تتفاقم أزمة المياه في محافظات شمال الأردن (إربد، المفرق، جرش، وعجلون) بشكل غير مسبوق، حيث يعاني المواطنون من تمديد فترات وصول المياه إلى منازلهم لما يصل إلى 30 يوماً في بعض المناطق.
وفيما تُرجع شركة مياه اليرموك الأزمة إلى "تدني إنتاجية المصادر المائية" بسبب شح الأمطار، يوجه رئيس لجنة المياه النيابية السابق، محمد العلاقمة، اتهامات مباشرة بـ "سوء الإدارة" وتراكم الأخطاء، محذراً من أن الحلول الحالية لا تعدو كونها "مسكنات" لمشكلة هيكلية عميقة.
"جفاف غير مسبوق".. رواية شركة مياه اليرموك
أوضح الناطق الإعلامي باسم شركة مياه اليرموك، محمد عبيدات خلال حديثه لبرنامج نبض البلد ، أن السبب المباشر للمشكلة هو "انهيار" إنتاجية الينابيع الرئيسية التي تغذي الشمال.
وقدم أرقاماً صادمة تظهر حجم الكارثة، حيث انخفضت إنتاجية:
نبع "عين جنة" من 39 متراً مكعباً في الساعة إلى مترين فقط.
نبع "عين قنطرة" من 135 متراً مكعباً إلى 40 متراً.
نبع "عين راسون" من 65 متراً مكعباً إلى 25 متراً.
هذا الانهيار أجبر الشركة على اللجوء إلى حلول إسعافية ومكلفة، مثل استئجار 30 بئراً خاصة وتشغيل الصهاريج على مدار الساعة، والتي تُباع للمواطن بسعر مدعوم (4 دنانير للخزان) بينما تصل تكلفتها على الشركة إلى 13 ديناراً.
"سوء إدارة".. اتهامات برلمانية مباشرة
في المقابل، يقدم النائب السابق محمد العلاقمة رؤية نقدية حادة، مؤكداً أن الأزمة ناتجة عن "تراكمات كثيرة بعضها بشري والآخر طبيعي".
ويلقي باللوم على "سوء الإدارة وغياب الخبرات الكافية في وزارة المياه"، وينتقد ما أسماه "العمل بنظام الفزعة" وترحيل الأزمات.
ويشير العلاقمة إلى أن تحويل إدارة مياه إربد إلى شركة خاصة تم دون تأهيل الكوادر، مما فاقم من المشكلات الإدارية.
نزيف 50% من المياه: سرقات أم فشل إداري؟
ويتفق الطرفان على أن نسبة الفاقد المائي، التي تصل إلى 50% في الشمال، تمثل نزيفاً حقيقياً. لكنهما يختلفان في تشخيص السبب:
شركة اليرموك: تؤكد أن 85% من هذا الفاقد يعود إلى اعتداءات وسرقات على الخطوط الرئيسية، مشيرة إلى أنها غيرت 400 ألف عداد قديم في محاولة للسيطرة على المشكلة.
العلاقمة: يرى أن نسبة الفاقد المرتفعة هي مؤشر خطير على فشل إداري في صيانة الشبكات ومراقبتها.
هل "الناقل الوطني" هو الحل السحري؟
يعلق الجانبان آمالاً كبيرة على مشروع الناقل الوطني كمشروع استراتيجي ومستدام يجب تنفيذه بأسرع وقت.
لكن العلاقمة يحذر من أن هذا المشروع لن يكون "الحل السحري" ما لم تتم معالجة القضايا الهيكلية أولاً.
ويقول: "إذا بقي الفاقد المائي وحجم المياه المُستهلَكة في الزراعة كما هما، فستبقى المشكلة قائمة حتى مع وجود مشروع الناقل الوطني"، داعياً إلى نظرة حكومية شاملة تدعم تحديث القطاع الزراعي الذي يستهلك نصف مياه الأردن.
0 تعليق