كتب خليل الشيخ:
"كل ميعرفوا في حركة في هذا المنزل أو أي منزل آخر يقصفوه ببرميل أو بنسفوه بروبوت متفجر"، بهذه الكلمات بدأ أبو عاهد حديثه لـ"الأيام" عن بعض تفاصيل قصف منزل عائلة الجملة في ساحة الشوا وسط مدينة غزة.
قال أبو عاهد (43 عاماً): "المنزل كان ضمن بعض المنازل غالبيتها مدمرة جزئياً، وفيه ناس ساكنين ونازحين وفجأة سمعنا صوت قصف قوي جداً وتبين بعد ذلك انه منزل عائلة الجملة".
وأضاف: "تخيّل أن يتم استهداف بناية سكنية مكونة من أربعة طوابق بصاروخ مرجح أنه على شكل برميل، وخلال دقائق تشاهد كومة من الركام وتعرف أن بداخلها جثامين شهداء وبعض المصابين".
وشهداء عائلة الجملة هم: الأشقاء الأطفال، محمود، وأنس، وإسراء، وأحلام محمود الجملة، وأبناء عمهم محمد، وعبد، وميرا، وأنس خالد الجملة، ووالدتهم بسمة الجملة. ولم يعرف عدد المصابين الذين تم انتشالهم من بين الأنقاض والذين نقلوا إلى مستشفيي المعمداني والشفاء.
وذكرت مصادر محلية أن هؤلاء الشهداء وأقرباءهم المصابين لم يتوقعوا أن تقوم قوات الاحتلال باستهداف منزلهم، حيث لم تكن منطقتهم هدفاً للتواجد البري الإسرائيلي، معتقدين أنهم في مأمن من غدر الاحتلال.
وأوضحت المصادر أن لا أحد تمكن من التدخل أو إنقاذ الضحايا بسبب صعوبة الوصول إلى المكان في بداية الأمر، لكن بعد إجراءات التنسيق المحدودة تمكنت سيارات الإسعاف من الوصول إلى المكان وبدأت بانتشال الجثامين والمصابين، وسط جهود كبيرة في ذلك بسبب أكوام الركام.
وقال أبو عاهد: "في ناس شافوا جثامين أطفال مرمية عند الركام وأخرى مرمية في الشوارع المؤدية للبناية المقصوفة".
وأشار إلى أنه من المؤكد أن أحداً لم يكن يستطيع أن يتواجد هناك من أجل البحث عن ناجين أو جرحى، ولا أحد يستطيع انتشال الجثامين من تحت الركام لدفنها.
من جهته، قال "أحمد" أحد أفراد الدفاع المدني والإسعاف، إن جرائم الاحتلال منتشرة في الكثير من مناطق وشوارع مدينة غزة، ولا تمر خمس دقائق دون وقوع قصف أو تفجير "روبوت" أو استهداف من مسيّرات، إضافة إلى القصف المدفعي براً وبحراً.
وأضاف: "نحرص على الاستجابة لكل نداء أو طلب استغاثة يصل غرف الطوارئ، ولكن جرائم الاحتلال أكبر بكثير من قدرة المسعفين على الوصول في الوقت المناسب، فضلاً عن تعمد الاحتلال وضع عراقيل وصعوبات أمام مركبات الإسعاف عبر إطلاق نار من المُسيرات أو إغلاق الشوارع بأكوام ركام المنازل المقصوفة.
"كنا نجلس نراقب الأحداث والتطورات ونتبادل أخبار القصف تحت ظل شجرة، وفجأة وقع انفجار قريب وشاهدنا جثثاً مرمية في الشارع عند مسافة 200 متر من مكان تواجدنا"، قال الشاب "نور الدين" (30 عاماً) وهو يتحدث عن تفاصيل تفجير "روبوت" وسط تجمع منازل في حي الصبرة جنوب مدينة غزة.
وأضاف: "فور وقوع الانفجار هربنا بعيداً عن مصدر الصوت، وبعد انقشاع الدخان توجهنا إلى المكان لنشاهد 3 جثث ملقاة في الشارع، لكننا لم نستطع الوصول إليها، وسارعنا لاستدعاء سيارة إسعاف".
بدوره، قال أحد المسعفين: "أبلغونا بوجود جثامين ملقاة في الشوارع وتتناثر الأشلاء فوق الحجارة والركام، وتوجهنا على الفور لنجد 3 جثامين أحدها مقطع الأشلاء".
وتستخدم قوات الاحتلال سياسة نسف المنازل عبر "روبوتات" متفجرة خلال اجتياح الدبابات والآليات العسكرية عوضاً عن القصف بالطائرات.
وحسب شهود عيان فإن القصف تزامن أيضاً مع قيام آليات الاحتلال بوضع مركبات عسكرية مفخخة وهو ما يعرف بـ"الروبوتات" في عدة مفترقات بحيّ تل الهوى الملاصق لحي الصبرة جنوب المدينة.
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في بيان أصدره، أمس، إلى أن قوات الاحتلال تتعمد تفجير البنايات والمنازل عبر "الروبوتات" المفخخة أولاً لتوسيع دائرة القتل والجرائم، وثانياً لإجبار الناجين من هذه التفجيرات على الهجرة إلى جنوب القطاع.
وذكر شهود عيان أن طبيعة عمل قوات الاحتلال تغيرت بشكل كبير في عملية الهجوم على مدينة غزة، فهي لم تعد تستهدف مقاومين بل تستهدف المواطنين والنازحين المدنيين داخل منازلهم.
0 تعليق