Published On 2/10/20252/10/2025
|آخر تحديث: 20:06 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:06 (توقيت مكة)
القدس المحتلةـ أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع أعضاء حكومته بأن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر سيغادر منصبه الوزاري، على أن يواصل بعض المهام الموكلة إليه، وفق ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية.
ويعد ديرمر، الملقب بـ"رجل الظل"، الحليف الأقرب والأكثر تأثيرا في حكومة نتنياهو، حيث تولى إدارة ملفات حساسة أبرزها رئاسته للفريق المفاوض في المحادثات غير المباشرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فضلا عن مسؤوليته عن قنوات الاتصال المباشر مع الإدارة الأميركية.
كما لعب دورا بارزا في ترتيبات أمنية مع سوريا عقب انهيار اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وأدار اتصالات سرية مع مسؤولين دوليين بتكليف مباشر من نتنياهو.
وديرمر، المولود في الولايات المتحدة، له نفوذ واسع في البيت الأبيض وصلات متينة مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مما جعله أحد أقرب مستشاري رئيس الوزراء.
ومنذ فبراير/شباط 2025، قاد ديرمر المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى مع حماس، بعد أن خلف رئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس الشاباك رونين بار، لكن تلك المفاوضات لم تسفر عن إطلاق أي رهائن، وهو ما عرضه لانتقادات حادة من عائلات المحتجزين الإسرائيليين التي اتهمته بالفشل في تقديم خطة عملية لتحريرهم.

تكريس التطبيع
ويحمل ديرمر سجلا دبلوماسيا حافلا، إذ شغل منصب سفير إسرائيل في واشنطن بين عامي 2013 و2021، وكان من أبرز مهندسي "اتفاقيات أبراهام" التي كرست تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية في الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2020.
وكشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" في أغسطس/آب 2025 أن ديرمر فكر في الاستقالة منذ حرب يونيو/حزيران 2025، التي استمرت 12 يوما واستهدفت خلالها إسرائيل البرنامج النووي والصاروخي الإيراني. وأفادت تقارير بأن استقالته كانت مرجحة قبل انتخابات الكنيست المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2026، مع احتمالات بتبكير موعدها.
إعلان
ويرى مراقبون أن مغادرته الحكومة مؤشر على ارتباك داخلي وتصدعات قد تعيد رسم خريطة القوى داخل الائتلاف الحاكم، بما يحمله ذلك من انعكاسات مباشرة على مستقبل نتنياهو السياسي.
" frameborder="0">
توقيت حساس
يقول مراسل الشؤون السياسية في موقع "حريديم" أرييه ريفكيند إن مغادرة ديرمر جاءت "في توقيت حساس"، لتفتح الباب أمام تحليلات واسعة حول دوافعها ومعانيها السياسية.
ويوضح أن ديرمر، الموصوف بـ"رجل الظل"، لعب أدوارا محورية في إدارة ملفات داخلية وخارجية معقدة، من المفاوضات مع حماس إلى التنسيق مع واشنطن، وصولا إلى الاتصالات السرية مع أطراف دولية.
ويضيف ريفكيند أن هذه الخطوة، التي توصف في الأوساط الإسرائيلية بأنها "مغادرة بالتفاهم"، تثير تساؤلات جوهرية بشأن تماسك الائتلاف الحاكم، خاصة أنها تأتي في عام انتخابي.
ويرى أن استقالة شخصية بمكانة ديرمر تعكس تحولات سياسية عميقة داخل حكومة نتنياهو، وقد تشكل بداية مرحلة مضطربة تعيد رسم موازين القوى في إسرائيل.
" frameborder="0">
محطات بارزة
أما المحلل السياسي في صحيفة "يسرائيل هيوم" أرييل كهانا، فسلط الضوء في منشور عبر منصة "إكس" على محطات بارزة في مسيرة ديرمر، واصفا إياها بـ"الاستثنائية" في تاريخ العلاقات الإسرائيلية الأميركية.
وأشار كهانا إلى دور ديرمر المركزي في صياغة خطاب نتنياهو أمام الكونغرس عام 2015 ضد الاتفاق النووي الإيراني، الذي اعتبر تمهيدا للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية عام 2025، إضافة إلى مساهمته في تنسيق عمليات سرية مع واشنطن وإبرام أكبر اتفاقية مساعدات أمنية في تاريخ إسرائيل.
كما كان السفير الوحيد الذي استضاف الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن في مقر السفارة الإسرائيلية بواشنطن.
وعدد كهانا إنجازاته من "اتفاقيات أبراهام" إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، إلى جانب ملفات لم تنجز بعد مثل قضية الرهائن وحرب غزة. وأكد أنه احتفظ بعلاقات شخصية وثيقة مع كبار صناع القرار في واشنطن، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ظل نتنياهو
وفي صحيفة "ذا ماركر"، كتب الصحفي آفي بار إيلي مقالا موسعا بعنوان "وزير الشؤون الإستراتيجية.. المركز 62 في قائمة أكثر 100 شخصية تأثيرا لعام 2025″، تناول فيه شخصية ديرمر وصلته الوثيقة بنتنياهو ومعاني استقالته في هذا التوقيت.
وأشار بار إيلي إلى أن ديرمر يختلف عن باقي وزراء الحكومة، فهو غير منتخب ولا عضو في الكنيست أو الليكود، نادر الحضور في جلسات البرلمان والحكومة، ويفضل الإعلام الأجنبي على العبري، ويتحدث غالبا بعقلية أميركية وباللغة الإنجليزية.
ويوضح أن هذه السمات جعلت منه الوزير الأقرب إلى نتنياهو، لا ينافسه ولا يهدده، بل يسد الثغرات التي يتركها الآخرون، ويحظى بثقته المطلقة.
ويرى أن تراكم المهام وضعف ثقة نتنياهو بوزرائه حولا ديرمر إلى ما يشبه "رئيس وزراء ثان"، يجمع بين أدوار وزير الخارجية والمبعوث الدبلوماسي والسفير والمستشار الأمني والاقتصادي.
ويخلص إلى أن رحيله لا يعني فقدان وزير فحسب، بل فراغا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا في قلب صناعة القرار، إذ كان ظل نتنياهو وذراعه الأوثق في أدق الملفات.
إعلان
0 تعليق