فى أعماق تلال جرانيتية بجنوب الصين، يعمل مرصد عملاق بتكلفة 300 مليون دولار على محاولة فك أسرار الكون عبر دراسة جسيمات غامضة تعرف بـ"النيوترينوات"، أو ما يطلق عليها العلماء "الجسيمات الشبحية".
الجهاز، الذي استغرق بناؤه أكثر من تسع سنوات في مدينة كايبينغ، يقع على عمق 700 متر (2300 قدم) تحت الأرض لحمايته من الأشعة الكونية التي قد تعيق عمله، ويُعرف باسم مرصد جيانجمن للنيوترينو، وفقا لموقع "ديلى ميل".

الجهاز من الداحل
النيوترينوات هي جسيمات أولية انطلقت منذ الانفجار العظيم قبل أكثر من 13 مليار سنة، وتنتج أيضًا من النجوم مثل الشمس أو من تصادم الذرات في مسرعات الجسيمات، وتمر تريليونات منها عبر أجسام البشر كل ثانية دون أن نشعر بها، نظرًا لصعوبة رصدها أو تفاعلها مع المادة.
ويعتمد المرصد الجديد على كرة ضخمة من الأكريليك مليئة بسائل خاص يضيء عند اصطدام النيوترينوات به، وتحيط بها أسطوانة تحتوى على 45 ألف طن من المياه النقية.

العمال فى الداخل
من المتوقع أن يتمكن الجهاز من تسجيل نحو 50 ومضة ضوئية يوميًا نتيجة تلك الاصطدامات النادرة.
الهدف الأساسي للمشروع هو تحديد التسلسل الهرمي لكتلة النيوترينو، وهو أحد أكبر الألغاز في الفيزياء الحديثة، وقال وانج ييفانج من الأكاديمية الصينية للعلوم:"بمعرفة هذا التسلسل يمكننا بناء نموذج أكثر دقة لفيزياء الجسيمات والكون".
من جانبها، وصفت كيت شولبيرج، أستاذة الفيزياء بجامعة ديوك الأميركية، المشروع بأنه "خطوة جريئة للغاية"، مؤكدة أن رصد هذه التغيرات الطفيفة في الجسيمات "يمثل تحديًا علميًا هائلًا".

جهاز كشف عن النيوترينوات
ويتوقع العلماء أن يستغرق الأمر نحو ست سنوات لجمع بيانات كافية تصل إلى 100 ألف ومضة ضوئية تسمح باستخلاص نتائج دقيقة.
إلى جانب المرصد الصيني، يتم تطوير مشروعين آخرين مماثلين: هايبر كاميوكاندي في اليابان، وتجربة النيوترينو تحت الأرض في الولايات المتحدة، والمقرر أن يبدأ تشغيلهما بين عامي 2027 و2031 للتحقق من النتائج.
ويأمل الباحثون أن تساعد هذه الاكتشافات في الإجابة على سؤال جوهري: لماذا يتكون الكون في معظمه من المادة، بينما اختفت إلى حد كبير نظيرتها المضادة، أي المادة المضادة؟
0 تعليق