وزير الخارجية يلقي كلمة مملكة البحرين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ويؤكد التزام مملكة البحرين بتعزيز التعاون متعدد الأطراف وتوطيد شراكتها الإستراتيجية مع الأمم المتحدة - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نيويورك في 27 سبتمبر/ بنا /  أكد سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية التزام مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، بتعزيز التعاون متعدد الأطراف، وتمسكها بالقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتوطيد شراكتها الإستراتيجية مع الأمم المتحدة ووكالاتها، بما يحقق التطلعات الجماعية نحو السلام والأمن والازدهار المستدام.

 

وأعرب وزير الخارجية عن اعتزاز مملكة البحرين بتزامن أعمال هذه الدورة مع انتخاب المملكة عضوًا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2026–2027، وأكد أن رؤية مملكة البحرين، بقيادة جلالة الملك المعظم، للسلام والتعايش والازدهار الإقليمي والعالمي، متجذرة في تراثنا التاريخي والحضاري، وقيمنا الإنسانية، ونهجنا الدبلوماسي المتوازن، والتي تنسجم مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

 

وقال إن مملكة البحرين ملتزمة بالحلول السلمية للنزاعات، لا سيما في الشرق الأوسط. وتدعو إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وحماية المدنيين، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام، والشروع في تنفيذ الخطة العربية والإسلامية للتعافي وإعادة إعمار القطاع.

 

وأضاف أن مملكة البحرين تدعو إلى انتهاج المفاوضات والحلول الدبلوماسية سبيلا لتسوية القضية الفلسطينية وفق قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتحث المجتمع الدولي على الاستجابة للمبادرة التي أقرتها القمة العربية الثالثة والثلاثون "قمة البحرين"، بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، من خلال مفاوضات مباشرة تفضي إلى حل شامل مستدام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

جاء ذلك في كلمة مملكة البحرين التي ألقاها سعادة وزير الخارجية اليوم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفيما يلي نص الكلمة:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

معالي السيدة أنالينا بيربوك، رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة،

معالي الأمين العام للأمم المتحدة،  

السيدات والسادة .. الحضور الكرام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

يطيب لي أن أهنئ معاليك على انتخابك رئيسة لهذه الدورة، متمنيًا لك التوفيق في إدارة أعمالها. كما أتوجه بالشكر إلى معالي الأمين العام السيد أنطونيو غوتيريش، على جهوده الدؤوبة في تعزيز دور الأمم المتحدة في معالجة القضايا الدولية المعاصرة.  

 

معالي الرئيسة،  

تنعقد هذه الدورة الثمانون للجمعية العامة والعالم يواجه تحولات متسارعة وتحديات معقدة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، والنزاعات المسلحة، وتغير المناخ، والأزمات السياسية والاقتصادية الكبرى، التي تُسفر جميعها عن تداعيات إنسانية وخيمة. ويتطلب هذا الوضع جهداً جماعياً لتعزيز التضامن الدولي، وترسيخ الحوار والتفاهم، واحترام القانون الدولي، من أجل مستقبل أكثر إشراقاً للبشرية.

 

وفي هذا السياق، تؤكد مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، التزامها بتعزيز التعاون متعدد الأطراف، وتمسكها بالقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وبتوطيد شراكتها الإستراتيجية مع الأمم المتحدة ووكالاتها، بما يحقق تطلعاتنا الجماعية نحو السلام والأمن والازدهار المستدام.

 

تتزامن أعمال هذه الدورة مع انتخاب بلادي عضوًا غير دائم في مجلس الأمن للعامين القادمين، بنسبة تصويت بلغت تسعة وتسعين وخمسة من عشرة بالمئة (99.5%) من أصوات الجمعية العامة، وهي ثقة دولية غالية نقدرها ونعتز بها، ونشكر جميع الدول على دعمها وثقتها. كما تستعد بلادي لاستضافة اجتماع المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في ديسمبر المقبل، معززةً بذلك دورها كشريك أساسي في تعزيز الأمن والسلم والتعايش الإقليمي والدولي في مجتمعات مستقرة ومستدامة ومزدهرة.

 

ومن هذا المنطلق، تأتي رؤية مملكة البحرين، بقيادة جلالة الملك المعظم، للسلام والتعايش والازدهار الإقليمي والعالمي، المتجذرة في تراثنا التاريخي والحضاري، وقيمنا الإنسانية، ونهجنا الدبلوماسي المتوازن، والتي تنسجم مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. إننا نؤمن إيمانًا راسخًا بالسلام، وأن أي نزاع لا يمكن أن يجد حلاً دائماً إلا عبر المفاوضات المباشرة، والإرادة السياسية، وروح التوافق. ولهذا نرحب بكافة المبادرات الصادقة للوساطة والحوار، إيماناً بأن الدبلوماسية، هي السبيل الوحيد لإنهاء دوامة الموت والدمار، وصياغة مستقبل تتوارثه الأجيال القادمة بكرامة وأمل.

 

إن مملكة البحرين تسعى لتحقيق هذه الرؤية من خلال المحاور الرئيسية التالية:

 

أولها الالتزام بالحلول السلمية للنزاعات، لا سيما في الشرق الأوسط. حيث تدعو مملكة البحرين إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وحماية المدنيين، والإفراج  الفوري عن الرهائن والمحتجزين، والإسراع في تأمين إيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام، والشروع في تنفيذ الخطة العربية والإسلامية للتعافي وإعادة إعمار القطاع، والتأكيد على الرفض القاطع لأي مخططات للتهجير القسري، أو التوسع الاستيطاني، أو المساس بالوضع التاريخي والديني القائم في القدس، كمدينة احتضنت الديانات السماوية على مر التاريخ.

 

وتحذر بلادي من تداعيات الحرب في قطاع غزة على الأمن والاستقرار الإقليمي والمصالح العالمية، وقد أدانت الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة، التي طالما قامت بدور مشهود في الوساطة، بالشراكة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين.

 

ومن هذا المنطلق فإن بلادي تدعو إلى انتهاج المفاوضات والحلول الدبلوماسية سبيلا لتسوية القضية الفلسطينية وفق قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ونحث المجتمع الدولي على الاستجابة للمبادرة التي أقرتها القمة العربية الثالثة والثلاثون "قمة البحرين"، بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، من خلال مفاوضات مباشرة تفضي إلى حلٍ شامل مستدام للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي.

 

وترحب مملكة البحرين بقرار الجمعية العامة، اعتماد "إعلان نيويورك" بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، مشيدين بالاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية،  والجهود الحثيثة التي بذلتها بهذا الخصوص، المملكة العربية السعودية بالشراكة مع الجمهورية الفرنسية.

 

وتؤكد مملكة البحرين على ضرورة الحلول السلمية للأزمات في سوريا ولبنان والسودان وليبيا واليمن والصومال وغيرها، بما يضمن سيادة الدول الشقيقة ووحدة وسلامة أراضيها، ويصون حقوق شعوبها في الاستقرار والتنمية المستدامة. ويرتكز هذا النهج على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ورفض استخدام القوة أو التهديد بها.

 

كما تؤكد المملكة على أهمية العمل المشترك لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتجنيبها مخاطر سباق التسلح والتصعيد العسكري، وتدعو إلى عودة المفاوضات الأمريكية الإيرانية لحل الملف النووي الإيراني، بما يعزز السلم والأمن العالميين.

 

ويتناول المحور الثاني تعزيز ثقافة السلام والتسامح والتعايش والحوار بين الأديان والثقافات، بما يتسق مع مبادئ "إعلان مملكة البحرين" بشأن حرية الدين والمعتقد، والدعوة لإقرار اتفاقية دولية لمكافحة خطابات الكراهية الدينية والعنصرية، ومنع إساءة استخدام المنصات الرقمية للتحريض على التعصب والتطرف والإرهاب.

 

ويتعلق المحور الثالث لرؤية مملكة البحرين بتعزيز الشراكات الإستراتيجية الدولية من أجل الأمن والسلام والازدهار. وفي هذا الإطار نعبر عن اعتزازنا بالاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار (C-SIPA) الموقعة بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، والتي يصفها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بأنها "نقطة انطلاق لإطار متعدد الأطراف يهدف إلى جمع الدول ذات التوجهات المشتركة في تحقيق الاستقرار والازدهار، ومثالاً فعالاً لرؤية شاملة قائمة على الاحترام المتبادل والأهداف المشتركة".

 

وتسعى بلادي إلى تعزيز شراكاتها مع الدول والمنظمات والتكتلات الاقليمية والدولية وذلك من أجل مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن السيبراني، والأمن الغذائي والمائي، والابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي لتوفير بيئة آمنة مستقرة مزدهرة ومستدامة.

 

ويؤكد المحور الرابع على التزام بلادي بتعزيز التعاون الدولي من أجل التنمية المستدامة والتضامن الإنساني، ومعالجة الفقر حول العالم. وتتولى المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية في مملكة البحرين تنفيذ العديد من المشاريع الصحية والتعليمية والإغاثية عالمياً، إلى جانب متابعة المملكة تنفيذ مبادرتها التي أقرتها "قمة البحرين" بشأن توفير المساعدات الصحية والتعليمية للمتضررين من النزاعات والصراعات في المنطقة، دعمًا لأهداف التنمية المستدامة وضمان عدم تخلف أحد عن الركب.

 

إن مملكة البحرين، إذ تعتز بالتعاون المثمر مع الأمم المتحدة، تؤكد حرصها على نقل تجربتها كأحد النماذج الرائدة في الإصلاح والتطوير المستدام، وتحديث التشريعات، وموطنٍ للتسامح والتعايش، والحريات الدينية والعمل الإنساني.

 

ونفخر في مملكة البحرين بأن الإصلاح والتنمية لم تبقَ شعارات، بل أصبحت واقعاً يعيشه المواطن البحريني. فشبابنا يقودون الابتكار الرقمي، ونساؤنا يعتلين مواقع قيادية، ومجتمعنا يقدم نموذجاً للتعايش والتعددية. لقد كان هدف حكومة بلادي دائماً أن توفر للمواطنين حياة كريمة في السكن والعمل والتعليم والصحة، لأننا نؤمن أن كرامة الإنسان هي أساس ازدهار الوطن، وهذه الروح ذاتها نريدها أن تكون منطلقاً لإقليم أكثر تعاوناً واستقراراً.

 

لقد عززت بلادي سيادة القانون والمؤسسات الدستورية، وحققت تقدماً مشهوداً في كافة مجالات حقوق الإنسان، ونفخر بمبادراتنا الرائدة مثل الـتدابير البديلة للعقوبات، والسجون المفتوحة، ومحكمة خاصة للأطفال، وبرامج داعمة للمرأة والأسرة والطفل، ومنظومة تشريعية متطورة. كما يواصل اقتصادنا تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، مع مساهمة متنامية للقطاعات غير النفطية، وجذب استثمارات تعكس الثقة الدولية المتزايدة. وفي المجال الرقمي، تتبوأ بلادي موقعاً متقدماً عالمياً في الابتكار والتحول الرقمي والأمن السيبراني. وقد دعا صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في خطابه أمام الجمعية العامة العام الماضي إلى إقرار اتفاقية دولية لتنظيم وحوكمة تطوير الذكاء الاصطناعي.  

 

وتفخر بلادي بقدرات وكفاءة شبابها، فقد تبنت العديد من المبادرات الرائدة لتمكين الشباب، مثل جائزة الملك حمد لتمكين الشباب بالشراكة مع الأمم المتحدة، وتدشين الشبكة العالمية الداعمة لتنافسية الشباب "شبكة الأمل"، وكذلك لدعم تقدم المرأة عبر إطلاق جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة في دورتها الثالثة، إلى جانب عضويتنا في المجلس التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للأعوام الثلاثة المقبلة.

 

أما في المجال البيئي، فنؤكد التزامنا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، من خلال الاستثمار في الطاقة النظيفة والتقنيات الخضراء.

 

معالي الرئيسة،  

السيدات والسادة،

 

إن ما تقوم به مملكة البحرين في الداخل من إصلاح وتنمية هو امتداد لرؤيتنا الأوسع في الخارج: فبناء مجتمع أكثر عدلاً وتسامحاً واستدامة في البحرين هو مساهمة مباشرة في بناء شرق أوسط أكثر أمناً واستقراراً، وعالم أكثر تعاوناً وإنصافاً.

 

من هنا، تجدد مملكة البحرين التزامها بميثاق الأمم المتحدة، وحرصها على تعزيز التعاون مع المنظمة عبر إطار الشراكة الاستراتيجية للتنمية المستدامة الموقع مع أكثر من 21 وكالة تابعة للأمم المتحدة. كما تؤكد رسالة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة اعتزاز مملكة البحرين بعضويتها وحرصها على تحقيق الأهداف الإنسانية والتنموية العالمية، وتعزيز الشراكات الإستراتيجية لبناء مستقبل يسوده السلام والعدل والرخاء لشعوب العالم.

 

ومن هذا المنطلق تدعو بلادي إلى إصلاح منظومة الأمم المتحدة، لتحسين فاعليتها وشفافيتها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتمثيل الدول النامية في صنع القرار. وتلتزم بلادي خلال عضويتها غير الدائمة المقبلة في مجلس الأمن، بتعزيز الحوار، وبناء جسور السلام، وتكريس التسامح والتعايش ودعم حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز كفاءة المجلس في مواجهة التحديات العالمية.

 

إن القرارات التي نتخذها خلال هذه الدورة لا ترسم فقط حاضرنا، بل تحدد مصير أجيال لم تولد بعد. هل سيرثون عالماً ممزقاً بالصراعات والانقسامات؟ أم موطناً للسلام والازدهار والتعاون الإنساني؟ دعونا نعمل لتحقيق مضامين شعار هذه الدورة "معاً أفضل" لنرتقي إلى مستوى القيم والمبادئ الإنسانية التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة الذي يجمعنا، ولنجعل من هذه الدورة الثمانين للجمعية العامة نقطة تحول نحو نظام دولي أكثر عدلاً وإنسانية، وسلامٍ يرسخ الكرامة ويحقق تطلعات شعوبنا، وازدهارٍ يضمن مستقبلنا المشترك.  

 

إن الأجيال القادمة تستحق أن نمنحها عالماً يتسع لأحلامها، لا يحدّها الخوف ولا يطاردها النزاع، ونسأل المولى عز وجل أن يوفقنا جميعًا لما فيه الخير والنماء للبشرية جمعاء، في عالم أكثر أمنًا وعدالة واستدامة وازدهارًا.

 

شكرًا لكم،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ن.ع, A.A.M

0 تعليق