لم تكن الفكرة التصميمية لـ«النحر» مجرد عنصر معماري عابر، بل تعددت أغراضها بين النفعي والجمالي والمناخي والدفاعي والإنشائي، فبعض هذه الحصون استخدمت كمخازن للحبوب تؤدي وظيفة تموينية ودفاعية في آن واحد، حيث ساعدت القنوات المعمارية في التهوية والتخزين وحتى التفريغ.
من الناحية الجمالية؛ شكّل «النحر» عنصراً فنياً لافتاً يقسم الواجهة بدقة وتناظر يثير الإعجاب، رغم أن القبائل في ذلك الزمن لم تكن تعطي الجانب الجمالي أهمية كبرى مقارنة بالوظائف العملية للحصون.
المناخ بدوره كان عاملاً مؤثراً؛ إذ جرى تصميم الأبراج لتفادي أضرار الأمطار والرياح ما يعكس وعياً مبكراً بضرورة التكيف مع الطبيعة القاسية للمرتفعات.
وفي الجانب الدفاعي؛ كانت القنوات بمثابة منافذ لإلقاء الحجارة والمقذوفات على المعتدين في وظيفة مشابهة لما عُرف في العمارة الأوروبية بـ(machicolation) التي حصّنت البوابات والأسوار.
أما على الصعيد الإنشائي؛ فـ«النحر» لعب دوراً في تعزيز استقرار الأبراج المنفردة بخلاف بيوت القرى المتلاصقة التي كانت تستمد قوتها من تماسكها الهيكلي، فالحصون المرتفعة ذات البعد الرأسي الكبير احتاجت لجدران سميكة مدعومة بوسائل مبتكرة لضمان ثباتها.
هكذا؛ يتضح أن «حصون النحر» لم تكن مجرد مبانٍ حجرية شامخة، بل منظومة هندسية متكاملة جمعت بين الدفاع والجمال والوظيفة لتبقى حتى اليوم رمزاً للتاريخ والهوية والقدرة على الإبداع في مواجهة تحديات الطبيعة والزمن.
أخبار ذات صلة
0 تعليق