Published On 24/9/202524/9/2025
|آخر تحديث: 11:22 (توقيت مكة)آخر تحديث: 11:22 (توقيت مكة)
رسمت الدورية الفرنسية لوموند ديبلوماتيك صورة قاتمة للخطر البيئي الذي يمثله تصنيع البلاستيك، وذكرت أن أكثر من 6 مليارات طن من النفايات البلاستيكية تنتشر في جميع أنحاء الأرض، وأن المصانع تنتج سنويا 430 مليون طن من البلاستيك وأن نفايات البلاستيك تجد طريقها للبحر بمعدل شاحنة في كل دقيقة.
وفي عددها لسبتمبر/أيلول 2025، توقعت لوموند ديبلوماتيك، أن يتضاعف الإنتاج العالمي من البلاستيك، وهو أحد أخطر الملوثات على كوكب الأرض، 3 مرات بحلول عام 2060 إذا لم تُبرم معاهدة دولية ملزمة للحد من تصنيعه.
اقرأ أيضا
list of 4 items end of listوبحسب الدورية الفرنسية، فقد فشلت الجولة السادسة الأخيرة من المفاوضات الدولية التي جرت في جنيف في أغسطس/آب الماضي في التوصل إلى تلك المعاهدة، وذلك بسبب تدخلات أقلية من الدول المنتجة للنفط والغاز وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالإضافة لعدد من جماعات الضغط التي تتحرك خدمة لمصالح عمالقة صناعة البتروكيمائيات.

ضغوط المصنعين
وتكثفت تلك المفاوضات منذ عام 2022، إذ سعى ممثلو حوالي 185 دولة للتوصل إلى اتفاقية لخفض إنتاج البلاستيك، لكن الخلاف ظل قائما حول مجموعة من النقاط: هل يجب الحد من تصنيع البوليمرات الخام، المادة الأساسية للبلاستيك، أو الحد فقط من التلوث الناتج عن ذلك من خلال إعادة التدوير وإدارة النفايات؟
ومن النقاط الخلافية الأخرى: هل ينبغي للمعاهدة المأمولة أن تتضمن مادة حول التأثيرات الصحية لكل المواد المستخدمة في تصنيع البلاستيك؟ ويبلغ عدد تلك المواد 16 ألف مادة، منها 4200 مادة سامة أو مضرة بالصحة تعرف باسم "الملوثات الأبدية".
وأثناء الجولة الأخيرة من المفاوضات التي جرت في جنيف حضر ممثلو جماعة الضغط بالمئات وتجاوز عددهم الموفدين الرسميين للمؤتمر، كما أنهم كانوا أكثر تأثيرا من الأعضاء الـ60 في تحالف العلماء من أجل معاهدة فعالة بشأن البلاستيك.
إعلان
وعن السر حول تلك الضغوط المحمومة، قال خوان كارلوس مونتيري غوميز، ممثل دولة بنما المعني بتغير المناخ، إنه أمام تخلي العالم عن الوقود الأحفوري لصالح الطاقة المتجددة، فإن الإنتاج المفرط للبلاستيك هو الخطة البديلة لصناعة البتروكيمائيات، لا سيما في قطاعي التعبئة والتغليف والنسيج.
كما عزت الدورية الفرنسية تعثر المفاوضات إلى أن أي اتفاق على معاهدة محتملة حول تصنيع البلاستيك يجب التوصل إليه بالإجماع، وليس عن طريق التصويت، وفقا لتقاليد الأمم المتحدة، وهي آلية "تصب في صالح المعرقلين، الذين يشكلون أقلية ولكنهم منظمون"، وفق تعبير الدورية.
وللخروج من هذا المأزق، تدعو بلدان الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، المؤيدة للحد من إنتاج البلاستيك إلى اعتماد تصويت الأغلبية بدل الإجماع، وذلك لتجاوز الجمود بشأن قضايا البيئة والمناخ، لكن عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لا تصب في مصلحة ذلك التوجه، حسب تقييم لوموند ديبلوماتيك.
وقبل مؤتمر جنيف، كان الفشل حليف المفاوضات التي جرت من 25 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الأول من ديسمبر/كانون الأول عام 2024 في بوسان بكوريا الجنوبية وذلك بسبب التأثير القوي لجماعات الضغط في قطاعي النفط والبلاستيك التي شجعت الدول المنتجة للنفط والغاز على مضاعفة "مناوراتها في العرقلة والتشتيت والترهيب والتضليل"، وفقا لمنسقة مركز القانون البيئي الدولي، دلفين ليفي ألفاريس.

قضية جيوسياسية
وترى الدورية الفرنسية أن التحالفات الإستراتيجية بين بعض الدول المنتجة للنفط والغاز وتأثيرها خلال المناقشات في بوسان بكوريا الجنوبية وفي جنيف تشير إلى أن المعركة حول البلاستيك سوف تصبح قضية جيوسياسية كبرى في المستقبل.
وفي مواجهة ذلك التكتل، يدافع تحالف مكون من 75 دولة، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والسنغال وروندا، عن معاهدة صارمة تحد بشدة من إنتاج المادة الخام الأساسية لتصنيع البلاستيك، وتطبيق مبدأ الغرامات المالية على الدول الملوثة ودعم جهود إعادة التدوير المستدامة.
وفي انتظار التوصل إلى توافق على صيغة ما، أصبحت الجسيمات الدقيقة والنانوية الناتجة عن تحلل النفايات البلاستيكية موجودة في حلقات السلسلة الغذائية، وفي الهواء، وفي أجسام جميع الكائنات الحية، وفق قول لوموند ديبلوماتيك.
وتشير التقديرات إلى أن العالم ينتج سنويا ما بين 450 و460 مليون طن من البلاستيك، ويتوقع وصوله إلى 600 مليون طن بحلول نهاية عام 2025. ويمثل البلاستيك المستخدم في التعبئة والتغليف حوالي 36% من إجمالي الإنتاج، في حين يتم التخلص من حوالي نصف هذه المواد البلاستيكية الجديدة بعد استخدام واحد فقط.
وقد حذرت مجلة "ذا لانسيت" الطبية البريطانية العريقة من أن "البلاستيك يشكل خطرا كبيرا ومتزايدا على صحة الإنسان وعلى كوكب الأرض"، ذلك أنه يتسبب في المرض والوفاة، من الطفولة إلى الشيخوخة، وفي خسائر اقتصادية كبيرة متعلقة بالصحة تتجاوز 1.5 تريليون دولار سنويا وأكثر من يتأثر بذلك هم السكان ذوو الدخل المنخفض.
إعلان
وأمام تضاؤل احتمالات التوصل إلى معاهدة ملزمة للحد من تصنيع البلاستيك، ترى لوموند ديبلوماتيك أن مؤتمر الأمم المتحدة الثالث بشأن المحيطات الذي احتضنته مدينة نيس (جنوب فرنسا) في يونيو/حزيران الماضي بعث بعض الأمل في النفوس.
وقد أحرزت الدول الـ190 المشاركة في ذلك المؤتمر بعض التقدم في الحد من التلوث البلاستيكي الذي يُهدد محيطات العالم، إذ صادق عدد كافٍ من المشاركين على معاهدة ستدخل حيز التطبيق في بداية يناير/كانون الثاني 2026، وستشكل أول آلية قانونية لإنشاء مناطق محمية في أعالي البحار.
0 تعليق