Published On 20/9/202520/9/2025
|آخر تحديث: 12:37 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:37 (توقيت مكة)
كتماندو- لا تزال نيبال تشهد تبعات الاحتجاجات الشعبية التي أدت لسقوط الحكومة فيها، ولكنها انتقلت هذه المرة من الميدان إلى أروقة الحكومة والبرلمان الذين حلَّه الرئيس النيبالي، وهو ما عارضته الأحزاب السياسية بالرغم من تأكيدها المشاركة في الإنتخابات القادمة التي حددها الرئيس.
وفي الوقت ذاته، انتقدت حركات الشباب -لا سيما من جيل زد– التي خاضعت الاحتجاجات عدم إشراكها في الحكومة الانتقالية الجديدة التي تم تعيينها والاستجابة لمطالبهم، خاصة التحقيق بمقتل المتظاهرين، والتحقيق بقضايا الفساد ورفض أن تكون الطبقة الحاكمة مممن احتجوا ضدها.
وكانت نيبال الثالثة في سلسلة الدول التي أطيح بحكوماتها في جنوب آسيا بعد سريلانكا، وبنغلاديش، اللتان فرَّ رئيسا حكومتهما.
ضد الفساد
لكن ما يُميز سيناريو نيبال هو استقالة رئيس وزرائها وحكومتها، خلال أقل من 48 ساعة من اندلاع الاحتجاجات ضدها، على عكس سريلانكا وبنغلاديش، حيث واصل المتظاهرون احتجاجاتهم لأسابيع.
وانطلقت الاحتجاجات ضد حكومة نيبال يوم 8 سبتمبر/أيلول الجاري، بعد حظر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد التي يفوق تعداد سكانها الـ30 مليون نسمة، وجاء الحظر -وفق الحكومة- بسبب عدم تسجيل المواقع في الهيئة الحكومية المعنية.
وفي ظل انتشار حالة الغضب في أنحاء البلاد، ومقتل وإصابة عشرات المتظاهرين، واستقالة وزراء من الحكومة تنديدا بالتعامل القاسي مع المحتجيين، استقال رئيس الوزراء شارما أولي، بعد يوم فقط من إنطلاق التظاهرات. وكان أولي، زعيم الحزب الشيوعي النيبالي (الماركسية اللينينية الموحدة) يقود حكومة ائتلافية مع حزب المؤتمر النيبالي.
ويعتقد المتظاهرون من "جيل زد" الذين قادوا الاحتجاجات في البلاد الواقعة على سلسلة جبال هيمالايا، وتحدثت معهم الجزيرة نت، بأن حظر منصات التواصل كان مجرد نقطة إنطلاق، ولكن الاحتجاجات جاءت بسبب فساد الساسة وحلفائهم، وعدم قدرة الحكومة على إدارة شؤون البلاد.
إعلان
وقالت المتظاهرة من جيل "زد"، بوانا غميري، التي تمثل حركة "ماركسست أووتلوك" الماركسية، للجزيرة نت، "كان التفاوت بين نمط الحياة المترف للسياسيين والبيروقراطيين وأبنائهم، وبين الوضع الاجتماعي المتدني للمواطنيين من الأسباب الرئيسية التي جلبت الشباب إلى الشوارع".
وبحسب المحلل السياسي، ونائب رئيس تحرير صحيفة "كاتماندو بوست" تيرا لال بوسال، كانت مطالب جيل زد الرئيسية هي وقف الفساد، والمحسوبية واستغلال خزائن الدولة في نيبال، وأضاف في حديث للجزيرة نت "يطالب جيل زد بالحكم الرشيد، وفرص العمل، والتعليم الجيد، والخدمات الصحية".

الحكومة والمعارضة
وإثر استقالة رئيس الوزراء، حلَّ رئيس نيبال رام شاندرا بودل البرلمان، وعين الرئيسة السابقة للمحكمة العليا سوشيلا كاركي رئيسة مؤقتة للوزراء حتى إجراء الانتخابات في مارس/آذار 2026.
ورغم تعيين رئيسة مؤقتة للحكومة، عارضت الأحزاب السياسية، في بيان مشترك، حل البرلمان، وبحسب المحلل بوسال، جاءت هذه المعارضة لأن الأحزاب فقدت فرصة التأثير في اختيار رئيس الوزراء بعد حل البرلمان، وأضاف بوسال، للجزيرة نت "رغم معارضة الأحزاب الأولية، أجمع قادتها على المشاركة في الانتخابات القادمة".
وفي السياق، أكد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي النيبالي (الاشتراكية الموحدة)، أشيش غميري للجزيرة نت، استعداد حزبه للمشاركة في الانتخابات، مشيرا إلى أن جميع الأحزاب في البلاد، قد توصلت إلى إجماع على تأييد الحكومة الانتقالية لإجراء الانتخابات.
ومن جهة أخرى، أبدت بعض فصائل "جيل زد" خيبة أملها عن عدم تعيين الشباب في مجلس الوزراء الجديد الذي اختارته رئيسة الوزراء المؤقتة كاركي.
وأرجع الناشط السياسي، براكاش ديوكوته، في حديثه للجزيرة نت، سبب استياء هذه الفصائل إلى اعتقادها بأنه تم تعيين السياسيين في مجلس الوزراء، من نفس الطبقة السياسية التي كان "جيل زيد" يحتج ضدها.
قالت صحيفة التايمز إن المتظاهرين في #نيبال لجأوا إلى الاستعانة بتطبيق (شات جي بي تي) لمساعدتهم في اختيار زعيم جديد للبلاد بعد يومين من الإطاحة بالحكومة وبالفعل قدم التطبيق قائمة بالمرشحين المحتملين بناء على طلب الشباب النيباليين#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/foZIESFFXf
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) September 12, 2025
أولويات وتحذيرات
فيما ذهب المحلل بوسال إلى القول إن الفرص لا تزال قائمة لاختيار الشباب لمجلس الوزراء، وإن إجراء الانتخابات وتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة هي المهمة الرئيسية للحكومة المؤقتة، مشيرا إلى أن الأحزاب السياسية ترى أن العودة إلى النظام البرلماني هو الطريق الأمثل لإعادة البلاد للمسار الصحيح.
وفي السياق نفسه، قال السياسي أشيش غميري "يجب على الحكومة المؤقتة استعادة الدستور النيبالي ليعمل كما كان، وقد جاء نتيجة ثورة شعبية، ويقر حقوق الشعب النيبالي، وكل المحاولات ضد هذا الدستور ستكون مدمرة للبلاد".
يذكر أن نيبال كانت آخر بلد هندوسي تحت النظام الملكي، عندما ألغي النظام عام 2008 بعد ثورة شعبية، وبعدها أُدخل الدستور النيبالي الحالي حيز التنفيذ عام 2015.

وفيما يتعلق بالأولويات المطلوبة من الحكومة المؤقتة، أضاف أشيش غميري "يطالب الشعب بالتحقيق في قضايا الفساد التي تورط فيها السياسيون، وعلى الحكومة المؤقتة تأسيس هيئة معنية لتحقيق هذه القضايا".
إعلان
وأردف "لم يرد قادة الثورة وجيل زد التورط في أعمال شغب، وعلى الحكومة التحقيق في من يقف وراء أعمال الشغب التي استهدفت المبنى البرلماني، ومكاتب رئيس الوزراء والرئيس، والمباني الحكومية الأخرى"، ولفت إلى مقتل أكثر من 70 متظاهرا، ودعا الحكومة المؤقتة للتحقيق في قتلهم.
ومن جهة أخرى، حذَّر الناشطان ديوكوته وبوانا غميري، من أن القوى التي تريد إعادة نيبال إلى النظام الملكي حاولت التسلل إلى الاحتجاجات، ولكن الشعب والمتظاهرين لا يريدون الرجوع إليه، حسبهما.
0 تعليق