يُحيي حزب الله اللبناني، اليوم السبت، الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أمينه العام سماحة السيد حسن نصر الله، في غارة جوية "إسرائيلية" مدمرة على حارة حريك فيالضاحية الجنوبية لبيروت.
وتأتي هذه الذكرى في وقت يجد فيه الحزب نفسه في أضعف حالاته منذ عقود؛ فبعد عام من الحرب التي حولت مساحات واسعة من لبنان إلى خراب، وفقدانه لقيادته وشريكه الإقليمي الأبرز، يواجه الحزب ضغوطاً غير مسبوقة لنزع سلاحه، ومستقبلاً يبدو أكثر غموضاً من أي وقت مضى.
الرجل الذي بنى "دولة داخل الدولة"
تولى حسن نصر الله قيادة حزب الله عام 1992 وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي.
وعلى مدى ثلاثة عقود، حول الحزب من "جماعة ظل" أسسها الحرس الثوري الإيراني، إلى القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذاً في لبنان، ورأس الحربة في "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة.
وبفضل شخصيته الكاريزمية وخطاباته النارية، اكتسب نصر الله شعبية واسعة في العالم العربي، خاصة بعد إعلانه "النصر الإلهي" في حرب عام 2006 مع كيان الاحتلال، وقيادته لانسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان عام 2000، منهياً احتلالاً دام 18 عاماً.
الضربة القاصمة: 27 سبتمبر 2024
في مساء يوم 27 سبتمبر 2024، وفي ذروة التصعيد على الجبهة الشمالية الذي بدأ غداة هجوم 7 أكتوبر 2023، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارة عنيفة بقنابل خارقة للتحصينات، استهدفت مقر القيادة المركزية لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، مما أدى إلى استشهاد نصر الله.
وقد أشعل اغتياله حرباً واسعة ومدمرة، شملت قصفاً جوياً عنيفاً وتوغلاً برياً للاحتلال في جنوب لبنان، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 4000 شخص، بينهم مئات الأطفال، وتدمير هائل في البنية التحتية.
عام من النكسات: من اغتيال صفير الدين إلى سقوط الأسد
لم تكن الضربة التي تلقاها الحزب باغتيال أمينه العام هي الوحيدة، بل تبعتها سلسلة من النكسات الاستراتيجية التي زادت من ضعفه وعزلته:
فراغ في القيادة: بعد أسابيع قليلة من اغتيال نصر الله، تمكن الاحتلال من اغتيال هاشم صفي الدين، الذي كان يُنظر إليه على أنه الخليفة المحتمل لنصر الله، مما خلق فراغاً قيادياً عميقاً.
سقوط الحليف السوري: في ديسمبر من العام الماضي، أطاحت المعارضة السورية بنظام الرئيس بشار الأسد، الحليف الاستراتيجي الأبرز لحزب الله، والذي قاتل الحزب لسنوات من أجل بقائه.
وبسقوطه، فقد الحزب عمقه الاستراتيجي وطرق إمداده الرئيسية من إيران.
حزب الله اليوم.. ضغوط لنزع السلاح ومستقبل غامض
واليوم، وبعد عام على اغتيال قائده، يجد حزب الله نفسه في موقف صعب. فهو منهك عسكرياً من حرب طويلة، ومعزول سياسياً بسقوط حليفه السوري، ويواجه ضغوطاً داخلية ودولية متزايدة لتطبيق القرارات الدولية وإلقاء سلاحه، وهو المطلب الذي لا يزال يرفضه بشدة.
وبينما يتجمع أنصاره اليوم لإحياء ذكرى قائدهم، فإنهم يفعلون ذلك في ظل واقع جديد ومختلف تماماً، حيث يبدو مستقبل الحزب ودوره في لبنان والمنطقة مفتوحاً على كل الاحتمالات.
0 تعليق