والدته نشرت منشور استغاثة وضعت فيه رقم هاتفها "00972598100838"، للوهلة الأولى تنظر إلى استغاثتها، فتجد أن الاحتلال دمر حياة أسرتها، حيث فقدت الزوج وأصبح الابن بين الحياة والموت، بينما تعيش هي وحيدة بمفردها لا تستطيع علاج ابنها داخل غزة أو الحصول على طعام لها، بينما تعاني مع تكرار النزوح بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية داخل القطاع، خاصة بعد العملية العسكرية التي تشنها تل أبيب على مدينة غزة.

الطفل المصاب كنان أبو محسن
كنان أبو محسن، طفل لم يتجاوز عمره الأربعة أعوام، دمر الاحتلال طفولته وأعجزه عن الحركة بعدما أصيب بشظية ناتجة عن استهداف إسرائيلي بصاروخ لخيمة بجوار خيمة أسرته اخترقت رأسه تسببت بكسور وتهتك في الجمجمة، ما اضطر الأطباء إلى استئصال جزء من عظامها وحفظه في الثلاجات.
استئصال جزء من عظام الطفل "كنان"، أدى إلى عدم قدرته على التنفس، ما اضطر أطباء مستشفى ناصر الطبي لفتح فتحة في القصبة الهوائية لمساعدته على التنفس، الأمر الذى نتج عنه حدوث شلل نصفي ليعجز معها عن الحركة، بجانب التهابات متكررة وتقرحات عميقة مع صديد في الرأس، وفي ظل انهيار الخدمات الصحية وعدم وجدود وحدات دم ومستلزمات طبية أصبح علاجه أمرا صعبا.

كنان أبو محسن
فى المقابل، أكدت وزارة الصحة بغزة، أن خدمات بنوك الدم في المستشفيات مهددة بالتوقف الكامل نتيجة عدم توفر المستهلكات المخبرية وأدوات نقل الدم، لافتة إلى أن العجز الشديد في أصناف المستهلكات بالمختبرات يزيد الأزمة تعقيداً الى جانب النقص الحاد في وحدات الدم ومكوناته.
وأضافت الوزارة خلال بيان لها، في 25 سبتمبر، أنه لا يمكن استقبال او نقل اي من وحدات الدم ومكوناته دون توفر المستهلكات المخبرية، موضحة أن الأزمة تعيق تغطية الاحتياج الطارئ للأقسام الحيوية واجراء الفحوصات المخبرية مع تزايد أعداد الجرحى.

الطفل كنان أبو محسن
لم يجد "كنان"، علاجا داخل القطاع لحالته الصحية، وسط عدم قدرة الأطباء على إجراء عملية جراحية في رأسه بسبب قلة الإمكانيات وانهيار المنظومة الصحية، مما جعله يعاني من تشنجات حادة.
وفي 25 سبتمبر أكد الهلال الأحمر في غزة، أن عائلات كثيرة في مدينة غزة أصبحت بلا مأوى في ظل نقص المساعدات والاحتياجات الغذائية، معلنا أنه يواجه عراقيل كثيرة من سلطات الاحتلال للوصول إلى المصابين والمفقودين تحت الأنقاض.
وأضاف في بيان له، أن طواقمه تفتقد للمعدات الثقيلة لإزالة الركام وإنقاذ المفقودين والمصابين تحت الركام، موضحا أن الاحتلال أغلق محافظة رفح بالكامل والأهالي توجهوا إلى خانيونس التي تفتقد لمقومات الحياة.
فيما، تقول والدة كنان أبو محسن، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الاحتلال قصف خيمة بجوار خيمة الأسرة، مما تسبب في استشهاد زوجها على الفور، بينما أصيب ابنها في الرأس مما استدعى لنقله إلى العناية المركزة وخرج منها لا يستطيع تحريك يديه أو قدميه كما أنه لم يستطع أن يرى بعدما تأثرت عينيه من هذه الإصابة.

تحويلة طبية لكنان أبو محسن
وفي 21 سبتمبر، أكد المكتب الإعلامي الحكومي، خطورة المعطيات الموثقة التي كشفت عنها منظمة أكليد المستقلة والمتخصصة في مراقبة الصراعات (ACLED)، والتي أظهرت بالأدلة أن جيش الاحتلال يشن حرب إبادة جماعية بحق المدنيين في غزة.
وأضاف أن نحو 15 من كل 16 فلسطينياً قتلتهم قوات الاحتلال هم من المدنيين العزّل، وبالتالي يتضح أن 94% من مجموع الشهداء الذين قتلتهم إسرائيل هم من المدنيين، أي ما يعادل 61,100 مدنياً من أصل 65,174 شهيداً، وهو ما يشكل دليلاً دامغاً على تعمد تل أبيب استهداف المدنيين بشكل مباشر وممنهج في جريمة حرب وإبادة جماعية مكتملة الأركان، ويأتي ذلك متقارباً مع ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الشهر الماضي، استناداً إلى بيانات داخلية لجيش الاحتلال "الإسرائيلي" نفسه، تؤكد تلك البيانات أن نسبة الضحايا المدنيين تجاوزت 83% منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
وتضيف أنها حصلت على تحويلة طبية لسفر ابنها خارج القطاع للعلاج، بعدما أكد أطباء المستشفى أن التأخير في علاجه يتسبب في تدهور حالته الصحية بشكل كبير خاصة أنه يحتاج إلى علاج متطور، مشيرة إلى أنها لا تستطيع أن ترعى ابنها خاصة بعد استشهاد الزوج مما انقطع مصادر المال لديها، مما جعلها تعاني مثل باقي سكان غزة من المجاعة.
وسلط المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، خلال بيان له في 22 سبتمبر، الضوء على تعمد الاحتلال تكريس سياسة التجويع من إغلاق معبر زيكيم، مانعا إدخال أي شاحنات منه، فيما عمد إلى تقليص المساعدات عبر معبري "كرم أبو سالم" و"كيسوفيم" اللذين أغلقهما لعدة أيام خلال الفترة الماضية، لافتا إلى أن القطاع يحتاج يومياً إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات لتأمين الحد الأدنى من احتياجات أكثر من 2.4 مليون إنسان، في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية نتيجة الحرب والإبادة المستمرة.
وتشير والدة الطفل كنان، إلى أنها اضطرت بعد العملية العسكرية التي شنها الاحتلال على مدينة غزة للنزوح إلى الجنوب حيث تعيش في خيمة، في ظل التردي الكبير في الأوضاع الإنسانية للقطاع.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي، خلال بيانه الصادر في 25 سبتمبر، معاناة مئات آلاف النازحين في غزة، جراء جريمة التهجير القسري التي يواصل الاحتلال تنفيذها ضد السكان المدنيين، والتي أدت إلى انهيار غير مسبوق في الواقع الإنساني، حيث امتلأت محافظات الوسطى والجنوب، وخاصة منطقة المواصي، ولم تعد هناك أي مساحات فارغة أو آمنة تستوعب المزيد من النازحين.
وأضاف البيان، أنه في ظل هذا الاكتظاظ الشديد للنازحين، تنتشر الخيام العشوائية بين المكاره الصحية وعلى قارعة الطرق، في ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، ويتفاقم الوضع نتيجة الارتفاع الجنوني في أسعار النقل والمواصلات، إلى جانب انعدام وجود خيام جديدة بالتزامن مع إغلاق المعابر ومنع الاحتلال إدخالها في مخالفة واضحة للبروتوكول الإنساني وللقانون الدولي، فيما يشهد القليل المتوفر من هذه الخيام ارتفاعاً حاداً في الأسعار بشكل يفوق قدرة المواطنين المنهكين.
وأشار إلى أن الوضع الأمني يشهد تدهورا ملحوظا نتيجة اتباع الاحتلال سياسة "هندسة الفوضى"، ما يضاعف المخاطر على النازحين ويُهدد سلامتهم واستقرارهم، وتستمر في الوقت نفسه الاستهدافات الإجرامية التي ينفذها الاحتلال ضد النازحين خلال حركتهم نحو الجنوب، حيث استقبلت ما تبقى من مستشفيات الجنوب مئات النازحين الذين استهدفتهم إسرائيل خلال رحلة نزوحهم، في خرقٍ صارخٍ للقانون الدولي الإنساني.
وقبلها بأربعة أيام، أكد المكتب الإعلامي الحكومي، أن أكثر من 900 ألف فلسطيني ما زالوا صامدين في مدينة غزة وشمالها، رافضين بشكل قاطع النزوح نحو الجنوب، رغم وحشية القصف والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال "الإسرائيلي" في إطار تنفيذ جريمة "التهجير القسري" الدائم المنافية لكافة القوانين والمواثيق الدولية.
وأشار إلى تصاعد حركة النزوح القسري من مدينة غزة باتجاه الجنوب نتيجة جرائم الاحتلال الوحشية منذ أن بدأت جريمة الإخلاء الإجباري، حيث اضطر ما يقارب 270,000 مواطن لمغادرة منازلهم تحت وطأة القصف، في المقابل سجلت الطواقم أيضاً حركة نزوح عكسي، بينما عاد أكثر من 22 ألفا إلى مناطقهم الأصلية داخل مدينة غزة، بعد أن قاموا بنقل أثاثهم ومقتنياتهم لتأمينها في الجنوب، ثم عادوا لمدينتهم بسبب انعدام أدنى مقومات الحياة في الجنوب.
وتابع :"أما منطقة المواصي في خان يونس ورفح، والتي تضم حالياً نحو مليون نسمة وتروّج لها سلطات الاحتلال زوراً كمناطق "إنسانية وآمنة"، فقد تعرضت لأكثر من 110 غارات جوية وقصف متكرر خلفت ما يزيد عن 2,000 شهيد في مجازر متلاحقة ارتكبها جيش الاحتلال داخل المواصي ذاتها، وتفتقر هذه المناطق بشكل كامل إلى مقومات الحياة الأساسية، فلا مستشفيات ولا بنية تحتية ولا خدمات ضرورية من ماء أو غذاء أو مأوى أو كهرباء أو تعليم، ما يجعل العيش فيها أقرب إلى المستحيل.
وأوضح أن المساحة التي خصصها الاحتلال في خرائطه كمناطق "إيواء" لا تتجاوز (12%) فقط من مساحة غزة، ويحاول حشر أكثر من 1.7 مليون إنسان داخلها، في إطار مخطط لإنشاء "معسكرات تركيز" ضمن سياسة التهجير القسري الممنهجة، بهدف تفريغ شمال غزة ومدينة غزة من سكانهما، في جريمة حرب مكتملة الأركان وجريمة ضد الإنسانية تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
0 تعليق