كتب خليل الشيخ:
"بدا الأمر وكأن الاحتلال انسحب بكل آلياته من المنطقة، لكن الخطر كان يكمن من كل حدب وصوب"، هكذا قال المواطن "أبو الفضل" الذي فقدَ ابنه شهيداً عندما اعتقد أن جيش الاحتلال انسحب من منطقة غرب مدينة غزة، وفي محيط مستشفى الشفاء تحديداً.
وسرد "أبو الفضل" في حديث لـ" الأيام" قصة استشهاد ابنه، الذي خرج للتو إلى الشارع بعدما كان يحتمي تحت ركام بعض المنازل منذ عدة أيام، من أجل استطلاع الأمر ومحاولة إيجاد مأوى أكثر أمناً، مشيراً إلى أن أنباء سرت عن تراجع آليات الاحتلال، إلا أن طائرة من طراز "كواد كابتر" استهدفته بقنبلة تسببت بتقطيعه إلى أشلاء، وبقي في المكان لأكثر من يوم.
وأضاف: "بعدما أبلغني عدد من المواطنين باستشهاده توجهت برفقة شقيقه، رغم المخاطر التي شهدتها المنطقة، ونقلنا أشلاءه على لوح من الصفيح ركضاً إلى مستشفى الشفاء وسط مخاطرة كبيرة".
وبيّن "أبو الفضل" (47 عاماً) أن المنطقة بدت هادئة نوعاً ما، لاسيما بعد تراجع الآليات في محيط مفترق العائلات القريب من مستشفى الشفاء، مشيراً إلى أن صوت طائرات الاستطلاع وأصوات الانفجارات والقصف وإطلاق النار تسمع بشكل مفاجئ، ومن الطبيعي أن يسفر ذلك عن استشهاد مواطنين.
وقال: "لا يكف الاحتلال عن قنص المواطنين وغالبيتهم من المدنيين وأصحاب المنازل الذين يتحركون في أضيق الحدود لتفقد منازلهم، أو جلب احتياجاتهم من الطعام، لكن الاحتلال يتربص بهم ويقتلهم".
وتتناقل وسائل الإعلام أنباء على مدار الساعة، عن قتل المواطنين واستهدافهم بالقذائف أو القصف الجوي في مناطق متفرقة من مدينة غزة، وتكون خالية من الآليات العسكرية، ولا تشهد أي توغل بري.
وأوضحت مصادر محلية أن طائرات "كواد كابتر" لا تتوقف عن التجول بين أزقة وأحياء مدينة غزة، مشيرة إلى أن التوتر والخوف يسودان معظم أرجائها.
قصة استشهاد نجل المواطن "أبو الفضل" واحدة من عدد كبير من قصص الشهداء الذين استشهدوا بطريقة مشابهة، فحسب المسنة فاطمة أبو عرار (69 عاماً) فإن ثلاثة من أبناء عمومة ابن شقيقتها، استشهدوا بينما كانوا يحاولون انتشال جثمانه بعدما استهدفته مسيّرة في منطقة الزيتون بمدينة غزة.
وقالت: "تناقل مواطنون أنباء عن انسحاب الدبابات من الحيّ فتوجه ابن شقيقتي حسام (23 عاماً) لتفقد منزل عائلته، ولكن مرور عدة أيام على عدم عودته إلى مكان نزوح أفراد العائلة غرب غزة، دفع ثلاثة من أبناء العمومة إلى استطلاع الأمر، وعندما وجدوه ملقى على الطريق قاموا بحمله إلا أن مسيّرة أخرى قصفتهم واستشهدوا ثلاثتهم".
وأوضحت "أبو عرار" التي تنزح في منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة أن الجثامين الأربعة لا تزال ملقاة على الطريق العام في حي الزيتون، ولا تستطيع أية جهة انتشالهم لمواراتهم الثرى.
من جهتها، دأبت مصادر من الدفاع المدني على تحذير المواطنين من عدم التجول في الطرق العامة والفرعية، تفادياً لاستهدافات المسيّرات أو إطلاق النار من قناصة الاحتلال رغم خلو هذه الطرق من الآليات العسكرية.
وأعلنت مديرية الدفاع المدني على لسان الناطق باسمها محمود بصل، أن تصعيد الاحتلال وشدة هجومه على أحياء مدينة غزة، يمنعان في بعض الأحيان تحرك مركباته وسيارات الإسعاف، ما يجعل جثامين الشهداء ملقاة على الطرق أو تحت ركام البنايات المقصوفة.
واعتادت المصادر المحلية والصحافية على تجديد بياناتها كل صباح، بعدم صحة الأنباء عن تراجع الآليات، أو غياب التوغل البري عن مناطق محدّدة في مدينة غزة، وأن الأمر لا يتعدى تراجع هذه الآليات بين فترة وأخرى وعودتها بشكل مفاجئ، وهو ما يسمى "عملية كر وفر" بهدف الإيقاع بالمواطنين.
0 تعليق