بائع الصحف الباريسي علي أكبر.. صفحة أخيرة من زمن المناداة على العناوين - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

يتنقل الباكستاني علي أكبر يوميا بين الباحات الخارجية للمقاهي في وسط باريس، حيث ألِف الرواد وجه هذا المسنّ، وهو آخر بائع صحف ينادي عليها بصوته في العاصمة الفرنسية.

ويجول بائع الجرائد العتيق في شوارع منطقة سان جيرمان ديه بريه الباريسية التي يرتادها المثقفون وتنتشر فيها المعارض الفنية والمكتبات، ويستمتع سكانها والسياح بمشهده مناديا على عناوين جذّابة وطريفة أحيانا، من بينها على سبيل المثال "فرنسا في حال أفضل"، و"إريك زيمور يعتنق الإسلام"، في إشارة إلى المرشّح اليميني المتطرف للانتخابات الرئاسية الفرنسية سنة 2022.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

ويُضفي حضور على أكبر على العاصمة الفرنسية طابع قرية.

وتقول أمينة قيسي التي تعمل نادلة في مطعم مقابل سوق سان جيرمان وتعرف البائع الباكستاني منذ أكثر من 20 عاما: "حتى الجدران يمكنها أن تتحدث عن علي".

وتُلاحظ أمينة أن هذا الرجل الناحل ذا الوجه الرقيق الذي يحمل صحفه على ذراعه "شخصية" لا تتجزأ من الحي. وتضيف "حتى السياح يسألوننا أين هو، إن لم يروه!".

Pakistani born 73-year-old newspaper hawker Ali Akbar sells newspaper copies in the street of the Latin Quarter in Paris on September 16, 2025.
الرواد والسياح يعرفون علي أكبر بشخصيته المميزة وعناوينه الطريفة والجذابة (الفرنسية)

حياة شاقة

وعَد الرئيس إيمانويل ماكرون بتقليد علي أكبر قريبا وسام الاستحقاق الوطني من رتبة فارس تقديرا "لالتزامه في خدمة فرنسا".

ويعلّق علي أكبر الذي يضع نظّارة دائرية ويرتدي بزة عمّالية زرقاء ويعتمر قبعة باعة الجرائد المعروفة بـ"غافروش"، وبات متخصصا بشكل رئيسي في بيع صحيفة "لوموند": "في البداية، لم أصدق ذلك. لا بد أن أصدقاء طلبوا من (ماكرون) ذلك… أو ربما اتخذ القرار من تلقاء نفسه". ويتابع متذكرا "كنا نلتقي كثيرا عندما كان طالبا".

ويضيف "أعتقد أن ذلك يعود إلى شجاعتي، لأنني عملت كثيرا".

كان علي أكبر في العشرين عندما وصل إلى فرنسا، سعيا إلى الخروج من الفقر وإرسال المال إلى عائلته في باكستان، فعمل بحّارا ثم غاسل أطباق بمطعم في روان (شمال غرب فرنسا)، قبل أن يتعرف في باريس بجورج بيرنييه الملقّب "البروفيسور شورون" الذي عرض عليه بيع صحيفتيه الساخرتين "هارا كيري" و"شارلي إبدو".

إعلان

وعاش علي مدة بلا مأوى، ويروي أنه تعرّض خلالها لاعتداءات وعانى الفقر المدقع. كانت حياته في هذه المرحلة شاقة جدا، لكنه لم يستسلم يوما.

وينقل أصغر أبناء علي الخمسة ويُدعى شهاب عن والده قوله له "سيضع إيمانويل ماكرون بعض البيتادين (المطهّر الموضعي) على جراحي". ويشير الشاب البالغ 30 عاما أنه "معجب جدا" بأبيه.

ويفتخر شهاب بتعداد وسائل الإعلام الأجنبية التي كتبت عن والده أو أجرت تحقيقات مصوّرة عنه، ومنها "نيويورك تايمز" و"بي بي سي" و"آسيا بيزنس ديلي" و"لا ستامبا".

عندما بدأ علي أكبر العمل كبائع جرائد في سبعينيات القرن العشرين، ركّز على الدائرة الباريسية السادسة التي كانت آنذاك حيا جامعيا "يمكن تناول الطعام فيه بأسعار معقولة". وكان يتردد على شارع سان غِيّوم أمام جامعة "سيانس بو" للعلوم السياسية، ويروي أنه تعلّم الفرنسية من أحاديثه مع طلاب مثل رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب و"كثر غيره ممن أصبحوا وزراء أو نوابا".

Pakistani born 73-year-old newspaper hawker Ali Akbar sells newspaper copies in the street of the Latin Quarter in Paris on September 16, 2025.
علي أكبر عمل بائع جرائد منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث تعلم اللغة الفرنسية من الطلاب الجامعيين (الفرنسية)

"ابتكار النكات"

كان في باريس يومها نحو 40 بائع صحف جوّالا، يتمركزون في مواقع إستراتيجية كمداخل محطات قطار الأنفاق (المترو). أما هو، فتميّز باختياره التجول في الحي اللاتيني. وفي ثمانينيات القرن المنصرم، راح يخترع عناوين مثيرة.

ويشرح قائلا "أنا أريد أن يعيش الناس في سعادة. أفعل هذا من أجل إشاعة جو محبَّب، هذا كل ما في الأمر". لكنه يقرّ بأنه يواجه "صعوبة متزايدة في ابتكار النكات الجيدة"، لأن "الوضع فوضوي جدا".

ويتلقى علي أكبر معاشا تقاعديا قدره ألف يورو شهريا، لكنه يواصل العمل من الثالثة عصرا إلى العاشرة مساء. ولأن الزبائن يندرون أحيانا، يبيع في المتوسط 30 صحيفة يوميا، مقارنة بما بين 150 و200 نسخة في بداياته.

ويقول مازحا "طالما لديّ طاقة، سأواصل العمل حتى الموت!".

وترى أمل غالي (36 عاما) التي كانت تجلس في الباحة الخارجية لأحد المقاهي أن علي أكبر "مؤثّر". وتضيف "جميلة رؤية ذلك في العصر الرقمي، … ولكن يا للأسف، لن يتذوق أبناؤنا أبدا متعة قراءة صحيفة خلال ارتشاف فنجان قهوة".

0 تعليق