في عملية أمنية واسعة النطاق، أعلنت وزارة الداخلية الزامبية اعتقال أكثر من 500 مواطن أجنبي متورطين في أنشطة تعدين غير قانونية للذهب في مناطق متعددة من البلاد، خصوصا في مقاطعة الشمال الغربية.
وجاءت هذه المداهمات كجزء من حملة وطنية مكثفة أطلقتها الحكومة في يونيو الماضي، بناء على توجيهات الرئيس هاكاينده هيتشيلهما، للحد من سيطرة الأجانب على قطاع التعدين الصغير والمتوسط، الذي يُعد مصدرا حيويا للاقتصاد الزامبي.
ووفقا لبيان رسمي صادر عن مدير الهجرة الزامبية، فإن معظم المعتقلين هم من جنسيات شرق آسيوية وأفريقية، وتم ترحيل أكثر من 300 منهم بالفعل، بينما يواجه الباقون إجراءات قانونية تشمل الغرامات والسجن.
وأكدت السلطات الزامبية أن هذه العملية ليست سوى البداية، إذ تهدف إلى استعادة السيطرة على موارد الذهب الطبيعية، التي تشهد تدفقا غير مشروع للعمالة الأجنبية، مما يحرم الدولة من الإيرادات الضريبية ويهدد البيئة والأمن العام.
وبدأت العملية المستهدفة في 4 يونيو، بالتعاون بين وزارة الهجرة والشرطة والاستخبارات، واستهدفت المناطق الحدودية والطرق الرئيسية، وبحسب بيان مدير الهجرة، أدت إلى اعتقال 313 أجنبيا حتى يوليو، مع ترحيل معظمهم فورا بموجب قانون الهجرة والترحيل رقم 18 لعام 2010، وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت العمليات لتشمل مداهمات في مواقع الذهب السرية، مما رفع العدد إلى أكثر من 500.
وعملت السلطات الزامبية على مصادرة معدات تعدين، مركبات، وكميات من الذهب الخام، إضافة إلى أدلة على شبكات تهريب دولية، وقال الرئيس هيتشيلهما في خطاب حديث: «يجب أن تكون مواردنا لشعبنا، وليس للمغامرين الأجانب الذين يدمرون أرضنا».
الذهب الزامبي.. ثروة تُنهب في الظلام
وتشكل زامبيا واحدة من أكبر منتجي المعادن في أفريقيا، إذ يُساهم قطاع التعدين بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، معتمدا بشكل أساسي على النحاس، لكن الذهب أصبح في السنوات الأخيرة مصدرا ناشئا للثراء السريع.ووفقا لتقارير البنك الدولي، ينتج الذهب في زامبيا نحو 1.5 طن سنويا من التعدين غير الرسمي، لكن هذا الرقم يرتفع إلى عشرات الأطنان عند احتساب الأنشطة غير القانونية، التي تُقدر خسائرها بملايين الدولارات سنويا.
ومنذ عام 2022، كشفت وحدة مكافحة جرائم التمويل غير المشروع (FIC) شبكات تهريب تعمل بقيمة تصل إلى مليار كوانزا (نحو 5 ملايين دولار أمريكي)، تشمل مواطنين زامبيين وأجانب من شرق أفريقيا، يستخدمون عملة أجنبية غير مشروعة لشراء الذهب والنحاس والأحجار الكريمة، ثم تهريبها خارج الحدود دون دفع الضرائب أو الرسوم الجمركية.
مطامع واسعة في ثروات زامبيا
وتشمل المناطق الساخنة كاسيمبا، موفوليرا، كيتوي، وتسينجولا، حيث يتم تسجيل الحسابات البنكية والمحافظ الإلكترونية بأسماء وكلاء زامبيين لإخفاء الهويات الأجنبية، إذ تُعزى هذه الظاهرة إلى قوانين صارمة تمنع الأجانب من المشاركة في التعدين الصغير، كما في قانون المعادن لعام 2015، الذي يحصر هذا القطاع على المواطنين الزامبيين لتشجيع التنمية المحلية.وأدى ارتفاع أسعار الذهب عالميا إلى تدفق آلاف الأجانب، خصوصا من الصين ودول شرق آسيوية، مستغلين الثغرات الأمنية والفساد المحلي، وهذا ليس جديدا؛ فقد شهدت زامبيا اعتقالات سابقة، مثل اعتقال 31 صينيا في تشينجولا عام 2017، و17 آخرين في يوليو 2025 أثناء سفرهم إلى مواقع تعدين.
كما أن التعدين غير الشرعي يسبب أضرارا بيئية هائلة، مثل تلوث الأنهار بالزئبق، وانتهاكات حقوقية تشمل استغلال العمالة الطفلية، إضافة إلى حوادث قاتلة أدت إلى مقتل عشرات في انهيارات الأنفاق.
أخبار ذات صلة
0 تعليق