سباق الذكاء الاصطناعي.. تكاليف ضخمة وتحديات استراتيجية - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ألتمان: «ننمو أسرع من أي شركة عرفها العالم»
غياب الطاقة الحاسوبية يهدد الطموحات 

رغم أن مشاريع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي تبدو لامعة على الورق، إلا أن مصادر تمويلها ما زالت محاطة بالضبابية. وتهدف استثمارات بمئات المليارات إلى إبقاء كبار لاعبي القطاع في صدارة السباق، حيث التحديات المالية والاستراتيجية لا تقل ضخامة عن الطموحات.

استثمارات عملاقة في درب صعب

أعلنت «إنفيديا» عن خطة استثمارية تصل إلى100 مليار دولار لمساعدة «أوبن إيه آي» على بناء سعة مركز بيانات بملايين وحدات معالجة الرسومات «GPU»، فيما تعهدت مطورة «تشات جي بي تي» بالتعاون مع «أوراكل» و«سوفت بنك» لتوسيع نطاق التزامها بمشروع «ستارغيت» إلى400 مليار دولار عبر مراحل ومواقع متعددة.

مع ذلك، ورغم شراكتها القوية مع «مايكروسوفت»، التي تعد المساهم الأكبر وصاحبة «حق الرفض الأول» في صفقات الحوسبة السحابية، لم تكن الأخيرة مستعدة، بحسب محللين، لمنح تمويل غير محدود لـ «أوبن إيه آي»، وهو ما دفعها إلى اللجوء لأوراكل بصفقات أكبر من قدرتها الفعلية على الالتزام بها.

شبكة الكهرباء

يتطلب بناء 17 جيجاواط من الطاقة ما يعادل نحو 17 محطة طاقة نووية، يستغرق بناء كل منها عقداً على الأقل. وتؤكد «أوبن إيه آي»، بأن المحادثات جارية مع مئات من مزودي البنية التحتية في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، ولكن لا توجد إجابات قاطعة حتى الآن.

يُذكر أن شبكة الكهرباء الأمريكية مُرهَقة بالفعل، وتوربينات الغاز مُباعة بالكامل حتى عام 2028، والطاقة النووية بطيئة في الانتشار، ومصادر الطاقة المتجددة مُقيدة بعقبات سياسية. لكن الرئيس التنفيذي سام ألتمان متفائل للغاية، وقال: «من المتوقع أن ننفق تريليونات الدولارات على بناء مراكز البيانات في المستقبل القريب، كما يجب أن نبني المزيد من الجيل الحالي من محطات الانشطار النووي، نظراً لاحتياجات الطاقة الكثيفة جداً».

تحديات مالية وهيكلية

بوصفها شركة ناشئة غير استثمارية، ودون تدفقات نقدية إيجابية، تواجه «أوبن إيه آي» مأزقاً تمويلياً كبيراً. ووصف المديرون التنفيذيون التمويل عبر الأسهم بأنه «الأكثر كلفة»، فيما تتحضر الشركة لتحمل ديون لتغطية توسعاتها.

وتأمل الإدارة أن يساعد هيكل عقود الإيجار طويل الأجل الذي تقدمه «إنفيديا» في الحصول على شروط أفضل من البنوك. غير أن المطلوب يبقى جمع أضعاف هذا التمويل من الأسواق الخاصة، وهو تحدٍ صعب في بيئة مالية متقلبة.

وتُظهر التوقعات المالية أن «أوبن إيه آي» في طريقها لتحقيق 125 مليار دولار من الإيرادات بحلول 2029.

بين الاستقلالية والشراكات

قالت المديرة المالية لـ «أوبن إيه آي»، سارة فراير، إن هناك خططاً لبناء بعض البنية التحتية الخاصة، ليس لاستبدال شركاء كأوراكل، بل لتعزيز الخبرة التشغيلية. في خطوة قد تمنح الشركة قدرة أكبر على التفاوض مع الموردين وفهماً أوضح للتكاليف الفعلية مقارنة بالتقديرات المبالغ فيها.

كما طُرح خيار الإعلانات داخل «تطبيق تشات جي بي تي كوسيلة لتخفيف معدلات الحرق المالي وجذب تمويل إضافي». لكن ألتمان يفضل اختبار رسوم التسويق بالعمولة على الإعلانات التقليدية، مثل خصم 2% على المشتريات التي تتم عبر المنصة.

سباق مع الزمن

وشدد ألتمان في تصريحات سابقة على أن أوبن إيه آي تنمو بسرعة تفوق أي شركة أخرى عرفها، حيث تضاعف استخدام تشات جي بي تي نحو10 مرات خلال 18 شهراً، خصوصاً من قبل الشركات الكبرى.

وهذا التسارع جعل حتى الاستثمارات الضخمة تبدو بطيئة أمام الطلب المتزايد. وهو ما أكدته أيضاً جولي سويت، الرئيسة التنفيذية لشركة أكسنتشر، قائلة، إن كل مجالس إدارات الشركات تدرك أن الذكاء الاصطناعي المتقدم أصبح عنصراً حاسماً للمستقبل، لكن معظمها لم تصل بعد إلى مرحلة الجاهزية.

ورغم الحماسة، تظل التساؤلات قائمة حول قدرة هذا السباق المالي على الاستمرار. فـ «إنفيديا» تضخ الرأسمال والرقائق، و«أوراكل» تبني المواقع، فيما توفر «أوبن إيه آي» الطلب، لكن هذا الاقتصاد الدائري قد ينهار إذا تعثر أحد الأطراف. يضاف إلى ذلك أن تطوير البنية التحتية سيستغرق سنوات، وأن جزءاً كبيراً منه يتوقف على ترقيات الطاقة والشبكات، وهي بدورها غير مضمونة.

وهنا، تُقر فراير بأن العقبة ليست مالية فقط، بل مرتبطة بندرة الطاقة الحاسوبية، وقالت: «لا توجد حوسبة كافية تؤمّن ما يُمكن للذكاء الاصطناعي فعله، وعلينا البدء والقيام بذلك كنظام بيئي متكامل».

0 تعليق