في عالم يتقاطع فيه الهوس الثقافي مع المضاربات المالية، برزت دمية "لبوبو" (Labubu)، المخلوق الشبيه بالجني ذي الأذنين الكبيرتين، كظاهرة عالمية لم تقتصر على غزو قلوب الملايين، بل أشعلت أيضاً واحدة من أكثر القصص دراماتيكية في أسواق الأسهم الآسيوية. قصة صعود صاروخي لشركة "Pop Mart" المصنعة لها، تلاه تراجع حاد، ليترك وراءه سؤالاً مهماً: من الذي ربح ومن الذي خسر في معركة المليارات هذه؟
من 7 إلى 50 مليار دولار: قصة صعود صاروخي
بدأت القصة رسمياً في عام 2020، عندما طرحت شركة Pop Mart International Group، الرائدة في صناعة "الألعاب الفنية" القابلة للجمع، أسهمها للاكتتاب العام في بورصة هونغ كونغ. كان سعر السهم آنذاك 38.50 دولار هونغ كونغي (حوالي 5 دولارات أمريكية)، وقُدرت القيمة السوقية للشركة بنحو 7 مليارات دولار.
ومع انفجار شعبية دمية "لبوبو"، التي تُباع غالباً في "صناديق عشوائية" (Blind Boxes) تزيد من شغف اقتنائها، ارتفع سهم الشركة بشكل جنوني. وفي ذروة الطلب، مدفوعاً بوسائل التواصل الاجتماعي وسوق إعادة بيع مزدهر، تجاوزت القيمة السوقية للشركة حاجز 50 مليار دولار أمريكي، محققةً عوائد خيالية لمستثمريها الأوائل.
انفجار الفقاعة: خسارة 13 مليار دولار في أسابيع
لكن كما هي حال الكثير من الظواهر المبنية على "الترند"، بدأ الهوس يهدأ. وتشير تقارير اقتصادية حديثة من "بلومبرغ" و"الإيكونوميك تايمز"، إلى أن الاهتمام العالمي بدمية "لبوبو" بدأ يتراجع، وانخفضت أسعارها بشكل كبير في سوق إعادة البيع.
وكان لهذا التراجع أثر مباشر ومدمر على سعر السهم، حيث فقدت الشركة نحو 13 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال أسابيع قليلة. ووفقاً لبيانات السوق، يتداول السهم حالياً عند حوالي 255.40 دولار هونغ كونغي (قرابة 33 دولاراً أمريكياً)، لتستقر القيمة السوقية عند حوالي 43.8 مليار دولار، وهو تراجع كبير عن القمة التي وصل إليها.
الرابحون والخاسرون في لعبة "الترند"
ويكشف هذا التقلب الحاد عن وجهين لقصة "لبوبو":
الرابحون: هم مؤسسو الشركة والمستثمرون الأوائل الذين دخلوا بسعر الاكتتاب (5 دولارات). فهؤلاء لا يزالون يحققون أرباحاً هائلة، حيث لا يزال سعر السهم الحالي أعلى بأضعاف من سعره الأولي.
الخاسرون: هم المستثمرون الذين أغراهم "الترند" واشتروا الأسهم خلال ذروة الصعود، ودفعوا أسعاراً قياسية على أمل استمرار الموجة. هؤلاء هم من تكبدوا الخسائر الأشد، بعد أن انفجرت الفقاعة وعاد السهم إلى مستويات أكثر واقعية.
وهكذا، تبقى قصة "لبوبو" وشركة "Pop Mart" درساً اقتصادياً بليغاً عن كيفية تحول الهوس الثقافي إلى أداة للمضاربة المالية، وعن المخاطر الكبيرة التي تحيط بالاستثمار في الظواهر الرائجة سريعة الزوال.
0 تعليق