لندن - أ ف ب: أعلنت بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ، أمس، الاعتراف رسميا بدولة فلسطين، وذلك عشية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما يشكّل تحولا تاريخيا في سياسة هذه الدول الحليفة تقليديا لإسرائيل، ويأتي بعد نحو عامين على اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في كلمة مصوّرة نشرت على منصة "إكس"، "اليوم، لإحياء الأمل بالسلام للفلسطينيين والإسرائيليين، وحل الدولتين، تعلن المملكة المتحدة رسميا الاعتراف بدولة فلسطين".
وأضاف، "في مواجهة الرعب المتنامي في الشرق الأوسط، نعمل على إبقاء إمكانية السلام وحل الدولتين قائمة. وهذا يعني دولة إسرائيل آمنة ومطمئنة إلى جانب دولة فلسطينية. في الوقت الحالي، ليس لدينا أي منهما".
وأشار ستارمر في كلمته التي تزامنت مع إعلان كندا وأستراليا اعترافهما رسميا بدولة فلسطين، إلى أنّ "الأمل في حل الدولتين يتلاشى، ولكن يجب ألا ندع النور ينطفئ".
وجدد دعوته إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيرا إلى أنّ بلاده ستفرض "في الأسابيع المقبلة" عقوبات جديدة على قادة حركة حماس.
وفيما وصف الحركة بأنها "منظمة إرهابية وحشية"، شدّد على أنها لا يمكن أن يكون لها "أي دور" في الدولة الفلسطينية المقبلة.
كذلك، أكد ستارمر أنّ "عمليات القصف المتواصلة والمتصاعدة من قبل الحكومة الإسرائيلية على غزة والهجوم في الأسابيع الأخيرة والمجاعة والدمار، هي أمور لا يمكن تحمّلها على الإطلاق"، منددا في الوقت ذاته بـ"تسارع" بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
وشدد على أنّ الاعتراف بدولة فلسطين ليس "مكافأة" لحركة حماس.
وفي وقت متزامن، صدر إعلان مماثل من رئيس الحكومة الكندية مارك كارني ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي.
وقال كارني، إنّ بلاده "تعرض العمل في شراكة لتحقيق الوعد بمستقبل سلمي لدولة فلسطين ودولة إسرائيل"، مشيرا إلى أنّها "ترى هذا الإجراء جزءا من جهد دولي متضافر للحفاظ على إمكانية حل الدولتين".
ورأى ألبانيزي أنّ الاعتراف بدولة فلسطين يعكس "التزام أستراليا الطويل الأمد بحل الدولتين الذي كان دائما السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني".
ومساء أمس، أعلنت البرتغال اعترافها بدولة فلسطين، لتنضم بذلك إلى كل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا في خطوة تشكل تحولا مع استمرار الحرب في قطاع غزة.
وصرح وزير الخارجية البرتغالي باولو رانغيل لصحافيين في نيويورك عشية بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن «الاعتراف بدولة فلسطين هو تنفيذ لسياسة أساسية وثابتة وتحظى بقبول واسع».
وأضاف، إن " البرتغال تدعو إلى حل الدولتين كسبيل وحيد نحو سلام دائم وعادل، سلام يعزز التعايش والعلاقات السلمية بين إسرائيل وفلسطين».
وأشار إلى أن حركة حماس " لا يمكن أن يكون لها أي شكل من أشكال السيطرة في غزة أو خارجها" وطالب بإطلاق سراح الرهائن.
لكن رانغيل ذكر أن الاعتراف بدولة فلسطين " لا يمحو الكارثة الإنسانية في غزة" ، وندد أيضا بالمجاعة والدمار هناك " بتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية".
ومن المتوقع أن تعلن دول أخرى، منها فرنسا وبلجيكا، عن خطوة مماثلة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويأتي اعتراف هذه الدول عشية بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تعقد على هامشها قمة برئاسة فرنسا والسعودية للنظر في مستقبل حل الدولتين، يتوقع أن تؤكد خلالها دول عدة تتقدمها فرنسا، اعترافها بدولة فلسطين.
وكانت دول غربية أعربت منذ أسابيع عن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وكان ستارمر أعلن في تموز أن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطينية إذا لم تتخذ إسرائيل "خطوات جوهرية" من ضمنها وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأمس، قال نائبه ديفيد لامي لشبكة "سكاي نيوز"، إنّه منذ ذلك الحين "في ظل الهجوم (الإسرائيلي) على قطر، تحطّمت فكرة وقف إطلاق النار في هذه المرحلة، والتوقعات قاتمة".
وتابع، "كنّا واضحين للغاية: (حماس) منظمة إرهابية ولا يمكن أن يكون هناك أي دور لـ(حماس)... التي يجب أن تطلق سراح الرهائن الإسرائيليين".
وقال لامي الذي سيمثل المملكة المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "الاعتراف بدولة فلسطينية هو نتيجة التوسع الخطير الذي نشهده في الضفة الغربية والنية والمؤشرات التي نلمسها إلى بناء مثلا المشروع (إي1) الذي سيقوض بصورة خطيرة فرص حل الدولتين"، على ما أوردت وكالة "برس أسوسييشن"، امس.
وقال لامي، "علينا أن نبقي على إمكانية حل الدولتين المهدد حاليا، ليس بفعل (الحرب) في غزة فحسب، بل كذلك مع أعمال العنف وتوسع الاستيطان" في الضفة الغربية.
وبحسب استطلاع للرأي نُشر، الجمعة، أعرب 44% من البريطانيين عن تأييدهم هذه الخطوة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في وقت سابق، امس، أنّ الاعتراف بدولة فلسطين "يعرّض وجودنا للخطر".
من جانبه، رحّب السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة حسام زملط بـ"هذا الإعلان التاريخي"، معتبرا أنّه "يصحّح ظلما".
وقال لوكالة فرانس برس، "اليوم، ننهي 108 أعوام من حرمان الفلسطينيين حقهم في تقرير مصيرهم، ونبدأ رحلة نحو المستقبل، نحو المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية".
وأكد أنّ "الاعتراف ليس غاية في ذاته، بل مجرّد بداية".
0 تعليق