لماذا لا يكتفي المستثمرون من الذهب برغم ارتفاع أسعاره؟ - البطريق نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أسعار قياسية: تجاوزت العقود الآجلة للذهب مستوى 3900 دولار للأونصة في أكتوبر 2025، مدفوعة بالإغلاق الحكومي الأمريكي والمخاطر الاقتصادية. محركات رئيسية: شراء ضخم من البنوك المركزية لتقليل الاعتماد على الدولار، ضعف العملة الأمريكية، توقعات بخفض الفائدة، وإقبال قياسي على صناديق المؤشرات المتداولة. تحول في الدور: يرى الخبراء أن الذهب لم يعد مجرد "أصل عقيم" أو مخزن للقيمة، بل تحول إلى أداة استثمارية نشطة تحقق مكاسب رأسمالية ضخمة (+45% في 2025). توقعات مستقبلية: يرى محللون أن مسار الصعود قد يستمر ليتجاوز الذهب 4500 دولار في عام 2026 إذا استمرت العوامل الحالية.

في ظل اضطرابات سياسية واقتصادية عالمية، يواصل المستثمرون الاندفاع نحو الذهب بوتيرة غير مسبوقة، مما دفع أسعاره إلى مستويات تاريخية.

لم يعد المعدن الأصفر مجرد ملاذ آمن تقليدي، بل تحول في نظر الكثيرين إلى أداة استثمارية فعالة تحقق عوائد ضخمة، متحدياً بذلك آراء منتقديه مثل الملياردير وارن بافيت.

فما هي الأسباب العميقة وراء هذا الإقبال المحموم؟ وكيف تغير دور الذهب في المحافظ الاستثمارية؟

لماذا يُعتبر الذهب الملاذ الآمن تاريخياً؟

على مر العصور، اكتسب الذهب مكانته كملاذ آمن بفضل خصائصه الفريدة. فهو أصل مستقر، ويتمتع بسيولة عالية (سهولة البيع والشراء)، ويُنظر إليه كوسيلة تحوط فعالة ضد التضخم الذي يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملات.


وعادةً ما يتحرك الذهب بعكس اتجاه الدولار الأمريكي، مما يجعله أكثر جاذبية للمشترين من حاملي العملات الأخرى عندما تضعف العملة الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، يمتلك الذهب قيمة ثقافية متجذرة، خاصة في الهند والصين، أكبر أسواق المعدن في العالم، حيث تمتلك الأسر الهندية وحدها ما يقدر بـ 25,000 طن متري من الذهب.

ما هي المحركات الرئيسية للارتفاعات الحالية (2024-2025)؟

الارتفاعات الهائلة التي بدأت في 2024 وتسارعت في 2025 هي نتاج تضافر عدة عوامل قوية:

شراء البنوك المركزية: قادت البنوك المركزية، خاصة في الأسواق الناشئة، موجة شراء ضخمة تجاوزت 1000 طن سنوياً للعام الثالث على التوالي.

وجاء هذا التحرك بهدف تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي وتنويع الاحتياطيات، خاصة بعد تجميد الأصول الروسية الذي أبرز المخاطر السياسية للعملات الأجنبية.

ضعف الدولار وتوقعات الفائدة: هبط الدولار الأمريكي في منتصف سبتمبر إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من ثلاث سنوات، مما جعل الذهب أرخص للمستثمرين الأجانب.

كما أن خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي والضغوط المستمرة من إدارة ترامب لمزيد من التخفيضات، عزز جاذبية الذهب الذي لا يدر عائداً.

المخاطر السياسية والتجارية: أدت الحرب التجارية خلال ولاية الرئيس ترامب الثانية، والمخاوف من ارتفاع الدين الأمريكي، والقلق بشأن استقلالية الفيدرالي، إلى زيادة حالة عدم اليقين.

وجاء الإغلاق الحكومي الأمريكي في أكتوبر 2025 ليكون بمثابة الشرارة التي دفعت الأسعار فوق حاجز 3900 دولار.

الطلب الاستثماري: بحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ"، اتجه المستثمرون بكثافة نحو صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs)، حيث بلغ إجمالي حيازاتهم أعلى مستوى في ثلاث سنوات.

كيف تغيرت نظرة الخبراء للذهب؟

لطالما واجه الذهب انتقادات بأنه "أصل عقيم"، وهو الوصف الشهير لوارن بافيت، كونه لا يدر دخلاً دورياً مثل أرباح الأسهم أو فوائد السندات.

إلا أن الكاتبة رلى راشد توضح، في حديث لـ"اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن هذا الوصف لم يعد دقيقاً. فمع ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 45% في 2025 بعد زيادة بنسبة 27% في 2024، تحول الذهب من مجرد مخزن للقيمة إلى أداة استثمارية نشطة تحقق مكاسب رأسمالية كبيرة.

ويتفق معها المحلل الاقتصادي محمد سعد، الذي يرى أن "التوليفة النادرة" من العوامل الحالية جعلت النماذج التقليدية عاجزة عن التنبؤ بسرعة الصعود.

ويضيف أن المستثمرين لم يعودوا يكتفون من الذهب لأنه أصبح أداة لتحقيق نمو في رأس المال، متوقعاً أن يتجاوز سعره 4500 دولار في 2026.

ما الذي قد يوقف هذا الصعود؟

بعد هذه المسيرة الصعودية القوية، قد يشهد السوق بعض التصحيح لجني الأرباح. كما أن أي تطور إيجابي كبير، مثل اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا أو خفض كبير في التعريفات الجمركية، قد يضغط على الأسعار.

ولكن الخطر الأكبر يكمن في قيام البنوك المركزية بتقليص مشترياتها أو البدء بالبيع، وهو أمر لا توجد أي مؤشرات عليه حالياً، حيث يبدو التزامها بالشراء استراتيجياً وطويل الأمد.

هل هناك تحديات لامتلاك الذهب المادي؟

نعم، فامتلاك الذهب المادي ينطوي على تكاليف للتخزين والتأمين، بالإضافة إلى دفع رسوم إضافية فوق السعر الفوري عند الشراء.

ورغم ذلك، يبقى نقله سهلاً نسبياً، حيث يتم شحنه غالباً في عنابر الطائرات التجارية.

0 تعليق