من الاستيراد إلى التصنيع.. هل تستطيع الدول العربية تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلاح؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحتل الدول العربية مراكز متقدمة على قوائم استيراد السلاح عالميا، إذ جاءت أربع منها هي السعودية والجزائر والكويت والعراق ضمن أول 40 دولة الأعلى إنفاقًا عام 2024 وفق تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبري) (SIPRI) نشر في أبريل/نيسان الماضي.

وتصدرت السعودية المرتبة الأولى عربيا والسابعة عالميا بإنفاق 80.3 مليار دولار.

اقرأ أيضا

list of 1 item end of list

ووفق بيانات المعهد للعام فإن الدول العشر الأكثر إنفاقا عسكريا هي:

Stuttgart, Germany - 03-07-2021: Cellphone with business logo of UAE defence company EDGE Group PJSC on screen in front of webpage. Focus on center-left of phone display. Unmodified photo.; Shutterstock ID 1938385504; purchase_order: aj; job: ; client: ; other:
شعار مجموعة إيدج الإماراتية للصناعات الدفاعية يظهر على شاشة هاتف محمول أمام موقعها الإلكتروني (شترستوك)

ويتوقع أن تزيد التوترات والصراعات العسكرية في المنطقة حجم الإنفاق بشكل غير مسبوق بعد أن بلغ إنفاق الشرق الأوسط 243 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها 15% عن العام السابق له.

وتقف الصراعات والتوترات الإقليمية في المنطقة، وتوسع الحرب الإسرائيلية على غزة لتشمل لبنان، واليمن إضافة إلى إيران، والتهديدات المستمرة لسوريا، خلف سباق التسلح هذا.

كما أن التنافس الإقليمي وصراع التفوق والنفوذ بين قوى عربية وإيران، ظل يدفع الجيوش لتعزيز قواتها وتحديثها بشكل مستمر عبر إبرام صفقات السلاح من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين.

ففي لبنان مثلا، سجل الإنفاق العسكري ارتفاعا بـ58% العام الماضي، ليبلغ 635 مليون دولار، بعد التوغلات الإسرائيلية في جنوب البلاد، وتشكل هذه النسبة ارتفاعا هائلا للبلد الصغير الذي يعيش أزمة اقتصادية حادة منذ عام 2019.

إعلان

وليست الأسباب الخارجية وحدها ما تدفع الدول العربية لدفع أموال طائلة في سباق التسلح، بل إن أسبابا داخلية في مواجهة "الإرهاب والتطرف"، وضمان استقرار الأمن الداخلي خاصة بعد موجة الربيع العربي، تشكل أهمية قصوى للدخول في هذا السباق.

إنتاج محلي إماراتي

ودخلت الإمارات بقوة ساحة التصنيع العسكري عبر شركة "إيدج" التي تأسست عام 2019 من اندماج أكثر من 25 شركة. وبحسب موقع "تاكتيكال ريبورت"، بلغت إيراداتها 4.9 مليارات دولار، منها 2.1 مليار من الصادرات.

ووفق تقرير معهد ستوكهولم حول صادرات الأسلحة 2024، جاءت الإمارات في المرتبة 21 عالميا بنسبة 0.3% من الإجمالي، وكان الأردن وكندا ومصر أبرز المستوردين.

دخول الإمارات مجال الإنتاج المحلي انعكس على وارداتها، حيث تراجعت من المرتبة الخامسة عالميا بين 2013–2017 إلى المرتبة 11 بين 2018- 2022، وانخفضت حصتها من الواردات العالمية من 4.1% إلى 2.7%.

وتركزت صادراتها على الأنظمة الدفاعية المنتَجة محليا، مثل المركبات المدرعة والطائرات المسيّرة والذخائر.

استثمار أردني

احتل الأردن المرتبة 23 عالميا بنسبة 0.3% من الصادرات، وكانت أوكرانيا والولايات المتحدة والنمسا أهم وجهاته.

ويقف وراء هذا الإنجاز المركز الأردني للتصميم والتطوير "جودبي"، الذي بدأ بإعادة تصميم المعدات العسكرية ثم توسع إلى الصناعات الذكية مثل الأنظمة الأرضية والطائرات المسيّرة "شاهين"، إضافة إلى أنظمة إلكترونية ومضادات للطائرات المسيّرة.

ويمتلك المركز 12 شركة و7 وحدات أعمال، ويشرف على معرض "سوفكس"، كما يصنّع أكثر من 80 منتجا دفاعيا تصل إلى 37 دولة.

توطين سعودي للصناعة العسكرية

وجاءت السعودية سابعة عالميا في الإنفاق العسكري وتسعى لتوطين الصناعة، وأكد محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية أحمد بن عبد العزيز العوهلي أن نسبة التوطين ارتفعت إلى 19.4% نهاية 2023.

وبحسب مؤسسة "ستيمسون"، فإن هذا التوجه نابع من رغبة المملكة في تقليل المخاطر المرتبطة بشراء الأسلحة.

A Saudi woman looks at military night-vision equipment displayed at the Saudi Military stand at World Defense Show in Riyadh, Saudi Arabia, March 6, 2022. REUTERS/Ahmed Yosri
سيدة سعودية تطالع أجهزة للرؤية الليلية في جناح القوات المسلحة خلال معرض الدفاع العالمي في الرياض (رويترز)

وفي هذا السياق، تأسست الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، التي تستهدف توجيه 50% من الإنفاق العسكري إلى المنشآت المحلية بحلول 2030، مع طموحات للدخول ضمن أكبر 25 شركة عالميا.

كما أنشأت الهيئة الأكاديمية الوطنية للصناعات العسكرية عام 2022 بطاقة استيعاب تصل إلى ألفي طالب، وتطمح المملكة إلى رفع نسبة الاعتماد على المواد المحلية إلى 70%.

شراكة تركية سعودية

وبجانب التعاون مع شركات أميركية وغربية، دخلت السعودية في شراكة إستراتيجية مع تركيا، حيث ستشارك (SAMI) في إنتاج وتجميع طائرات "أكنجي" المسيّرة، ومن المتوقع تسليم أول طائرة عام 2026.

كما تصنع طائرة "هبوب" ذات التقنية التركية، وفي أغسطس/آب 2023 اتفق البلدان على تصنيع مسيّرة (ASEF-I) ذات التصميم السعودي في تركيا.

قدرات مصرية موجهة محليا

وفي مصر، تشرف وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع (مجموعة مصانع عسكرية ومدنية) على الإنتاج العسكري المحلي، إضافة لعمليات التجميع التي تتم برخص لتكنولوجيا أجنبية، وتكون عملية الإنتاج هذه موجهة لتلبية الطلب المحلي للقوات المسلحة المصرية.

إعلان

وتتنوع هذه الصناعات بين بنادق كلاشنيكوف، ودبابات "أبرامز" إضافة إلى زوارق وفرقاطات، وصواريخ مضادة للدروع مثل كورنيت، وراجمات الصواريخ.

طموحات مغربية

يعتمد المغرب على خبرته في صناعة السيارات والطائرات كقاعدة لبناء صناعة دفاعية. وارتفع إنفاقه العسكري العام الماضي بنسبة 2.6% ليصل إلى 5.5 مليارات دولار. وأعلنت الرباط عن إنشاء منطقتين للصناعات الدفاعية وصادقت على 4 مشاريع متخصصة.

كما دشّن بالتعاون مع "تاتا أدفانسد سيستمز" الهندية مصنعا لإنتاج مدرعة "دبليو إتش إيه بي 8×8" بطاقة 100 عربة سنويا، 35% منها بمواد محلية سترتفع إلى 50%.

وستُستخدم لإمداد الجيش مع تصدير الفائض، كما أشارت تقارير إلى رغبة شركة "بايكار" التركية في إنشاء مصنع للمسيّرات بالمغرب.

1 طائرة بدون طيار محلية الصنع في المغرب 2 أول عملية تجريب ناجحة للطائرة المصدر : موقع الشركة المغربية aerodrive المصنعة للطائرة بدون طيار
طائرة مسيّرة محلية الصنع في المغرب (موقع شركة "أيرو درايف" المصنعة للطائرة)

صناعة جزائرية

تمتلك الجزائر قاعدة تصنيع عسكري مكّنتها من تقليص الإنفاق عبر إنتاج معدات محلية، ففي معرض الجزائر الدولي يونيو/حزيران الماضي، عرض الجيش منتجات جديدة بينها مسدس رشاش ومدفع مضاد للطيران من إنتاج المؤسسة الميكانيكية لبناء العتاد.

كما طوّرت مركبات تكتيكية بالشراكة مع "مرسيدس بنز"، وناقلات جند، وعربات مدرعة، وسيارات عسكرية للإسعاف، وفي المجال البحري، تنتج الشركة الوطنية لبناء السفن زوارق هجومية وقاطرات وأنظمة مراقبة سواحل.

وتُصنّع طائرتا "فرناس 142″ و"سفير 43" عبر مؤسسة صناعة الطائرات، وأصدر الرئيس عبد المجيد تبون قرارًا بمنع استيراد بعض المعدات العسكرية دون موافقة مسبقة لحماية المنتج المحلي.

رؤية قطرية للاكتفاء الذاتي

وقّعت "برزان القابضة" القطرية منذ 2018 اتفاقيات مع "بريتا" الإيطالية و"بريت" الألمانية لتصنيع البنادق والذخائر. وفي 2023 أعلنت تصنيع وتطوير أسلحة محلية بنسبة 100% لتغطية الحاجة الداخلية، بما في ذلك تجهيزات الجندي القطري.

كما افتتحت شركة "أسيلسان" التركية فرعًا في قطر لإنتاج أنظمة تحكم عن بُعد، وأُسست شركة "برق" بالشراكة مع "برزان" و"إس إس تي إي كيه" التركية.

وأنتجت شركة "ستارك موتورز" القطرية، بشراكة بريطانية، مدرعة محلية تزن 13 طنا وقادرة على حمل 5 أطنان من الذخائر والأفراد.

وتكشف التجارب العربية عن انتقال تدريجي من الاعتماد على الاستيراد إلى بناء قدرات صناعية محلية تتفاوت بين التجميع الجزئي والتصنيع الكامل.

ورغم اختلاف مستويات الخبرة وحجم الاستثمارات، فإن التوجه المشترك يسعى لتقليص التبعية وتعزيز الاستقلالية، في مسار طويل تحكمه التكنولوجيا والشراكات ونوعية الكفاءات الوطنية.

0 تعليق