Published On 20/9/202520/9/2025
|آخر تحديث: 12:35 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:35 (توقيت مكة)
رغم الضجة التي أثارها قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بخفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 0.25 نقطة مئوية ليصل إلى نطاق يتراوح بين 4% و4.25%، إلا أن هذه الخطوة، التي انتظرها المستثمرون طويلا ورحبت بها الأسواق على المدى القصير، لا تحمل حلولا سحرية لأكبر أزمة مالية تواجهها البلاد من حيث تضخم الدين العام وتزايد كلفة خدمته.
فالحكومة الأميركية تنفق اليوم نحو تريليون دولار سنويا على الفوائد، أي ما يعادل دولارا من كل 7 دولارات في الموازنة، وهو عبء يفوق حجم الإنفاق الدفاعي لأول مرة في التاريخ الحديث، وفق ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال.
عبء فائدة بتريليون دولار
وترى الصحيفة أن خفض الفائدة ينعكس سريعا على أذون الخزانة قصيرة الأجل التي تتأثر مباشرة بقرارات الفدرالي، لكنه لا يغير كثيرا من صورة الدين العام، إذ إن 80% من السندات الحكومية صادرة بآجال طويلة بين عامين و30 عاما، وبفوائد مقفلة منذ تاريخ إصدارها.
لذلك، فإن أي توفير ملموس يحتاج إلى سنوات من إعادة التمويل التدريجي، وتوضح جيسيكا رايدل، الباحثة في معهد مانهاتن: "خفض بهذا الحجم الصغير لن يغيّر جذريا عجز الموازنة الذي يقترب من تريليوني دولار".

منحنى عوائد أكثر انحدارا ومخاطر تضخم
وبحسب وول ستريت جورنال، لا تتحرك تكاليف الاقتراض الطويلة الأمد مع أسعار الفائدة القصيرة بالضرورة، لأن المستثمرين يضعون في حساباتهم مخاطر التضخم واستقلالية الفدرالي والسياسات المالية.
هذا يؤدي غالبا إلى "منحنى عوائد أكثر انحدارا" وارتفاع "علاوة الأجل"، ما يرفع تكلفة الاقتراض طويل الأمد.
وينقل التقرير عن جارد بيرنستاين، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، قوله "المستثمرون ما زالوا يطلبون علاوة أجل عندما يُقرضوننا".
إعلان
كما يقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن زيادة طفيفة لا تتجاوز 0.1 نقطة مئوية في معدلات الفائدة كفيلة بإضافة نحو 351 مليار دولار من التكاليف خلال عقد واحد.
خيارات وزارة الخزانة وحدود المناورة
وبحسب وول ستريت جورنال فمن بين الاقتراحات المطروحة لتخفيف العبء، تغيير مزيج آجال الدين عبر زيادة الاعتماد على الأذون القصيرة حين تكون معدلاتها منخفضة.
وكان ستيفن ميرن، كبير اقتصاديي إدارة ترامب وعضو مجلس محافظي الفدرالي، قد انتقد سابقا إفراط إدارة الرئيس السابق جو بايدن في الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة فوتت فرصة تاريخية خلال الجائحة لإعادة تمويل ديونها بأسعار فائدة منخفضة، إذ هبط المتوسط حينها إلى 1.7% فقط، قبل أن يعود ليتجاوز 3% في مارس/آذار 2025.

ضغوط ترامب واستقلالية الفدرالي
وكان الرئيس دونالد ترامب قد ربط مرارا بين خفض الفائدة وتخفيف عبء الدين، مشيرا إلى إمكانية "توفير 900 مليار دولار سنويا" إذا جرى خفض الفائدة بـ3 نقاط مئوية، أي ما يعادل 12 ضعف الخطوة الأخيرة.
لكن تقديرات كهذه، بحسب وول ستريت جورنال، "مبالغ فيها" ولا تعكس واقع هيكل الدين الأميركي.
ويؤكد روبن بروكس، الباحث في معهد بروكينغز، أن الضغط على الفدرالي لتحقيق أهداف سياسية قد يأتي بنتائج عكسية، إذ قد يثير مخاوف التضخم ويؤدي إلى رفع تكاليف الاقتراض طويلة الأجل.
ويضيف "المصداقية المتراكمة للبنك المركزي المستقل هي ما يضمن تكاليف اقتراض منخفضة على المدى البعيد".
في المحصلة، يظهر أن خفض الفائدة الأخير يوفّر للحكومة بعض التنفس على صعيد الاقتراض قصير الأجل، لكنه لا يغير مسار فاتورة الفائدة التي تجاوزت الإنفاق الدفاعي، ولا يبدد مخاوف الأسواق من التضخم وتجدد الضغوط السياسية على الفدرالي.
0 تعليق