ذاكرة السيرة الذاتية - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«ساي تيك ديلي»

هل سبق لك أن تذكرت يوماً معيناً مرت عليه سنوات بتفاصيله الدقيقة، أين كنت، من كان معك، وبم شعرت؟. بالنسبة لمعظم الناس تتلاشى تفاصيل التجارب بمرور الوقت، وتبقى فقط لمحات أو مشاعر عامة. لكن هناك من لا ينسى شيئاً، بل يسترجع أيام حياته كما لو كانت محفوظة في أرشيف حيّ داخل الدماغ.
ذاكرة السيرة الذاتية هي القدرة على تذكر التجارب الشخصية التي تتشكل منذ الطفولة. تتضمن هذه الذاكرة تفاصيل عاطفية وحسية للأشخاص والأماكن والأحداث، إلى جانب معلومات واقعية مثل الأسماء والتواريخ التي تساعد على تحديد زمن وموقع التجربة. ويختلف وضوح هذه الذكريات من شخص لآخر، ويتأثر بعوامل مثل الزمن والأهمية الشخصية للموقف.
وبما أن الذاكرة ديناميكية، فغالباً ما تتلاشى التفاصيل، أو يعاد تشكيل الذكرى بشكل جزئي عند استرجاعها. لكن في حالات نادرة جداً، موثقة في الأدبيات العلمية، يتمتع بعض الأشخاص بقدرة خارقة على تذكر تفاصيل حياتهم اليومية بدقة، مع ربط كل ذكرى بتاريخ تقويمي محدد. هؤلاء الأفراد يُعرفون بفرط التذكر، أو فرط الذاكرة الذاتية، حيث تُفهرس الذكريات في أذهانهم بدقة حسب التسلسل الزمني، كأنهم يملكون تقويماً حيّاً لحياتهم.
يستطيع البعض منهم، على سبيل المثال، أن يصفوا بالتفصيل ما فعلوه في السادس من يوليو عام 2002، وأن يسترجعوا المشاعر والأحاسيس التي عاشوها في ذلك اليوم كما لو كانت تحدث الآن. ويعتقد الباحثون أن هذه القدرة ترتبط بنمط مميز من الوعي الذاتي، يمكّن صاحبه من التنقل عقلياً عبر الزمن، سواء نحو الماضي أو المستقبل، أو حتى تخيّل سيناريوهات افتراضية.
من بين الحالات اللافتة، رصد الباحثون تجربة فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً، طورت طريقة ذهنية فريدة لتنظيم واسترجاع ذكرياتها. تصف الفتاة ذهنها كأنه غرفة بيضاء ذات سقف منخفض، مقسمة إلى مجلدات زمنية وموضوعية تخزن فيها حياتها منذ الطفولة. كل جزء من حياتها، علاقاتها العائلية، رحلاتها، أصدقاؤها، لحظات الفرح والحزن، محفوظ في ملفات منظمة بدقة.

0 تعليق