مستشفى العودة يواجه تحدي الحصار وتضاعف أعداد سكان وسط غزة - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

غزة- يمثل مستشفى العودة في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، نموذجا للصمود والتضامن المجتمعي، حيث يواصل تقديم خدماته الطبية الأساسية في مختلف التخصصات، رغم قلة الموارد وشُح الإمكانيات، كما يشكّل ركيزة محورية في صحة المجتمع عبر رعايته اليومية واستقباله المتواصل لجرحى الحرب.

ويعمل المستشفى بدعم مؤسسات دولية منها "اليونيسيف" ومكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" وغيرها، وبالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الذي تعتبره ضمن المستشفيات الأهلية الخاصة الفعالة والمساندة لها في تقديم الخدمات الطبية الأساسية، وإنقاذ المصابين في ظل الظروف الإنسانية الطارئة.

طبيب خلال اجراء فحص طبي لطفل يعاني من سوء التغذية (الجزيرة)
المستشفى يقدم خدمات طبية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية (الجزيرة)

أعباء متزايدة

تشير الإحصائيات الصادرة عن المستشفى إلى حجم الأعباء المتزايدة على طواقمه الطبية منذ بداية العدوان في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية يوليو/تموز الماضي، حيث استقبلت أقسام الاستقبال والطوارئ والطب العام أكثر من 456 ألف مريض، وكانت محورا لإنقاذ أكثر من 22 ألفا و500 جريح.

في حين قدمت المستشفى 182 ألفا و230 استشارة طبية في مجال الصحة الإنجابية، وسجّلت 13 ألفا و174 حالة ولادة طبيعية إلى جانب 4 آلاف و589 عملية ولادة قيصرية.

وعلى صعيد التدخلات الجراحية، أجرت المستشفى 957 عملية جراحة عظام، و511 عملية منظار تشخيصي، و3 آلاف و173 عملية جراحة نسائية، إضافة إلى 1198 عملية في جراحة المسالك البولية، و756 عملية في جراحة الأنف والأذن والحنجرة.

ولم تقتصر جهود مستشفى العودة على الجانب الطبي فقط، إذ قدمت مراكزها المجتمعية المتخصصة بالحماية 165 ألفا و839 خدمة لدعم الفئات الأكثر تضررا من العدوان.

ومع تضاعف أعداد سكان النصيرات والبريج والمغازي في المناطق الوسطى نتيجة النزوح القسري من مدينة غزة وشمال القطاع، واجه المستشفى ضغوطا غير مسبوقة، وتجاوز طاقته الاستيعابية مرات عدة.

إعلان

ورغم ذلك، واصل الطاقم الطبي أداء رسالته، حيث يعمل الأطباء والممرضون لساعات طويلة في ظروف إنسانية قاسية، محرومين من أبسط مقومات الحماية والراحة.

المدير الطبي لمستشفى العودة ياسر سعد الدين خلال حديثه مع مراسل الجزيرة نت (الجزيرة)
المدير الطبي ياسر سعد الدين (يسار) أكد أن المستشفى يستقبل يوميا ما يصل إلى 40 حالة ولادة (الجزيرة)

خدمة صحية للجميع

وفي هذا الجانب قال المدير الطبي لمستشفى العودة ياسر سعد الدين، للجزيرة نت، إن "المستشفى يُعتبر الوحيد الذي واصل العمل في الوقت الذي لم يكن في المنطقة الوسطى سوى مستشفى شهداء الأقصى، نحن نخدم النصيرات والبريج والمغازي، وشعارنا أن الخدمة الصحية حق لكل محتاج، وأن نصل للمرضى في أماكن تواجدهم، خاصة في المناطق المهمشة من قطاع غزة".

وأوضح سعد الدين أن المستشفى يضم حاليا 140 سريرا ممتلئة بالكامل بسبب الازدحام السكاني وتوافد النازحين، وهو الوحيد الذي يقدم "خدمات النساء والولادة" بعد إغلاق القسم المخصص لذلك في مستشفى شهداء الأقصى.

وأضاف "لدينا قسم خاص بالنساء والولادة على مساحة ألف متر مربع يضم 7 أسرّة للولادة وغرفتي عمليات، وخلال الحرب كنا نستقبل ما يصل إلى 40 حالة ولادة يوميا، وهو عدد كبير جدا، ما دفعنا للتفكير في توسعة المستشفى"، وإلى جانب ذلك يضم المستشفى:

قسم الاستقبال والطوارئ بسعة 23 سريرا، يستقبل يوميا نحو 300-350 حالة بين إصابات الحرب والحالات الطارئة. قسم الجراحة التخصصية مع غرفتي عمليات. قسم الأطفال بسعة 36 سريرا. قسم العيادات الخارجية الذي يقدم خدمات لـ12 تخصصا.

ضغط وعمل متواصل

يستقبل المستشفى يوميا بين 1300-1500 حالة في العيادات الخارجية والتخصصية، ويقدم نحو 3000 خدمة مخبرية وتصويرية وصيدلانية، ويعمل بكادر طبي يضم نحو 490 موظفا ما بين مثبّتين وعقود خاصة ومتطوعين.

كما تُجرى يوميا أكثر من 60 عملية، تشمل الولادات القيصرية والعمليات المبرمجة والطارئة لإنقاذ المصابين، وتُحوّل الحالات الخطيرة إلى مستشفيات أخرى مثل شهداء الأقصى، والأميركي، والمستشفى الميداني البلجيكي، بالتنسيق مع وزارة الصحة.

بدورها، أشارت طبيبة النساء والولادة دعاء البهنساوي إلى التحديات الكبيرة والضغط المتزايد الذي يواجه عملهم على جميع المستويات، وبالأخص في قسم النساء والولادة، بسبب زيادة أعداد النازحين.

وقالت للجزيرة نت "فقدنا قدرتنا على استيعاب الأعداد الكبيرة من الحالات، مع قلة الكادر الطبي وإنهاكه، وقلة الموارد والمستلزمات الطبية، وقلة الأسرّة، ومع ذلك، نعمل بكل طاقتنا ونحقق نجاحات كبيرة، ونجري عمليات ولادة تتعدى الـ45 ولادة يوميا".

الطبيبة رنا زعيتر رئيس قسم التغذية العلاجية خلال حديثها للجزيرة نت (الجزيرة)
زعيتر: الأطفال يصابون بأمراض جينية ووراثية أو تشوهات خلقية بسبب نقص التغذية السليمة (الجزيرة)

نساء وأطفال في خطر

ومع استمرار إغلاق المعابر وتزايد أعداد النازحين، يواجه قسم التغذية العلاجية للأطفال تحديات هائلة مع تزايد حالات سوء التغذية، خصوصا بين الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات.

وشدّدت رئيسة القسم الطبيبة رنا زعيتر، في حديثها للجزيرة نت، على خطورة الوضع الذي انعكس سلبا على الولادات، مثل ارتفاع حالات الإجهاض، وتشوهات الأجنة، وعدم قدرة الحوامل على خوض متاعب الولادة والمخاض، والولادات المبكرة، وعدم اكتمال نمو الجنين وضعفه، وقلة وزنه عن الوزن المعتاد.

إعلان

وأضافت أن الأطفال قد يصابون بأمراض جينية ووراثية أو تشوهات خلقية، بالإضافة إلى الأمراض البكتيرية والصدرية والالتهابات الجلدية، وذلك بسبب نقص التغذية السليمة وعدم توفر الحليب والمكملات الغذائية.

ويضم القسم 12 سريرا غالبا ما تكون مشغولة بالكامل بحالات سوء تغذية حادة، تستدعي إقامة طويلة ورعاية مكثفة، فبعض الأطفال يصلون بحالة هزال شديد حتى إن أجسادهم أشبه بـ"هياكل عظمية"، وآخرون يعانون من انتفاخات أو عيوب خلقية تتطلب تدخلات مطولة.

المواطنة فوزية سلمان المرافقة لطفلها الذي يُعالج من سوء التغذية بقسم الأطفال (الجزيرة)
المواطنة فوزية سلمان تعتبر مستشفى العودة بمثابة الملاذ الوحيد للناس (الجزيرة)

رمز للأمل والبقاء

تعاني الحكيمة إيمان شعبان، إلى جانب زملائها الممرضين، من ضغط العمل والجهود المضاعفة التي يبذلونها نتيجة تضاعف أعداد المراجعين، بالإضافة إلى التعامل مع الحالات الطارئة الناتجة عن إصابات الحرب.

وأوضحت للجزيرة نت أنهم يعملون على مدار الـ24 ساعة، ويحاولون تقديم كل ما لديهم من خدمة رغم الخوف والجوع الذي يعانون منه مثل بقية أبناء شعبهم.

وتصف المواطنة فوزية سلمان المرافقة لطفلها المريض، للجزيرة نت، المستشفى بأنه "الملاذ الوحيد للناس"، بعد أن أُغلقت أبواب معظم المستشفيات أو فقدت قدرتها على الاستيعاب، فطواقمه تعمل فوق طاقتها لتقديم الخدمة لكل محتاج رغم نقص الإمكانيات والحصار.

وتضيف المواطنة أميرة المغاري، نزيلة قسم الولادة، إن "وجود المستشفى يمثل طوق نجاة للنساء الحوامل، في ظل نقص الإمكانيات وتزايد الأخطار الصحية الناتجة عن الحصار والحرب".

0 تعليق