الشاعر العُماني سيف الرحبي .. عن "فتح لاند" وزيارة فلسطين وحرب الإبادة! - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتبت بديعة زيدان:

 

كشف الشاعر العُماني سيف الرحبي، في حديث لـ"الأيام"، على هامش فعاليات معرض عمّان الدولي للكتاب، أول من أمس، عن أن حرب الإبادة في غزة ستكون محور كتابه القادم بشكل كلي أو بحضور كبير، لافتاً إلى أنه، ومنذ اللحظة الأولى في السابع من أكتوبر للعام 2023، يدوّن يومياته ووجهات نظره حول ما يحدث، وبالتالي فإن "كتابي القادم أو جزءاً أساسياً منه سيكون عن غزة وفلسطين"، مؤكداً على أن ما يحدث "يتجاوز أي توصيف"، ففي "غزة وعموم فلسطين إبادة جماعية أو يزيد، تداعياتها كارثية على صعيد الضمير الإنساني والبشرية جمعاء"، مرجحاً أن يصدر، العام المقبل.
وكان الرحبي، أعدّ كلمة لحوارية كانت مقرّرة معه في أول أيام المعرض، حال عارض صحي ألمّ به دون انتظامها، وتلقت "الأيام" نسخة عنها، وممّا جاء فيها: "نعيش عارنا الذي بلغ ذروته في غزة وفلسطين منذ السابع من أكتوبر، حيث أخذ في افتراس الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والعمران، وافتراس ما تبقى من القيم التي تعارف عليها البشر منذ عهودهم البربرية والقبلية وما وصفت بالمتوحشة، وحتى راهن الحضارة".
وأكد الرحبي: في سياقنا المأساوي الراهن يضعف التعبير، وتشعر الكلمة بعجزها عن الارتفاع أو الدنو من هذه الذرى الأسطورية لمعاناة البشر ودمارهم الشامل (...) هذه التضحيات الغزيرة الجِسام لا بد أن تؤدي إلى مكان ما في التاريخ والحياة حيث تكون المكافأة والغنيمة بعد طول صبر مرير ومعاناة، فهذه الهستيريا الدموية غير المسبوقة في وحشيتها واستباحتها لأبسط المعايير والأعراف تعبر عن ذعر وهلع وجوديَّين لدى حكومة الاحتلال، التي بكل إمكاناتها اللا محدودة في الفتك والإبادة مسنودة بأقوى دولة أو دول في العالم تنحر الآخرين الذين حشرتهم جميعا كتلة واحدة كأعداء بالمطلق، لكنها في الحقيقة التي تعمل في الخفاء تنحر ذاتها وكينونتها الطفيلية الملفقة.
واستذكر الرحبي في حديثه لـ"الأيام"، السنوات السبع التي قضاها ما بين دمشق وبيروت، وتحديداً ما كان يعرف باسم "جمهورية الفاكهاني".. "كنت عشرينياً، وكثيراً ما أتوجه من سورية حيث أقيم إلى تلك الجغرافيا"، التي كانت تُعرف أيضاً بـ"فتح لاند"، و"كانت محورية بالنسبة لي على الصعيد الأدبي، ولجهة نضج الوعي السياسي بمعناه الحسّي"، حيث "بتّ أرى، وأحتك، وأصادف، عوضاً عن أسمع فحسب"، مؤكداً أن كثيراً من أصدقائه الفلسطينيين في داخل فلسطين وخارجها، وغير الفلسطينيين حول العالم، تعرف إليهم هناك، ولا تزال تربطه وإياهم روابط عميقة إلى يومنا هذا، واصفاً إياها بـ"النقطة المشرقة" في مسيرته.
وعن زيارته فلسطين بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)، عاد الرحبي في حديثه لـ"الأيام"، لقرابة ربع قرن مضى، مشيراً إلى أن الفكرة نبعت بالأساس من الشاعر محمود درويش والشاعر غسان زقطان، وتمحورت حول كسر الحصار، وعليه كانت الدعوة التي وجهت لي ولنخبة من الكتاب العرب، عبر الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، حيث تجمّعنا في العاصمة الأردنية عمّان، واستقللنا الحافلات نحو فلسطين، وأتذكر كان من بين مرافقينا الراحل رسمي أبو علي.. "احتجزنا اليهود خمس أو ست ساعات، ومن ثم دخلنا فلسطين في حافلتين، وأتذكر أن الشاعر المتوكل طه كان هو من يوجه السائق لتجاوز الحواجز العسكرية الإسرائيلية، حتى أنني سميته القائد الميداني".
وتذكر الرحبي أنه في ذات يوم وصولهم، اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي الطفل محمد الدرّة في حضن والده بغزة، وكان وقع المشاهد صعبا ليس علينا فقط بل على العالم بأسره.. "كان في استقبالنا الكثير من الأصدقاء الكتّاب، وعلى رأسهم محمود درويش، ولا أنسى أن القائد مروان البرغوثي كان يزورنا كل يوم، ويطمئن على أحوالنا، خاصة عند انقطاع التيار الكهربائي وما شابه.. التقيته طوال فترة تواجدي في الزيارة اليتيمة لي إلى فلسطين، وكان مثقفاً ومتواضعاً، قائداً حقيقيّاً".
في رام الله، والحديث للرحبي، كان الشهداء يتوافدون يومياً، وتقام لهم الجنازات الحاشدة، و"أتذكر أن صديقي العتيق الشاعر خالد درويش، وتعرفنا إلى بعض حين كنا سوياً في صوفيا، يشير لي بأن الشبان من الشهداء يُشيّعون مكشوفي الوجه، ويسألني إن كنت قادراً على المشاركة والمشاهدة الحيّة، فكان لي ذلك"، مشدداً لـ"الأيام": "زيارتي إلى رام الله بقدر ما كانت مؤلمة، بقدر ما استطعت أن أستشف من غابة الألم وكثافته في فلسطين أملاً، فالشعب ولكونه صاحب الأرض والحق تسكنه كرامة تفيض على الكون، وعنفوان لا يتكرر، وهذا ما انعكس في حوار السائق الفلسطيني مع الجنود المدججين بالسلاح.. كان يبدو عملاقاً ويبدون أقزاماً"، لذا "لا يمكن أن تغادرني هذه الزيارة، أو يغادرني أصحاب الأرض والهوية".

 

0 تعليق