تُواجهُ حركةُ حماسَ واحدةً من أكثرِ اللحظاتِ حسماً منذُ بدءِ الحربِ على غزة، حيثُ تتعرضُ لضغوطٍ دبلوماسيةٍ مكثفةٍ من الوسطاءِ الرئيسيين، قطر ومصر وتركيا، لحثّها على تقديمِ ردٍّ إيجابيٍّ على المقترحِ الذي طرحهُ الرئيسُ الأمريكيُّ، دونالد ترمب، لإنهاءِ الصراعِ، وذلك بالتزامنِ مع مُهلةٍ زمنيةٍ ضيقةٍ حددها الرئيسُ الأمريكيُّ نفسُهُ.
ووفقاً لمصدرينِ مُطّلعينِ على سيرِ المفاوضاتِ، فقد كثّفَ كبارُ مسؤولي الدولِ الثلاثِ من لقاءاتِهم مع قيادةِ الحركةِ في الدوحة، حيثُ عُقِدَ اجتماعانِ رفيعا المستوى خلالَ الساعاتِ الأربعِ والعشرينَ الماضيةَ، في محاولةٍ لإقناعِ الحركةِ بأنَّ المقترحَ المطروحَ يُمثّلُ أفضلَ فرصةٍ متاحةٍ لوقفِ الحرب.
ترمب: "إمّا التوقيعُ أو الجحيم"
في تصعيدٍ للضغوطِ، أعلنَ الرئيسُ ترمب، يومَ الثلاثاء، أنهُ يمنحُ حركةَ حماسَ مُهلةً تتراوحُ بين ثلاثةِ وأربعةِ أيامٍ للردِّ على مقترحِهِ.
وفي كلمةٍ ناريةٍ أمامَ مئاتِ الجنرالاتِ والأدميرالاتِ في كوانتيكو بولايةِ فرجينيا، قال ترمب: "هُناكَ توقيعٌ واحدٌ نحتاجُهُ، وإذا لمْ يُوقّعُوا فسيدفعونَ ثمنَهُ في الجحيمِ. آملُ أنْ يُوقّعُوا لمصلحتِهم ويصنعُوا شيئاً عظيماً بالفعل."
ويتوقّعُ مسؤولونَ أمريكيونَ وإسرائيليونَ أنْ تُقدّمَ حماسُ ردّاً إيجابياً في مجملِهِ على الخطةِ، مع إبداءِ بعضِ التحفظاتِ على بنودٍ محددة.
كواليسُ المفاوضاتِ في الدوحة
تكشفتْ تفاصيلُ الجهودِ الدبلوماسيةِ التي بدأتْ مساءَ الإثنين، فبينما كانَ ترمب يُعلنُ عن خطتِهِ للعالمِ، كانَ رئيسُ الوزراءِ القطريُّ، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيسُ المخابراتِ المصريةِ، حسن رشاد، يُقدّمانِها مباشرةً لقيادةِ حماسَ في الدوحة.
وبحسبِ مصدرٍ مُطّلعٍ، حثَّ المسؤولانِ الحركةَ على القبولِ، حيثُ أكدَ الشيخ محمد بن عبد الرحمن لقادةِ الحركةِ أنَّ "هذا هو أفضلُ اتفاقٍ يمكنُ الحصولُ عليهِ ولن يكونَ هناكَ ما هو أفضل"، مُشدّداً على أنهُ يثقُ بجديةِ الرئيسِ ترمب في إنهاءِ الحربِ، وهو ما يُعدُّ ضمانةً كافيةً للحركة.
وتجدّدَ اللقاءُ يومَ الثلاثاء، وهذهِ المرةَ بحضورِ رئيسِ الاستخباراتِ التركيةِ، إبراهيم قالن، مما يعكسُ حجماً وتنسيقاً غيرَ مسبوقينِ من الوسطاءِ.
الخطة بين المكاسبِ والتنازلاتِ الكبرى
تُعطي الخطةُ المقترحةُ حركةَ حماسَ الكثيرَ مما طالبتْ بهِ، مثلَ الإفراجِ عن 2000 أسيرٍ فلسطينيٍّ وزيادةِ المساعداتِ الإنسانيةِ. لكنها في المقابلِ، تتضمنُ تنازلاتٍ جوهريةٍ، أُضيفَ بعضُها بطلبٍ من رئيسِ وزراءِ الاحتلالِ بنيامين نتنياهو.
ويكمنُ التحدي الأكبرُ في الشرطِ الذي ينصُّ على انسحابٍ مرحليٍّ لجيشِ الاحتلالِ من غزة مقابلَ نزعِ سلاحِ حماسَ بالكاملِ، وهو ما رفضتهُ الحركةُ بشكلٍ قاطعٍ حتى الآن.
ورغمَ أنَّ الهدفَ الرئيسيَّ للخطةِ هو إنهاءُ الحربِ، كما صرّحَ رئيسُ الوزراءِ القطريِّ، إلا أنَّ التفاوضَ حولَ هذهِ النقطةِ الشائكةِ سيُحددُ مصيرَ الاتفاقِ برمّتِهِ.
وفيما أشارَ الشيخ محمد بن عبد الرحمن إلى أنَّ الخطةَ "ما زالتْ في مرحلةٍ مبكرةٍ وتحتاجُ إلى تطوير"، شدّدَ ترمب على أنَّ "المجالَ لمزيدٍ من التفاوضِ محدودٌ جداً"، مما يضعُ جميعَ الأطرافِ أمامَ اختبارٍ صعبٍ في الأيامِ القليلةِ القادمة.
وأوضح مسؤولون أمريكيون أنهم مستعدون لمناقشة طلبات حماس الخاصة بالتوضيحات أو التعديلات الجزئية، لكنهم لن يعيدوا فتح الخطة بالكامل للنقاش.
0 تعليق