Published On 3/10/20253/10/2025
|آخر تحديث: 03:38 (توقيت مكة)آخر تحديث: 03:38 (توقيت مكة)
في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة لعامين متتاليين، تواجه الخطة الأميركية المقترحة لإنهاء الحرب انتقادات حادة من خبراء ومحللين يرون فيها إملاءات من منطق الإبادة أكثر منها حلا سياسيا.
وبينما يحتفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بما وصفه "إنجازا مذهلا" و"حلا لمشكلة الشرق الأوسط بعد 3 آلاف عام"، تتعقد خيارات الجانب الفلسطيني بين القبول والرفض، مع تداعيات كارثية محتملة لكلا الخيارين.
وفي السياق، يرى الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر أن المشهد المعقد لا يواجه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحدها، بل القضية الفلسطينية برمتها والأطراف العربية والإسلامية الداعمة.
وأوضح أن ما يُعرض ليس خطة بالمعنى الحقيقي، وإنما إملاءات تُغلّف بسطوة دعائية تزعم وجود موافقة عربية إسلامية، رغم أن هذه الموافقات المزعومة تورّط الأطراف بأكثر من التزام واحد.
مسودة للتعديل
ويتفق مع رأيه الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي الذي يلفت إلى أن وزراء الخارجية المصري بدر عبد العاطي والباكستاني إسحاق درار ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وصفوها بأنها مسودة تحتاج إلى تعديل.
لكن المفارقة أن أي تعديلات ستُضاف للخطة ستُرفض من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لأسباب داخلية، رغم حرص ترامب الشديد على تمريرها واعتبارها أهم إنجاز منذ 3 آلاف عام.
وفي تحليل لبنية الخطة، يوضح شاكر أنها تنظر إلى قطاع غزة كمنطقة ينبغي أن تكون منزوعة الوطنية والهوية وأي صفة فلسطينية حقيقية.
ووفقا لهذا التصور، يصبح ترامب رئيسا لقطاع غزة أو المدير الأعلى، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير المدير التنفيذي، بينما التكنوقراط المطلوبون -فلسطينيون وغير فلسطينيين- يجب أن يكونوا منزوعي الوطنية وحريصين على الاحتلال الإسرائيلي ومصالحه.
إعلان
والأخطر من ذلك -يضيف شاكر- أن القوات العربية والإسلامية المقترحة ليست قوات حفظ سلام دولية، بل قوات تعمل في خدمة المصلحة الإستراتيجية الأمنية الإسرائيلية بنص الاتفاق.
وعلى الجانب الآخر، يقدم الخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى قراءة مغايرة تفسّر لماذا ستقبل إسرائيل بهذه الخطة.
ومن منظوره، فإن الخطة تحقق الأهداف الأساسية الثلاثة للحرب الإسرائيلية: إنهاء حكم حماس، نزع سلاح الحركة، ومنع القطاع من أن يكون تهديدا مستقبليا لإسرائيل.
وهذه أهداف أصلية موجودة منذ بداية الحرب، بينما الاستيطان والتهجير والاحتلال الكامل أهداف أيديولوجية ظهرت بحدّة منذ بداية عام 2025 فقط.
ويضيف مصطفى أن الخطة تعطي إسرائيل منطقة أمنية عازلة بما فيها محور فيلادلفيا، وأن 60% من أنصار الحكومة الإسرائيلية يؤيدون هذه الخطة.
وبمعنى آخر، ترامب أنقذ إسرائيل من نفسها ومن حكومتها التي كانت تتجه نحو مشروع غير مضمون النتائج، كما أن الخطة توفر مخرجا لنتنياهو من العزلة الدولية، حيث سيحاول تجديد شرعية الحرب إذا رفضتها حماس.
الخاسر الأكبر
ووسط هذا التباين في التقييمات، يطرح أستاذ النزاعات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور إبراهيم فريحات بعدا إستراتيجيا آخر، مشددا على أن الخسارة الإستراتيجية الكبرى ستكون للقضية الفلسطينية برمتها، وليس لحماس فقط.
ويرى أن الخطة تلغي منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها باتفاق أوسلو كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وتخضع جزءا من الأراضي الفلسطينية لاحتلال عسكري دون تفويض دولي شرعي.
ولذا فإن المسألة تتعدى حماس وغزة لتطول المشروع الوطني الفلسطيني والصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأكمله، وفقا لرأيه.
وفي ضوء هذه الأخطار، يحذر مكي من أن القضية بهذا الحجم كبيرة جدا لتقع مسؤوليتها على حركة واحدة، ويرى ضرورة إشراك كل النظام الوطني الفلسطيني بما فيه منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح.
وأوضح أن المعادلة القاسية التي يضعها ترامب واضحة وهي أن الرفض قد يؤدي لتصفية غزة نفسها، والقبول يعني توقيعا على استعمار جديد، ولكنه أوضح أن التنازلات تكون ضرورية في المفاوضات، لكن عندما تصل لجوهر النضال الوطني تصبح المسألة معقدة للغاية.
ويركز فريحات على ما يعتبره المشكلة الجوهرية وهي بنية القرار السيادي، حيث إن المشاركة العربية محصورة في نزع السلاح دون مشاركة في القرار السياسي المحصور بترامب وبلير.
ومن هنا، فإنه يرى ضرورة تغيير القرار السيادي في اللجنة، وإلا ستبقى أي تعديلات أخرى ثانوية لا تمس جوهر المشكلة. بينما يوضح مصطفى أن الخطة ليست خارطة طريق تفصيلية واضحة المعالم، بل مبنية على ضبابية كبيرة.
وأن الأمر يتعلق بالتنفيذ والإرادات السياسية والسياق الدولي والإقليمي أكثر من النصوص المكتوبة، حيث إن نتنياهو حاول شطب كلمتي "سلطة فلسطينية" و"دولة فلسطينية"، لكنهما موجودتان في الخطة وإن بشكل ضبابي.
0 تعليق