زراعة "اللوبيا" في محافظة ظفار تعزز دخل الأسر الريفية - البطريق الاخباري

اخبار عمان 0 تعليق ارسل طباعة

تُعد الزراعة الموسمية أحد أهم مصادر الثروة الزراعية في محافظة ظفار خاصةً في موسم الخريف حيث تزرع الأسر وخاصة النساء في الجبال الذرة واللوبيا أو ما يسمى محليًا (الدُجر)، معتمدين على الأمطار الموسمية (الخريف) لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر دون سقي إلا من مياه الأمطار، وبعد أن تنضج هذه المحاصيل يتم حصادها في موسم الصرب لاستهلاكها أو بيعها أو توزيعها على الأقارب و المعارف.

وتوفر المحاصيل الزراعية من الزراعة الموسمية دخلًا إضافياً لبعض الأسر، خاصة تلك التي تمتلك مساحات واسعة لزراعة اللوبيا أو الذرة، حيث تقوم بزراعة المحاصيل في الأماكن القريبة من منازلها، والتي تسمى المشنوء أو المشديدة، واُعتبرت هذه المحاصيل المصدر الرئيس للغذاء قبل ”النهضة المباركة“، خاصة لأبناء الريف الذين يقطنون في الجبال، حيث يتم حصادها بكميات كبيرة لتلبي الاحتياجات السنوية اللازمة.

وعملية زراعة اللوبيا تبدأ بتسوير الأرض المراد زراعتها وتنظيفها جيدًا، ثم حفر التربة ووضع البذور وتغطيتها بطبقة خفيفة من التراب، ولضمان الحصول على محصول متكامل، تُزرع كمية إضافية من البذور في زاوية قريبة لنقلها إلى الأماكن التي لم تنبت فيها البذور، أثناء النمو يتم إزالة الحشائش التي تظهر مع البذور لمنع الحشرات والحفاظ على صحة النباتات، مع تكرار عملية التنظيف قبل انتهاء الأمطار، وبعد انتهاء موسم الأمطار وانقشاع الضباب الذي كان يحجب أشعة الشمس طوال فترة موسم الخريف، يُحصد المحصول وتُفصل الحبوب عن قشورها بالضرب بالعصا على السنابل التي تم جمعها بعد تجفيفها لعدة أيام، ثم تُنقل الحبوب إلى مكان جاف للتخزين واستخدامها على مدار العام، حيث تعتمد جودة المحصول على مساحة الأرض ومدى العناية بالنباتات.

تقول المزارعة أم علي: "في الثمانينيات، كنا نزرع في مشينوء صغير، نبدأ بزرع 3 كيلوجرامات تقريبا من البذور مع بداية الخريف، وفي موسم الصرب، وهو موسم الحصاد، نحصل ما بين 80 إلى 100 كيلو من اللوبيا”، وتشير إلى أن الإنتاج كان أفضل في الماضي مقارنة بالوقت الحالي،حيث يواجه تحديات زراعية تعيق عملية الإنتاج، وأولها الحشرات التي تعد من أكبر التحديات التي تهدد زراعتها، ورغم هذه الصعوبات، تستمر أم علي في الحفاظ على زراعة اللوبيا كتقليد عائلي، مؤمنة بأن هذا الإرث الزراعي يجب أن ينتقل إلى الأجيال القادمة.

وأوضح سعيد العمري مدير دائرة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بولاية طاقة، أن زراعة اللوبيا تعتمد على مياه الأمطار الموسمية، مما يقلل من الحاجة إلى الموارد المائية الإضافية ويجعلها زراعة مستدامة، مشيرًا إلى توفير الدعم الفني والإرشادات الزراعية للمزارعين الراغبين بذلك من خلال مهندسي الدائرة.

وأكد العمري على أهمية الالتزام بالاستخدام الآمن للمبيدات الحشرية في الزراعات المطرية بمحافظة ظفار، مشددًا على ضرورة استشارة المختصين في الدائرة قبل استخدامها.

ويؤكد سعيد بن علي الشحري عضو المجلس البلدي بولاية طاقة، على أهمية زراعة اللوبيا بصفته جزءًا من تراث المجتمع الريفي في محافظة ظفار، وقال: إن سكان الريف في السابق كانوا يعتمدون على اللوبيا كمصدر رئيس للغذاء، مشيرًا إلى أن زراعتها اقتصرت في المناطق الريفية فقط، ولكن الاستفادة من هذه الزراعة شملت المدينة أيضًا التي كانت تستفيد من اللوبيا والذرة الشامية، وأشار إلى أن اللوبيا أصبحت ذات قيمة اقتصادية كبيرة في الوقت الحالي على مستوى المحافظة، داعيًا إلى تشجيع وحث المجتمع وخاصةً سكان الريف على الحفاظ على هذا الإرث الزراعي القديم والموروث الذي يربطهم بجذورهم ويعزز من استدامة الزراعة المحلية.

ومن جانبه قال محاد بن سعيد العوائد عضو فريق طاقة الخيري: إن زراعة اللوبيا المطرية تعد إرثًا معرفيًا تقليديًا يعتمد عليه الكثير من سكان المناطق الريفية، وقديما كان هناك تبادل السلع بين الريف والمدينة، وأشار إلى أن هذه الزراعة كانت تُنجز بأدوات زراعية وعمليات حصاد يدوية بسيطة، وأن بعض العائلات ما زالت تحتفظ بأنواع وفصائل تقليدية من اللوبيا المتوارثة جيلًا بعد جيل، مما يبرز البساطة والاعتماد على الطبيعة في هذه الممارسات الزراعية المتوارثة عبر الأجيال، وأن إنشاء سوق محلي أو مركز استقبال لحصاد اللوبيا، سيشجع المزارعين على الاستمرار في هذه الزراعة التراثية ويحفزهم على زيادة إنتاجهم، حيث إن توفير مثل هذه الأسواق يسهم في دعم الاقتصاد المحلي ويعزز من قيمة اللوبيا كمحصول موسمي مهم، فضلًا عن دوره في تشجيع الأجيال على تبني هذه المهنة الزراعية والحفاظ على الإرث الزراعي في المنطقة.

وتبقى زراعة اللوبيا في محافظة ظفار رمزًا للإرث المعرفي والزراعي الذي يعكس عمق ارتباط المجتمع الريفي ببيئته وثقافته، ورغم التطور الذي يشهده القطاع الزراعي تظل هذه الزراعة التقليدية ذات قيمة اقتصادية واجتماعية كبيرة، حيث تسهم في دعم دخل الأسر الريفية وتعزيز الأمن الغذائي المحلي. ومع تضافر جهود الجهات المعنية والمجتمع، يبقى الأمل معقودًا على استمرار هذا الموروث الزراعي الذي يجسد روح التعاون والعطاء بين أفراد المجتمع، ويعزز من استدامة القطاع الزراعي للأجيال القادمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق