نابلس - "وكالة سند": على سفح مطل على قرية بيت دجن، شرق نابلس، أسست المواطنة رندة أبو حنيش "أم يامن" مشروع بيوت بلاستيكية في أرضها، لتعيل طفلَيها بعد وفاة زوجها قبل عدة سنوات، حالمة بأن تعتاش من رزق الأرض وتعيل ابنَيها، قبل أن تعكّر صفو حياتها بؤرة استيطانية جديدة بمحاذاة أرضها.
أيام وشهور مضت، وضعت فيها "أم يامن" كل آمالها على خيرات أرضها، لتعيل ابنَيها وتوفر لهما حياة كريمة، إلا أن شبح الاستيطان بات يخيّم فوق أرضها، ويهددها بمصدر رزقها الوحيد.
وتعرّض المشروع الزراعي لـ"أبو حنيش" لعدة اعتداءات، كان آخرها قبل يومين، عندما هاجم المستوطنون البيوت البلاستيكية في أرضها وأتلفوها وحطموا مضخات المياه والأسمدة ومعدات زراعية.
وقالت "أم يامن": إن أرضها تعرضت للاعتداء للمرة الثالثة، حيث قام المستوطنون مؤخراً بتمزيق شبكة الري، وتدمير مضخات المياه، وسرقة أحدها، إلى جانب تقطيع أسلاك الأشتال الخاصة بالبيوت البلاستيكية بأرضها، إضافة إلى تمزيقها من جميع الجهات، وسكب نحو 80 كوباً من المياه عمداً على الأرض، بهدف إفساد المزروعات.
وأضافت: "فتحوا المياه على المحاصيل، وقطعوا أنابيب وأسلاك المياه، وحطموا الباب الرئيس للمنشأة. ورغم أننا أصلحنا الأضرار في كل مرة، فإنهم عادوا وسرقوا الأنابيب والمعدات من جديد".
وتابعت: "حتى خلية النحل، التي أحضرناها قبل يومين فقط، تم تخريبها بالكامل".
وأوضحت "أم يامن" أنها تعمل في الأرض منذ ثلاث سنوات، ولم تكن تواجه أي خطر في السابق، لكن منذ إقامة البؤرة الاستيطانية في المنطقة، باتت الأرض ومن يصلها تحت تهديد دائم، وقالت: "هذه البؤرة أصبحت كابوساً لنا".
وأضافت: "زرعنا البندورة في البيوت البلاستيكية منذ ثلاثة أشهر، وكان موعد القطاف قريباً، لكنهم دمّروا الأرض مجدداً، وتسببوا بخسائر كبيرة. هذه الأرض مصدر رزقي الوحيد، لا معيل لنا سواي".
وتذهب "أم يامن" للعمل في الأرض برفقة أبنائها، وأحياناً بمرافقة بعض أهالي القرية لحمايتهم والانتباه لأي تحركات مشبوهة من قبل المستوطنين، قائلة: "هم يعتدون علينا ليُجبرونا على تركها، ويقولون لنا بصريح العبارة: ممنوع تأتوا إلى هنا".
لكن رغم ذلك، تؤكد "أم يامن": "أنا راح أقاوم لآخر نفس. هذه أرضي، وسأبقى فيها، أزرعها وأحرسها وأعيش منها، مهما حاولوا إخافتنا".
وتقع أرض "أم يامن" ضمن المناطق المصنفة (ج)، ما يجعلها أكثر عرضة لاعتداءات المستوطنين الذين يتمتعون بحماية من قوات الاحتلال، ويواصلون محاولاتهم للسيطرة على الأراضي الزراعية في محيط بيت دجن وشرق نابلس.
من جهته، قال مدير مركز أبحاث الأراضي في نابلس، محمود الصيفي: إن البؤرة الاستيطانية التي أقامها المستوطنون في 29 آب الماضي، شُيّدت على أراضٍ مصادرة من قرية سالم منذ العام 1987، وهي تتوسط قرى سالم وبيت دجن وبيت فوريك شرق نابلس.
وبيّن أن المستوطنين بدؤوا باستخدام هذه الأرض مؤخراً بحجة أنها مصادرة، وتقع ضمن مناطق مصنفة (ج)، لافتاً إلى أنها تضم حالياً خمسة "كرفانات"، وتم شق طريق معبد يصل إليها.
وأشار إلى أن البؤرة الجديدة تتوسط الأراضي الواقعة بين قرى سالم وبيت دجن وبيت فوريك، وأن الخطر الأساسي يتمثل في اقتراب هذه البؤر من مناطق مصنفة (ب)، حيث تتوسع تدريجياً، ما يزيد من المخاوف لدى السكان والمزارعين في المنطقة.
ولفت إلى خطر إضافي تمثله هذه البؤر الاستيطانية، كونها قريبة من البئر الارتوازية التي تزود قريتَي بيت دجن وبيت فوريك بمياه الشرب، وأن المستوطنين أقاموا الأسبوع الماضي بوابة جديدة على الطريق الرئيس المؤدي إلى بيت دجن، ما أدى إلى منع المزارعين من الوصول إلى البئر.
0 تعليق