كتب عيسى سعد الله:
باتت معظم أحياء ومناطق مدينة غزة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، البرية والجوية، بعد عدة أسابيع من إعلان الاحتلال عن بدء عملية احتلال المدينة.
ووصلت قوات برية إلى محيط الجامعات وسط جنوب مدينة غزة بعد أن سيطرت على حي تل الهوى جنوباً، فيما تقدمت أرتال من الدبابات نحو مجمع الشفاء الطبي، وتمركزت على بعد مئات الأمتار في شارع عز الدين القسام المؤدي مباشرة إلى البوابة الشرقية للمجمع.
ودفع هذا التقدم السريع عشرات آلاف المواطنين إلى النزوح لمناطق جنوب ووسط القطاع، وسط ازدحامات مرورية خانقة، وعجز تام عن توفير المركبات للكثير من العوائل والأسر، التي اضطرت إلى افتراش الأرض بالقرب من تواجد قوات الاحتلال رغم المخاطر الهائلة.
وأفاد شهود عيان باستشهاد عشرات المواطنين خلال محاولتهم الهروب والنزوح من مناطق توغل جيش الاحتلال، ولا تزال جثامينهم ملقاة في الشوارع وسط عجز سيارات الإسعاف وطواقم الأنقاض عن الوصول إليهم.
وأطلق عشرات المواطنين مناشدات للمؤسسات الإنسانية والصليب الأحمر للعمل على إخلائهم بعد أن حاصرتهم قوات الاحتلال، خاصة في أحياء تل الهوى والشيخ رضوان وشمال حي النصر ومحيط شارع الجلاء.
وتحدث بعض هؤلاء مع "الأيام" عن ظروف محاصرتهم، مؤكدين أنهم تفاجؤوا بتقدم قوات الاحتلال البرية إلى مناطق سكناهم.
وذكر المواطن عمرو الفحام أنه وأسرته محاصرون في حي تل الهوى بمحيط دوار المالية، ولا يستطيعون الخروج من منطقتهم.
وأشار الفحام خلال حديث لـ"الأيام" إلى أنه حاول أكثر من مرة الخروج من المنطقة إلا أنه لم يستطع بسبب إطلاق النار المكثف من قبل الطائرات المسيّرة "كواد كابتر"، لافتاً إلى وجود عشرات الأسر الأخرى المحاصرة في محيط مفترق الإذاعة والتلفزيون ومستشفى القدس.
فيما ناشد مواطنون آخرون في منطقة شمال مخيم الشاطئ المؤسسات الإنسانية التحرك لإجلائهم بعد أن حاصرتهم قوات مدرعة إسرائيلية قبل أن تقوم بدك المنطقة بعشرات القذائف.
وأوضح المواطن محمد فكري أن قوات الاحتلال تحاصر مربعاً سكنياً يسكنه برفقة عدد كبير من الأسر في منطقة دوار حميد، وسط مخيم الشاطئ.
وقال فكري، إن دبابات الاحتلال والقناصة يطلقون النار بشكل متواصل ودائم على كل مواطن يتحرك أو يحاول الخروج من المنطقة. وعبر عن مخاوفه من قصف طائرات الاحتلال منزله والمنازل المجاورة فوق رؤوسهم كما جرى في أحداث مماثلة سابقة.
وطالب المنظمات الدولية بالتدخل الفوري لفك الحصار عنهم وعن المحاصرين في المنطقة، وإتاحة الفرصة أمامهم للتحرك جنوباً أو إلى أي منطقة تخلو من التواجد العسكري الإسرائيلي.
وبيّن أن قوات الاحتلال شرعت بتفجير عشرات "الروبوتات" والمجنزرات المفخخة في مناطق قريبة جداً من تواجدهم.
وشهد وسط حي الرمال في مدينة غزة، الذي لا يزال بعيداً بشكل نسبي عن تواجد قوات الاحتلال، حالة من البلبلة والنزوح بعد قصف قوات الاحتلال مفترقي السرايا وضبيط. وتراجعت حركة المواطنين على المفترقين اللذين يشكلان قلب الحي ومركزه التجاري.
واقتصرت الحركة على منطقة المجلس التشريعي ومحيط ميناء غزة، الذي لا يزال يتواجد داخله وفي محيطه عشرات آلاف النازحين غير القادرين على التحرك جنوباً، لعدم امتلاكهم الأموال اللازمة.
ويتوقع أن تشهد الساعات القادمة تقدماً ملحوظاً لقوات الاحتلال في عمق مدينة غزة، وما تبقى من أحياء لم تدخلها خاصة حي الرمال. ولوحظ تجنب قوات الاحتلال التقدم نحو شارع الرشيد لإتاحة الفرصة أمام المواطنين لإخلاء المدينة.
0 تعليق