عاجل

راسيل فوت.. رجل أغلق الحكومة الفدرالية الأميركية - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

واشنطن- خلال نصف القرن الأخير، كان الكونغرس يترك قضية التمويل الفدرالي لتنقضي وسط المواجهات الحزبية، في الوقت الذي استخدم فيه مديرو مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض "أو إم بي" سلطتهم بشكل متكرر إما لتقليل تأثير إغلاق الحكومة أو تعظيمه، اعتمادا على الطريقة التي أراد بها البيت الأبيض التأثير على المفاوضات.

وأخذ مدير مكتب الإدارة والميزانية الحالي بالبيت الأبيض، راسيل فوت، هذا الدور إلى مستوى جديد غير مسبوق، وهدَّد علنا بتسريح آلاف الموظفين الفدراليين حال إغلاق الحكومة، وهو ما يتجاوز بكثير السلطة التقديرية المعتادة لهذا المنصب.

ودفع عدم خبرة الرئيس دونالد ترامب بالتفاصيل المتعلقة بعمل الحكومة والميزانية، ودور الكونغرس، ليلعب فوت الدور الأكبر في تحديد أجندة الجمهوريين في معركة الميزانية الفدرالية. ويبرز دور فوت، الخبير بمعرفة أسرار عمل البيروقراطية الأميركية، وكيفية التعامل معها.

وقبل 3 أيام من بدء الغلق الفدرالي الحكومي مع أول ساعات الأول من أكتوبر/تشرين الأول، بعث فوت رسالة للوزراء الأميركيين يطالبهم بالاستعداد لتفعيل خطة طوارئ مع قرب إغلاق الحكومة الفدرالية، وترتيب أولويات العمل في ظل الإغلاق المتوقع، ودعا مسؤولي الوزراء للاستعداد لتسريح آلاف الموظفين الفدراليين بشكل جماعي إذا لم يستسلم الديمقراطيون للرئيس ترامب.

المشرف والمتحكم

ودفعت الخلافات حول إعانات الرعاية الصحية للصدام بين الجمهوريين والديمقراطييين وصولا للإغلاق، وأصرَّ الديمقراطيون على تمديد الإعانات الحالية لأقساط التأمين الصحي المدعم، والتي كان من المقرر أن تنتهي صلاحيتها نهاية العام. وسيؤدي فقدانها إلى زيادة أقساط التأمين بشكل كبير لكثير من الناس.

كما دفعت الخلافات حول مستويات الإنفاق والتخفيضات، وكيفية تخصيص الأموال، بما في ذلك المساعدات الخارجية وميزانيات الوكالات الفدرالية، إلى أزمة الإغلاق.

إعلان

وعمل فوت (49 عاما) في المنصب نفسه خلال فترة حكم ترامب الأولى، وبحكم منصبه يشرف على تنفيذ الميزانية وتوزيع الأموال والتنسيق بين الوكالات. وبالتالي، في سيناريو الإغلاق، يعد مكتب الإدارة والميزانية أحد أهم الجهات المتخذة للقرار.

وفي فترة ولاية ترامب الأولى، انتقد فوت علنا الحكومة الفدرالية والقوى العاملة فيها، وهدَّد دوما بتسريح الموظفين الجماعي إذا بدأ الإغلاق.

ودعا فوت إلى تخفيضات كبيرة في برنامج الرعاية الصحية الحكومية، ووزارة التعليم، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والتي بدأت إدارة ترامب بتنفيذها جميعا بعد عودته للبيت الأبيض.

وخلال الإغلاق الحكومي في عهد ترامب الأول والذي امتد 34 يوما، من منتصف ديسمبر/كانون الأول 2018 لما بعد منتصف يناير/كانون الثاني 2019، لعب فوت دورا رئيسيا في إقناع ترامب بعدم تأثير الغلق على حياة معظم الأميركيين.

ويُكرر فوت القول "إذا كان بإمكان الحكومة العمل مع الموظفين الأساسيين فقط وعدم إلحاق الألم بالشعب الأميركي، فلماذا لا نفعل ذلك؟ هناك تضخم وفائض ضخم داخل الحكومة".

وعلى مدى الأشهر الثمانية الماضية، كان فوت أكثر جرأة في اختبار حدود دوره كمدير للميزانية مما كان عليه خلال فترة قيادته الأولى، وكرَّر فوت توجيه جهة إنفاق أموال حكومية قبل الحصول على موافقة الكونغرس المسبقة.

وقبل أسابيع، قال فوت للصحفيين إنه يريد أن تكون مفاوضات التمويل الحكومي في الكونغرس غير مسيسة من الحزبين، وهذا أثار غضب المشرعين من كلا الحزبين الذين انخرطوا كل عام في مفاوضات من أجل تمرير الميزانية الفدرالية.

House Speaker Mike Johnson (R-LA) speaks to the media next to U.S. Vice President JD Vance, Office of Management and Budget (OMB) Director Russell Vought and Senate Majority Leader John Thune (R-SD) on the day U.S. President Donald Trump meets with top congressional leaders from both parties, just ahead of a September 30 deadline to fund the government and avoid a shutdown, at the White House in Washington, D.C., U.S., September 29, 2025. REUTERS/Jonathan Ernst
راسيل فوت (الأول يسارا بين المتحدثين) قبل لقاء أخير جمع ترامب مع كبار قادة الكونغرس من كلا الحزبين (رويترز)

مشروع 2025

ويعد فوت أحد مهندسي "مشروع 2025″؛ وهو عبارة عن مجموعة من مقترحات للحكم في فترة ترامب الثانية، بما يعيد تشكيل الحكومة الفدرالية بشكل أكثر فعالية لتنفيذ أجندة يرى بعض المعلقين أنها "متطرفة". وتتضمن الوثيقة عرضا تفصيليا لكيفية تغيير وإعادة تشكيل كل وزارة خلال فترة حكم ترامب الثانية.

وجاء في مقدمة الخطة، والتي اطلعت عليها الجزيرة نت، أنه "لا يكفي أن يفوز المحافظون في الانتخابات، إذا أردنا إنقاذ البلاد من قبضة اليسار الراديكالي، فنحن بحاجة إلى أجندة حاكمة وأشخاص مناسبين في مكانهم، وعلى استعداد لتنفيذ هذه الأجندة في اليوم الأول من الإدارة المحافظة القادمة".

وجاء مشروع 2025 في مجلد من 920 صفحة، وهو من بنات أفكار مؤسسة "هيريتيج"، التي عمل بها فوت لسنوات، وهي مؤسسة فكرية محافظة عمرها 50 عاما، وتوصف بأنها من بين "المنظمات اليمينية" الأكثر نفوذا في واشنطن وبقية الولايات المتحدة.

ومن أهم ما ينادي به فوت ضمن خطط مشروع 2025:

"تقليص البيروقراطية الفدرالية. زيادة السيطرة الرئاسية. إزالة أو إعادة هيكلة العديد من الوكالات الفدرالية".

كراهية متبادلة

وفي حين لا يظهر الديمقراطيون حتى الآن أي علامة على التراجع، هاجم أركان الحزب الديمقراطي راسيل فوت بالاسم، وحمَّلوه مسؤولية ما يحدث.

إعلان

وبالنسبة لأولئك الذين يعرفون التاريخ الطويل لراسيل فوت في واشنطن، كان الإغلاق الفدرالي مسألة وقت فقط، ولم يخف فوت سواء في فترة حكم ترامب الأولى، أو أثناء عمله بالكونغرس أو بمؤسسة هيريتيج البحثية، طبيعة أفكاره الصدامية، وازدرائه للديمقراطيين، وبرامجهم الاقتصادية، والسياسية.

بدورهم يطلق الديمقراطيون سهامهم تجاه فوت، إذ هاجمه زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، وقال في تغريدة على موقع إكس "لن نخاف من تهديدك بالانخراط في عمليات تسريح جماعية للموظفين الفدراليين".

في حين قال النائب جلين آيفي، من ولاية ميرلاند المجاورة لواشنطن العاصمة "فوت هو المسؤول الأول عن عملية الغلق الجارية، لقد اكتشفنا ذلك منذ وقت طويل، وكذلك حقيقة أنه لا يهتم باتباع القانون أو الدستور".

في الوقت ذاته، يرى بعض الجمهوريين التأثير السلبي لفوت، وقال النائب الجمهوري ستيف ووماك "إذا كنت ديمقراطيا -حتى مثل الديمقراطيين السائدين- فقد يكون استعدادك للمساعدة في التفاوض مع الجمهوريين حول آلية التمويل أقل. لماذا تفعل ذلك إذا كنت تعلم أن كل ما تتفاوض عليه سيخضع لسكين بيد راسيل فوت؟ هذا تحد بالنسبة لنا ولهم".

من جانبه، ينظر فوت إلى المعارضين السياسيين (وخاصة البيروقراطيين التقدميين والنخب الثقافية، والديمقراطيين) على أنهم تهديدات وجودية، وليس مجرد منافسين.

" frameborder="0">

سيطرة الرئيس

وتشكلت أفكار فوت الاقتصادية من خلال مزيج من القومية الأميركية المسيحية والأصول الدستورية، خاصة تلك التي تركز على تقليص أجهزة الدولة الإدارية بشكل كبير وإعادة تركيز الهوية الوطنية حول تفسير محدد للقيم المسيحية والدستورية.

ويدعم فوت نظرية تنفيذية وحدوية خلاصتها أن الرئيس لديه سيطرة واسعة على السلطة التنفيذية وأن الوكالات المستقلة وحماية الخدمة المدنية تُقوِّضان المساءلة الديمقراطية، ويدفعه ذلك إلى مهاجمة موظفي الخدمة المدنية والقضاة والمستشارين القانونيين الذين يحدون من الإجراءات التنفيذية.

وتأثَّر فوت بنظريات مفكرين مثل جون إيستمان، وجيفري كلارك، ومايكل أنطون، الذين يفضلون إعادة تفسير الدستور لاستعادة ما يرون أنه "مبادئ تأسيسية".

كما لا ينكر تأثره الكبير بدعوة ستيف بانون، أحد أهم منظري اليمين الأميركي، إلى "تفكيك الدولة الإدارية"، ويرى فوت أن البيروقراطية الفدرالية غير خاضعة للمساءلة، ويسارية التوجه، وشديدة القوة.

0 تعليق