوسطى،  تهديدات بالقتل وحملات ترهيب وإسكات بشكل منتظم .

ويأتي هذا الهجوم على الصحافة والسعي لتقويضها في الوقت الذي تنتقل فيه إدارة الحياة الرقمية بشكل متزايد إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي القوية، حيث صار بالإمكان رؤية القدرات المذهلة التي تتمتع بها هذه الأدوات في بناء المعرفة والنهوض بالبشرية، ولكن -يستدرك الكاتب- نرى أيضا كيف يمكن استخدامها لتلويث نظامنا البيئي للمعلومات بكميات هائلة من المحتوى الكاذب والمفبرك.

ويؤكد تشيتويند، أن العالم وصل إلى نقطة تحول، حيث غدا الناس يتحدثون بشكل عادي عن العيش في عالم ما بعد الحقيقة، مضيفا "الصحافة ليست كاملة، ولن تكون دائما على صواب، لكن السعي الصادق لجمع المعلومات والبحث عن الحقيقة أمر أساسي لعمل مجتمعاتنا بشكل صحي".

وشدد في ختام مقاله على أن الحاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى الدفاع عن الحقائق، إذ "لا يوجد بديل آخر".

وتشهد حرية الصحافة في العالم أكبر تراجع لها منذ 50 عاما بالتزامن مع تراجع الديمقراطية، وفق تقرير حالة الديمقراطية العالمية 2025.

واستنتج التقرير الذي يصدره المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية "آي دي إي إيه" (IDEA)، ويقيس الأداء الديمقراطي سنويا منذ عام 1975، أن حرية الصحافة تدهورت في ربع البلدان التي يغطيها (174 دولة)، مما يعد أكبر تدهور منذ بداية جمع البيانات.

إعلان

0 تعليق