عرض كتاب.. الاعتداءات الإسرائيلية على الأحياء والقرى والبلدات المقدسية - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عمّان – يوثق كتاب أصدرته اللجنة الملكية لشؤون القدس بعنوان "الاعتداءات الإسرائيلية على الأحياء والقرى والبلدات المقدسية" انتهاكات السلطة القائمة بالاحتلال في ثلاث مناطق تصنف بأنها مقدسية جغرافيا وديمغرافيا، هي حي الشيخ جراح وبلدة سلوان وقرية لفتا المقدسية المهجرة.

ويقول أمين عام اللجنة عبد الله كنعان في تقديمه للكتاب إن الاستيطان شمل معظم مدن الضفة الغربية، وتعمل السلطة المحتلة على قمع المواطنين الرافضين لإقامة مستعمرات على أراضيهم في المدن والقرى والأحياء الفلسطينية.

ومن وجهة نظر كنعان فإن حي الشيخ جراح يعتبر البوابة الشمالية للقدس، وبلدة سلوان المنطقة الجنوبية للمسجد الأقصى بهدف محاصرة المدينة المقدسة، ولفتا تعتبر نموذجا للقرى العربية المهجرة التي يريد الاحتلال طمس هويتها العربية، مؤكدا عدم شرعية وقانونية المستعمرات الإسرائيلية.

الشيخ جراح سرقة ممتلكات وإنذارات

يستعرض الفصل الأول من الكتاب معلومات تاريخية عن الشيخ جراح، فقد سمي نسبة لأحد أمراء محرر القدس من الاحتلال الصليبيي صلاح الدين الأيوبي، وهو مرافقه حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي الذي دفن بعد وفاته في المنطقة، وأنشئت زاوية صوفية قرب قبره، وبجواره قبور جماعة من المجاهدين يقال إنهم من الجراحي، تحولت إلى مسجد قائم حتى اليوم.

وحسب الكتاب أقيمت على أرض الشيخ جراح مبان كثيرة لعائلة الحسيني والنشاشيبي وغوشة وجار الله تعرض معظمها للمصادرة والتهويد والاستيطان، من أشهرها بيوت رباح الحسيني، ويعرف اليوم بفندق الأمريكان كولوني وإسماعيل الحسيني "بيت الشرق" وهو مقر منظمة التحرير الفلسطينية في القدس بين عامي 1980 و1990 الذي أغلقته السلطة المحتلة قسرا عام 2003، وسعيد الحسيني "متحف دار الطفل العربي اليوم"، وإسعاف النشاشيبي أحد أعلام اللغة العربية، والمسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي" والعديد من مقار البعثات الدبلوماسية.

إعلان

ويتحدث عن سرقة الملكيات في الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة كفندق الرعاة "شيبرد" لعائلة الحسيني، وتم نقل ملكيته لمؤسسة استيطانية وهدمه وبناء 20 وحدة استيطانية، وهناك كرم المفتي الذي جاءت تسميته لمالكه مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني ومساحته 40 دونما مزروعة بالزيتون.

كما يتحدث عن"كرم الجاعوني"  ومساحته 18 دونما (الدونم ألف متر مربع) الذي يتعرض للمصادرة وإنذارات لسكانه بإخلاء منازلهم، وأرض أخرى تعرف حاليا باسم "كوبانية أم هارون"، علما بأنها مسجلة كوقف باسم درويش حجازي الذي أجّرها ليهودي اسمه يوسف بن رحاميم ميوحاس عام 1881، الذي تلاعب بالوقف وأهمله فعليا من خلال التزوير بالوثائق وبيع أرض وقفية لبعض اليهود، "هذا البيع باطل لأن الأرض وقفية ولا يجوز التصرف بها وعقد التحكير فلا يؤهل بيعها أو التصرف بها".

ويمتلك المقدسيون سندات مقبوضات مالية بعضها بالعربية وأخرى بالعبرية، تؤكد بأن اليهود دفعوا قيمة الإيجار حتى عام 1948، ممّا يعني ويدلل على أن اليهود ليسوا المالكين، فالمالك لا يدفع إيجار ما يملكه.

وحسب ما جاء في "حي الشيخ جراح" ص35 لمؤلفه نظمي الجعبة، وهو مرجع استند إليه الكتاب، فضمن الادعاءات التوراتية المزيفة يزعم اليهود وجود مغارة في القرب من "كرم الجاعوني" تتعلق برجل دين " زاميان" جاء إلى فلسطين المحتلة من الأندلس في العهد الأيوبي ولا يعرف بالضبط مكان وفاته، ولكن أتباعه يدّعون أنه تعبد في المغارة.

 

الأردن حافظ على ملكية الأراضي

ووفق "الاعتداءات الاسرائيلية" فقد حافظ الأردن على ملكية الأراضي العربية في فلسطين، وقام بمسح أرض الشيخ جراح، واتجه نحو تسجيلها باسم أصحابها المقدسيين، لكن مواطنا من بيت لحم "حنا إلياس البندك" ادّعى ملكيته لجزء من الأرض بعقد شراء مؤرخ بعام 1934، وباعه لآخر من عائلة حجازي من حارة السعدية.

وتعاقدت الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة الإنشاء والتعمير "وزارة الأشغال" حاليا مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" في نوفمبر/تشرين الثاني 1954 على اتفاقية تلتزم الحكومة الأردنية ببناء 28 وحدة سكنية في حي الشيخ جراح تسلم لحاملي بطاقة إعاشة ويعيلون أسرة كبيرة.

وفي تموز " يوليو" 1956 وقعت اتفاقية بين الحكومة الأردنية والعائلات المستفيدة من الذين تسلموا الوحدات السكنية ومسطحها 2540 مترا مربعا مقابل إيقاف أوجه الخدمات المادية والأدبية كافة التي تقدمها "الأونروا" للاجئين الفلسطينيين.

وتنص المادة 11 من الاتفاقية على تفويض ملكية المسكن للمستأجر مجانا، والمادة 12 على أن الاتفاق لا يؤثر على حقوق المستأجر بالعودة إلى وطنه الأصلي فلسطين، وفي أي تعويض أو أي حقوق سياسية أو اقتصادية أو غيرها.

ومن أهم شروط الاتفاقية "قيام السكان بدفع أجرة رمزية قيمتها 50 فلسا أردنيا ويتم تفويض الملكية لهم بعد انقضاء 3 سنوات"، وحصل الساكن الفلسطيني على حق تأجير المسكن والانتفاع به "إيجار واستئجار"، وما يترتب على ذلك من حقوق والتزامات، وحصلوا على إذن بإضافة غرفة أو غرفتين في مارس/آذار 1962 ولاحقا دفع كل مستأجر 300 دينار للحكومة الأردنية لتطويب المسكن لكن نكسة حزيران 67 واحتلال القدس حال دون ذلك.

إعلان

" title="الأردن يسلم سكان حي الشيخ جراح وثائق تثبت ملكيتهم للبيوت">

14وثيقة

وفي أبريل/نيسان 2021 سلّمت وزارة الخارجية الأردنية نظيرتها الفلسطينية 14 وثيقة إثبات ملكية لعدد من عائلات الشيخ جراح، وشهادة تقر فيها الخارجية الأردنية أنه بالفعل كانت هناك اتفاقية مع وكالة الغوث، ووثائق لعقود فردية مع العائلات لإنشاء وحدات سكنية، ممّا ساهم في دحض مزاعم المستعمرين والجمعيات الاستيطانية، وادعائهم بملكيتها وسعيهم للسيطرة عليها ضمن خطة تهويد مدينة القدس.

ويفرد كتاب "الاعتداءات الإسرائيلية" بإسهاب المعارك القانونية بين الجمعيات الاستيطانية التي تسعى لترحيل 23 عائلة من حي الشيخ جراح والاستيلاء على الأراضي بهدف إقامة أحياء استيطانية، وكيف استطاع المحامي اليهودي توسيا كوهين الذي وكلته 17 عائلة مهددة بالإخلاء عقد صفقة دون علم الأهالي، وتآمر مع المحكمة للإقرار بملكية المستعمرين للأرض شرط اعتبار موكليه مستأجرين محميين لا يجوز إخراجهم بموجب قانون الحماية لعام 1968.

وما يزال الحي تحت النار والاستيطان المتسارع، ويتعرض سكانه المقدسيون للاعتقال وخطر التشريد والتطهير العرقي، ويتسارع تهويد الحي في جبهة قصر المفتي وكرمه وأرض عائلة صالحية والمشاع العائلي والنقاع.

القدس-سلوان-الاحتلال يرفع رايته فوق إحدى البنايات المسربة في الحارة الوسطى بسلوان-تصوير جمان أبوعرفة-الجزيرة نت
بؤرة استيطانية في سلوان مرفوع عليها العلم الإسرائيلي بعد استيلاء المستوطنين عليها من أصحابها الفلسطينيين (الجزيرة)

بلدة سلوان و78 بؤرة استيطانية

وتتعرض سلوان البالغة مساحتها 5640 دونما لهجمة استيطانية شرسة تتمثل في مصادرة الممتلكات باعتمادها على قوانين عنصرية كقانون أملاك الغائبين 1950 والادعاء بوثائق مزورة أو ملكية مزعومة لليهود كما يحدث في قضية حي الشيخ جراح، وزرعت فيها 78 بؤرة حتى الآن يقيم فيها 2800 مستعمر، ابتداء من حي البستان، وامتد في الآونة الأخيرة إلى بطن الهوى، وهي عين حلوة، وتمت مصادرة الأراضي وهدم المنازل بذريعة تحويل أراضيها لـ"حدائق وطنية"، ولكن الهدف الحقيقي هو تهويد المنطقة وطمس هويتها وآثارها العربية الاسلامية.

ويكشف الكتِاب عن حفر الأنفاق في سلوان مثل نفق أو درب "الحجاج"، الذي يمتد مساره تحت الأرض من عين سلوان التاريخية وينتهي بالقرب من سور المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وهو في الأصل قناة مائية تاريخية قديمة استغل اليهود وجودها لتزييف تاريخها، وقولهم إنها ترتبط بآثارهم المختلقة.

وتسببت الحفريات بتصدعات في جدران البيوت والعقارات المقدسية وحفر في الطرق والشوارع حالت دون وصول المقدسيين إلى أراضيهم وتنمية الأحياء والعقارات المتضررة.

ويتحدث الكتاب عن إقامة سلطات الاحتلال 100 كنيس يهودي في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، منها كنيس خيمة إسحق، فوق وقف حمام العين، وجوهرة إسرائيل والخراب، فوق أوقاف المسجد العمري، وهو خطوة متقدمة في مساعي بناء "الهيكل المزعوم". هذه الكنس أقيمت على عقارات وأراض عربية مصادرة أو على بقايا عمارة إسلامية واضحة المعالم.

ومن الأحياء التي شهدت اعتداءات ممنهجة "وادي حلوة"، الذي جاءت تسميته نسبة لزوجة مختار سلوان أحمد صيام التي ارتقت عام 1948 شهيدة على يد عصابات صهيون، ووادي الربابة بجانب المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية الغربية، ووادي ياصول، ووادي عين اللوزة الذي يعتبر نقطة وصل بين جنوب القدس من جهة والبلدة القديمة من جهة أخرى.

- آثار البيوت الباقية من قرية لفتا
آثار بيوت تعود لفلسطينيين هجروا قسرا من قرية لفتا المهجرة غرب مدينة القدس المحتلة (الجزيرة)

لفتا المقدسية "نفتوح الكنعاني"

وربما تكون لفتا المقدسية من أكثر البلدات الفلسطينية أسماء، منها "نفتوح الكنعاني" بمعنى الفتح،  و"مي نفتوح" خلال العهد الروماني، ويعتقد أنه ينبوع ماء قريب من القدس، و"نفتو" في العهد البيزنطي، وقد يكون مرتبطا باسم الفرعون مرنبتاح ابن رمسيس الثاني ملك مصر، الذي قاد حملة عسكرية في أرض كنعان 1220 قبل الميلاد، و"كليبستا" أثناء احتلال الفرنجة لفلسطين، واستمرت فعالياتها الاجتماعية والاقتصادية في العهد العثماني، وهي مشهورة بزراعة أشجار الليمون والزيتون والبرتقال والتين والقمح والشعير والحمص.

إعلان

وتصنّف "لفتا" بأنها قرية رمزية في مشوار النضال الفلسطيني، وقدمت الكثير من الشهداء، ولها نشيد خاص ينشده الأطفال يوميا في مدارسها:

لفتا اسلمي نحن الفدا … لفتا انهضي رغم العدى

نور العلم ها قد بدا… بالأفق يخطوا للأمام

لفتا انهضي رغم العدا

اليوم يوم للنهوض … والأمس ماض لن يعود

والعرب أقوام العهود … هبوا جميعا للوطن

وتعمل الرواية الإسرائيلية المزيفة على نشر معلومات مضللة عن قرية لفتا على مواقع إعلامية إسرائيلية للترويج السياحي في محاولة لإضفاء قدسية دينية يهودية مزعومة في غياب أي دليل أثري، علما أن الدراسات الأثرية المختصة بالمكتشفات المصرية وغيرها أثبتت عدم صحة ودقة الاستنتاجات الإسرائيلية، وأكدت عروبة أرض فلسطين ومنها القدس.

وتعتبر لفتا أول قرية فلسطينية يُطرد أهلها بالقوة بشكل كامل، لأن أبرز قادة احتجاجات ثورة البراق 1929 من القرية، لذلك فهي تشكل تهديدا للوجود اليهودي في فلسطين المحتلة، فلا بد -حسب زعمهم- من مهاجمتها وتدمير الكثير من منازلها، وتوطين يهود أحضروا من اليمن وكردستان، وتم تصنيفها عام 1964 بأنها محمية طبيعية.

هيئة حماية لفتا

لم يَسكت "اللفتانيون" على تهويد قريتهم، وشّكل أبناؤها المهجرون "هيئة حماية لفتا" وتقدموا باعتراضات أمام اللجان والمحاكم الإسرائيلية لوقف خطة بيع الأراضي العامة، فأصدرت محكمة المحتل قرارا عام 2012 بوقف تنفيذ المشروع بسبب تعارضه مع عدد من القوانين أهمها قانون الآثار.

وفي عمّان أسس أهالي لفتا "جمعية لفتا العربية للعمل الخيري"، هدفها توثيق الأواصر الاجتماعية بين أبنائها في فلسطين والشتات، ومن أنشطتها "المهرجان السنوي الأسري، والعودة توحدنا والقدس تنادينا، وجمعيات أخرى في فلسطين وبلدان عالمية.

ووفق كتاب "الاعتداءات الاسرائيلية" فقد تمكن فريق "ائتلاف من أجل لفتا" عام 2022 من انتزاع قرار من بلدية الاحتلال في القدس يمنع هدم منازل القرية وفتح مسجدها ضمن مخطط استيطاني جديد سيقام على أراضيها.

بطاقة الكتاب

اسم الكتاب: الاعتداءات الاسرائيلية على الأحياء والقرى والبلدات المقدسية. إعداد: محمد عبد العظيم سدر، والدكتور نصر محمود الشقيرات. جهة الإصدار: اللجنة الملكية لشؤون القدس – الأردن. سنة الإصدار: 2023. عدد الصفحات: 88 من القطع المتوسط.

0 تعليق