Published On 3/10/20253/10/2025
|آخر تحديث: 17:11 (توقيت مكة)آخر تحديث: 17:11 (توقيت مكة)
باريس- امتلأت شوارع العاصمة الفرنسية باريس بآلاف المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن تضامنهم وغضبهم إزاء ما تعرض له أسطول الصمود الدولي من اعتراض واعتقال جميع نشطائه على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
المشهد الباريسي لم يكن معزولا عن بقية القارة الأوروبية، إذ شهدت عدة عواصم أخرى حراكا احتجاجيا مشابها للتأكيد على أن الحصار البحري والإنساني المفروض على قطاع غزة لم يعد قضية تخص أطرافا محددة فحسب، بل بات قضية تمس الضمير الإنساني العالمي.
وترددت في الساحات الفرنسية، أمس الخميس، هتافات غاضبة وشعارات رافضة لاعتراض البحرية الإسرائيلية للأسطول الدولي المتجه إلى غزة، والذي يقل 497 ناشطا، جرى احتجازهم جميعا في المياه الدولية بعد عملية عسكرية استمرت قرابة 12 ساعة.

"لا سلام دون عدالة"
ما إن أعلن عن اعتراض أولى سفن الأسطول، ليلة الأربعاء، حتى تحرك المتظاهرون في فرنسا دون انتظار أي موقف من الإليزيه أو من الأمم المتحدة.
وفي ساحة الجمهورية وسط باريس، علت الأعلام الفلسطينية واللافتات، ورددت الحشود هتافات بالفرنسية والعربية: "لا سلام في العالم دون عدالة في فلسطين"، و"أوقفوا قتل أطفال فلسطين"، و"حرروا الأسطول.. حرروا فلسطين"، و"غزة ليست وحدها".
وفي مدينة مارسيليا، تجمع المئات أمام مقر البلدية ليلا للمطالبة بالإفراج عن نشطاء الأسطول، في حين نددوا باعتقال نحو 100 متظاهر حاولوا محاصرة مقر شركة "يورو لينك" المتهمة ببيع مكونات عسكرية لإسرائيل.
وامتدت المظاهرات أيضا إلى مدن ليل وغرونوبل وليون ورين، بينما شددت الشرطة الفرنسية إجراءاتها لتفادي الاشتباكات، لكنها لجأت إلى الغاز المسيل للدموع أكثر من مرة لتفريق الحشود الغاضبة.

مهمة إنسانية وسياسية
النائبة الفرنسية عن حزب "فرنسا الأبية" غابرييل كاتالا وصفت ما جرى بأنه "انتهاك جديد وإذلال مستمر وكأن التاريخ يعيد نفسه"، مؤكدة أن الأسطول سيواصل الإبحار، وأن هناك أسطولا آخر انطلق بالفعل باتجاه غزة، بالإضافة إلى سفينة "الضمير" التي تقل أكثر من 100 صحفي وطبيب.
إعلان
وفي حديثها للجزيرة نت، انتقدت كاتالا الموقف الفرنسي، ووصفت رد فعل باريس بأنه "مخجل"، مشيرة إلى بيان وزير الخارجية جان نويل بارو الذي دعا النشطاء لترك المساعدات وكأنها ستصل تلقائيا إلى غزة، متجاهلا الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2007.
وأضافت أن الهدف الأساسي للأسطول سياسي بالدرجة الأولى، وهو كسر الحصار وفتح ممر إنساني، لا مجرد إيصال مساعدات.
وانطلق أسطول "الصمود العالمي" مطلع سبتمبر/أيلول من إسبانيا، بمشاركة أكثر من 40 قاربا ومئات النشطاء من 46 دولة، بينهم 38 فرنسيا، من ضمنهم 5 برلمانيين.
أما المحامية دومينيك كوشان، فرأت أن الاعتقالات جاءت نتيجة تقاعس الدول عن مواجهة الكارثة الإنسانية والإبادة الجماعية"، معتبرة أن ما جرى "قرصنة" مكشوفة تحت غطاء الحصار.
وقالت كوشان للجزيرة نت إن النشطاء لم يكن لهم أي نية لدخول إسرائيل، وإن ما حدث لا يوصف قانونيا إلا بأنه "اختطاف في المياه الدولية".

مطالبات بالإفراج
من ناحيتها، أكدت رئيسة كتلة "فرنسا الأبية" في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو، خلال المظاهرات، تضامنها مع المحتجزين في إسرائيل، ودعت مع زعيم الحزب جان لوك ميلانشون والنائب مانويل بومبارد إلى الإفراج عنهم، وتعليق اتفاق الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل، وفرض عقوبات على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.
كما انضمت منظمة "مراسلون بلا حدود" إلى موجة التنديد، مطالبة بالإفراج عن أكثر من 20 صحفيا دوليا اعتقلوا خلال العملية، واعتبرت احتجازهم ومنعهم من أداء عملهم "انتهاكا خطيرا لحرية الإعلام والحق في الوصول إلى المعلومة".
" frameborder="0">
خرق صارخ
وفي بيان نشر على منصات التواصل الاجتماعي، أعلن أسطول الصمود، صباح الجمعة، أن البحرية الإسرائيلية استولت على سفينة "مارينيت" آخر سفن الأسطول، على بعد نحو 42 ميلا بحريا من غزة، ليصل عدد السفن التي تمت السيطرة عليها إلى 42.
وأكدت المحامية كوشان أن نقل النشطاء إلى الأراضي الإسرائيلية يمثل "انتهاكا واضحا للقانون الدولي"، مشيرة إلى أن بعضهم أجبر على التوقيع على وثائق تزعم دخولهم إسرائيل بشكل غير قانوني.
وانتقدت كوشان في الوقت ذاته بيان وزارة الخارجية الفرنسية الذي وصفته بـ"الصادم"، معتبرة أن تنسيقها مع تل أبيب يعني قبولها الضمني بهذه الاعتقالات غير القانونية.
لكن النائبة كاتالا شددت على أن جوهر القضية هو مصير الشعب الفلسطيني، معتبرة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام "خطة استعمارية تنتهك القانون الدولي".
وأكدت أن اعتقال النشطاء جريمة دولية تضاف إلى سلسلة جرائم "الإبادة الجماعية وسياسات الفصل العنصري الإسرائيلية"، مطالبة باريس بقطع العلاقات مع إسرائيل وسحب سفيرها من تل أبيب.
وبينما تتواصل المظاهرات في الشوارع الأوروبية وتتصاعد المطالبات الحقوقية والسياسية، بدا أن ما احتجز في البحر المتوسط لم يكن مجرد أسطول إنساني، بل هو مبدأ إنساني وقانون عالمي يؤكد أن إيصال المساعدات إلى غزة ليس جريمة، وأن البحار لا يحق لأي قوة أن تحتكرها.
إعلان
0 تعليق